لم تكن الخسارة الكبيرة لشركات الغزل والنسيج التابعة للشركة القابضة، والبالغة 3.2 مليار جنيه العام المالى الماضى مفاجأة.
فكل المتابعين يدركون أن الشركات بهذا الوضع تتجه إلى خط النهاية وبأسرع ما يمكن خاصة بعد تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الطاقة من غاز ووقود وكهرباء .
خسائر الشركات
فالشركات وفق نتائج العام المالى المنتهى فى 30-6-2016، حققت إيرادات نشاط بقيمة 2.7 مليار جنيه فقط بنسبة انخفاض 6.3% عن عام 2014-2015، وبلغ صافى الخسارة 3.2 مليار جنيه مقارنة بـ2.2 مليار جنيه، بنسبة زيادة 12.5% مقارنة بالعام المالى 2014-2015.
كما ان الشركات نفسها عاجزة عن تدبير الموارد المالية لدفع رواتب العاملين وتحصل على نحو 100 مليون جنيه شهريا من صندوق اعادة الهيكلة لسداد الأجور بما يعنى أنه لابد من نسف الروتين الذى عطل عملية تطويرها منذ سنتين.
بداية الخسارة كانت بسبب التقادم الكبير للآلات فى المصانع ، وبالتالى قلت الإنتاجية وقلت الجودة وضعفت المنافسة فى الداخل وفى الخارج ،مما ترتبت عليه ارتفاع نسب المخزون فى الشركات والمرتجعات وضعف القدرة على التسويق والمنافسة فى ظل الصراع الكبير مع دول شرق اسيا وتركيا .
أيضا نتيجة عدم ضخ أى استثمارات منذ عدة سنوات، والتزايد المستمر فى أجور العاملين، فضلًا عن الزيادات الأخيرة فى أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج.
هذا الصراع الذى قوبل بحزمة تحفيزية من الدول الاخرى ،قوبل بتجاهل تام من الحكومة التى وقفت ضد عمليات الهيكلة والحيلولة دون بيع اصول غير مستغلة لتمويل هيكلة الشركات.
والمترتب على ذلك أن الهيكلة التى كانت ستتكلف ما بين 3 إلى 5 مليارات جنيه قبل تحرير سعر الصرف باتت تحتاج الى أكثر من ضعف المبلغ حاليا مما يمثل عقبة جديدة أيضا حيال استكمال العملية.
خطة تطوير أمريكية بمليون دولار
مكتب وارنر الأمريكى الاستشارى، الذى أسندت له المهمة منذ نحو 12 شهرا وحصل بموجبها على مليون دولار، قارب على الانتهاء من دراساته المتعلقة بالتطوير ، وسيتم تسليم التقرير النهائى فى نهاية الشهر المقبل بحيث تبدأ الحكومة دراسته وبحث تنفيذه.
التقرير الأول ركز على شركتى ستيا بالاسكندرية وغزل دمياط بحيث يتم نقل المصانع للمناطق الصناعية والاستفادة من حصيلة بيع الاراضى الموجودة فى قلب الكتل السكنية بما يساهم فى تمويل عملية الهيكلة ، واصدر داسة لانشاء مصنع جينز الا ان تحرير سعر الصرف يتطلب اعادة النظر فيها ومنذ صدرت لم تتحرك الحكومة حيال تنفيذها ،لكن ما اسباب تعثر بيع الأراضى؟
أسباب ذلك ترجع الى البيروقراطية وعدم التنسق بين وزارت قطاع الأعمال والتخطيط والمالية ، لأن الاخيرة لها ديون كبيرة على الشركات، وايضا بنك الاستثمار القومى له ديون عليها ، والطرفان يطالبان باكثر من 70% من قيمة البيع لسداد الديون فى حين ان ال 30% الباقية لن تفى على الاطلاق إلا بدفع الرواتب فقط .
والحل المقترح هو سرعة حسم هذا الملف ،وبدون تباطؤ لعدم تحميل الدولة أعباء فوق اعبائها حيث تصل الديون المرحلة لشركات الغزل والنسيج لأكثر من 40 مليار جنيه ، والمقترح أن تحصل الشركة القابضة على 60% من اموال البيع للتطوير ماقل حصول بنك الاستثمار والمالية على الباقى لمدة تتراوح من 3 الى 5 سنوات يمكن بعدها استعادة الشركات لقوتها مرة اخرى من خلال المصانع الجديدة الاقل فى استهلاك الطاقة والاكثر انتاجية ب 14 مرة.
وأيضا فالحكومة مطالبة بعدة أمور منها زراعة كميات كافية من الأقطان الجيدة لا يقل عن 300 الف فدان وزراعة 100 الف فدان قطن قصير ومتوسط التيلة فى المناطق الجديدة ، مع احكام السيطرة على عمليات تهريب الاقمشة والغزول ورفع الجمارك وفق المعايير الدولية عليها ،اضافة الى اتباع سياسات مرنة فى اسعار الطاقة المقدمة للشركات.
المؤشرات المالية
ولعل المؤشرات المالية المستقلة للشركة القابضة واضحة وتؤكد الأزمة حيث كشفت ارتفاع الإيرادات لتبلغ نحو 39.6 مليون جنيه بنسبة نمو 31.5% عن العام المالى 2014-2015، فيما بلغ صافى الخسارة نحو 142 مليون جنيه بنسبة زيادة 11% عن عام 2014-2015.
أما بالنسبة لنتائج أعمال الشركات التابعة ـ وعددها 32 شركة ـ فقد زادت ربحية 4 شركات، وتحولت شركة واحدة من الخسارة إلى الربحية، فيما قلت ربحية شركتين، وتراجعت خسائر شركة واحدة، بينما تحولت شركتين من الربحية إلى الخسارة، وزادت خسائر 22 شركة أخرى.
وبلغت إيرادات نشاط الشركات التابعة 2.7 مليار جنيه بنسبة انخفاض 8.3% عن عام 2014-2015، وحققت صافى خسائر بحوالى 3 مليارات جنيه بنسبة زيادة 12.7% عن العام المالى 2014-2015.
لا يبقى إلا أن يحمل الدكتور أشرف الشرقاوى وزير قطاع الأعمال ملف الغزل والنسيج ليضعه أمام الرئيس حتى لا يظل مدرجا لسنوات فى أروقة الحكومة دون رد فعل لانقاذ الصناعة المنهارة.