تجيء دعوة الملك عبد الله الثاني في خطاب العرش الى تنمية المحافظات، ادراكا منه بان التجاوب مع مطالب المعارضه الوطنيه، يقتضى التصدي لمعالجة الأسباب التي دفعتها للتحرك، وجعلت القاعده الأساسيه للولاء والانتماء التي تتركزفي المحافظات، تفرزتحركات شعبيه تطالب باصلاح النظام، الذي كانت لاترى فيه اي عيب، بل وتلوم كل من يعارضه لاي سبب كان .
المعارضه الشعبيه الجديده المنطلقة من المحافظات لايمكن لاحد تخوينها او التشكيك بانتمائها، مما يجعل لمطالبها دعما شعبيا بل ودوليا لايمكن التغاضي عنه . فهي تطالب بدولة ديمقراطيه مدنية حره، توفرليس الأمن والأمان لكل أبناء شعبها فقط، رغم اهمية ذلك، بل تضمن لهم ايضا، وليس لعائلات بعينها، العدالة، والحياة الكريمة، والعيش الكريم وتكافؤ الفرص .
ان دعوة الملك لتنمية المحافظات، هي بحد ذاتها تجاوب ملكي مشكور ومتوقع، مع مطالب الحراك الشعبي الاردني، الذي بدأ اصلا بالمحافظات، وانتقل بعدها الى عمان، ممايستدعي من الحراك والحكومه والبرلمان الاردني ، ان يعمل الجميع معا لتنمية المحافظات الاردنية وفق الرؤيا الملكيه التي تتفق مع الرؤيا الشعبيه، وان تتم مراقبة دقيقه لجميع روافد الانفاق العام، لتوفير المال الكافي لتنمية المحافظات، والحيلولة دون ان تحتكر العاصمه كل مقدرات الوطن و مكتسبات التنميه.
لقد دعت جميع خطابات العرش التي القاها الملك عبد الله الثاني وقبله المرحوم الملك الحسين، الى تنمية المحافظات، وتعزيز الشراكه بين القطاعين العام والخاص، واحداث تنمية اقتصادية حقيقية، تشمل جميع محافظات المملكة وتوزع مكتسبات التنمية على الجميع بالتساوي.
لكن ماحصل هو عكس ذلك تماما، مما دفع مدينة معان عام 1988 في عهد المملكه الثالثه، الى ان يكون لها السبق والفخر بقرع جرس الانذار بانتفاضه مباركه، تجاوب المرحوم الملك الحسين فورا مع مطالبها، فأقصى رئيس حكومته، واجرى انتخابات حره نزيهة غير مسبوقه وفريدة من نوعها، والغى الاحكام العرفيه ،واسست الاحزاب.
وحين بدات المسيرة الاردنية الحديثه بالانحراف عن مسارها في عهد المملكه الرابعه ، تحرك شباب منطقة ذيبان، والمتقاعدون العسكريون، وذلك قبل ان يحط الربيع العربي رحاله في تونس وما تبعها من دول .
وشهد الاردن الشعبي في الربيع العربي، تحركات شعبيه مؤيده لمطالب ذيبان والمتقاعدين العسكريين. وقد انتصرالملك لهذه المطالب وطلب من حكومته احداث التغيير الذي يريده الشعب . وحين شعر الشعب والملك بان التغيير قاصر عن تحقيق الاهداف الشعبيه تحرك الملك ثانيه في خطاب العرش الاخيرداعيا الى المزيد من التغيير مركزا على ضرورة تنمية المحافظات .
لكن السؤال الذي يطرحه الاردنيون اليوم هو: هل يتجاوب الاردن الرسمي فعلا مع الملك؟ وكيف يمكن تنمية المحافظات، من خلال تعزيز الشراكه بين القطاعين العام والخاص، في الوقت الذي تخلو هذه المحافظات من مشاريع كبرى حقيقيه، خلاف المشاريع التعدينيه، التي حبا الله الجنوب بها، واختطفها متنفذون في العاصمه . كما ان الشركات الكبرى التي تدير هذه المشاريع قد تضخمت وترهلت ولم يعد بها متسع حتى لموظفيها . فكيف يمكنها استيعاب الالاف من خريجي الجامعات في المحافظات .
ان الدولة الاردنية لم توفرالحد االادنى من متطلبات تنمية المحافظات، ويبدو انها لن تتمكن، لأن مابني على بطل هو باطل، مما يجعل من الصعوبة بمكان تنفيذ ارادة الملك والشعب بالتغيير الايجابي، مما يطرح علينا سؤالا كبيرا ..ماالعمل ؟؟
ان سكان ذيبان والقويره والكرك والطفيله ومعان والمفرق والاغوار وبوادي وارياف الوطن، لم يعد يثقون بالتصريحات الرسميه ، لتنمية محافظاتهم. لأن خريجي الجامعات من ابنائها مازالوا ينتظرون ان توفر لهم الدولة الاردنية العمل الذي يليق بشهاداتهم، كما ان الالاف من العاملين في المحافظات والعاصمه ينتظرون من الاردن الرسمي، تحسين اجورهم التي تقل احيانا عن خط الفقر الرسمي، ولا تصل الى نصف رواتب المحظيين العاملين في العديد من الهيئات الرسميه التي تكلف الدول خسائر سنوية تصل الى اكثر من مليار دينار اردني .كما انها تقل كثيرا عن رواتب البطانات المحيطة بكبار المسؤوليين، والذين تقول لنا الحكومات الاردنية المتعاقبه، انهم خبراء، وانهم يستحقون رواتبهم، في حين تؤكد مسيرة الدولة الاردنية، ان كل خططهم فشلت وان الاردن تراجع سياسيا واقتصاديا وتعليميا واداريا وحتى اجتماعيا .
المصدر : https://wp.me/p70vFa-3DN