لتعزيز دوافع موظفيك لنيل الأفضل منهم، ومن أجل رفع معدلات أدائهم الوظيفي، وعونهم على تقديم المزيد داخل الكيان المؤسسي العاملين فيه، فمن الأفضل أن تتبع منهجية منح المكافآت والجوائز أو العقوبات الغير متوقعة ضمنية كانت أو ملموسة لما لها من دور تحفيزي أقوى من المردود الفعلي الطبيعي.
خطة تحفيزية من طراز فريد
في الفيلم الأمريكي “جلينجارى جلين روز”، إنتاج عام 1992، أدى النجم الشهير “أليك بالدوين” دور الرئيس التنفيذي لإحدى شركات العقارات والذي تقدم بخطة تحفيزية فريدة من نوعها لثلاثة من العاملين في مجال العقارات ويعانون من الحظ السيئ في عملهم.
منافسة فيما بينهم في سياق جديد ومختلف حيث أخبرهم الرئيس التنفيذي قائلاً “دعونا نرى من منكم سيتمكن من إحضار مبيعات أكثر” وأضاف بقوله “إن الجائزة الأولى عبارة عن سيارة كاديلاك الدورادو”، “أما الجائزة الثانية فإنها مجموعة من السكاكين الحادة”، “في حين ستكون الجائزة الثالثة هي: أنت مطرود”. وقد تبدو الطريقة التحفيزية التي تم اتباعها مع الموظفين أو أبطال الفيلم مبالغ فيها قليلاً، إلا أن الشركات تطبق غالباً ما يسمي بمبدأ “المنافسات لتحقيق البطولات” والتي تستند إلى الأداء النسبي طوال الوقت لتحفيز العاملين لديها، وذلك بحسب ما ذكرته سوزانا جاللاني الأستاذ المساعد في إدارة الأعمال بجامعة هارفارد الأمريكية.
المعنى الحقيقي للتحول الرقمي.. زيادة المرونة في التعاملات
أي نوع من المكافآت قد يشجع الموظفين
بعنوان “الموضوعية في الدورات: المكافآت الضمنية والعقوبات في الأداء اللاحق” كتبت طالبة الدكتوراة، وى كاى، في مشروع بحثي جديد أنها وجدت أن من شأن تلك التصورات أن تساعد على تقديم المزيد في كيفية رفع أداء وكفاءة الموظفين أكثر من العواقب الفعلية المباشرة التي يتلقونها على ضوء أدائهم الوظيفي سواء بالسلب كان أو الإيجاب.
لآليات التحفيز أشكال عدة سواء كانت مكافآت أو ممارسات عقابية ملموسة، كعقد مقارنات بين أداء موظف مقابل آخرين، أو وضع أحد الموظفين تحت ضغط من قبل قرنائه بالعمل لأداء دور المسئول عن المجموعة الأكبر. ومن شأن تلك الأساليب التشجيعية أن تؤدى إلى توقعات بنتائج مستقبلية مقبولة لما لها من دور مؤثر على القرارات الفردية للعاملين.
“إذا عملت بجد سأحصل على مكافأة، أو سأنال التقدير والاحترام الكبيرين من جانب قرنائي بالعمل، أو ربما أستمع لكلمات توكيدية على أنني موظف جيد”. هذا ما قالته الأستاذ المساعد جاللانى في توضيحها لإمكانية وضع الاختيارات تحسباً لما ستكون عليه عواقب تلك الاختيارات، ولما لها من دور في رفع سقف مستويات الجهد المطلوب تحققها في موظفي أي كيان مؤسسي.
تكون أو لا تكون
في بعض الأحيان تقوم آلية التشجيع على أسلوب النصر والخسارة بين فريق وآخر، ويعد منحنى حيوي، ولكن رغم دوره المهم في تشجيع العاملين على بذل المجهود وتحقيق مستويات عليا من الأداء الوظيفي إلا أنه أيضاً قد يواجه مؤيدو ذلك الأسلوب مخاطر محتملة في سوء التقدير، حيث تستند هذه المنهجية على تدابير موضوعية بحتة،. حيث لا يوضع في الاعتبار الظروف الخارجة عن نطاق سيطرة العاملين كالطوارئ أو عطل مفاجئ في إحدى الماكينات، أو أن أحدهم لازال مبتدئاً وفي مرحلة التعلم.
هذا وتترجم آلية التشجيع على أسلوب النصر والخسارة إلى تأهيل نحو 20% من الأداء الوظيفي الجيد للزيادات والعروض الترويجية، بينما يواجه حوالي 10% من أصحاب الأداء الوظيفي الهابط مخاطر بخفض رواتبهم أو الطرد من العمل. وهناك الكثير من المصانع والكيانات المؤسسية تطبق تلك النوعية من الأنظمة التحفيزية كشركات الاستثمار المصرفي، والاستشارات القانونية وغيرها، بالإضافة إلى الأوساط الأكاديمية.
مابين موضوعية المعايير والتحيز
بالرغم من أن للموضوعية تأثير قوي في تحسن دقة تقييم الأداء، إلا أنها تفتح الباب أيضاً للتحيز، كما تقول الأستاذة الأكاديمية جاللانى، موضحة إلى “أنه من الممكن أن لا يتقبل مسئول العمل بعض المرؤوسين لديه، وبالتالي يتعامل بتحيز ضدهم عن قصد أو بدون وعي منه”، وأضافت “جاللانى” قائلة “إنه سواء كان هذا التحيز موجودًا أم لا ، فإن ميل البشر للبحث عن شخص لإلقاء اللوم عليه يجعل الموظفون يعتقدون أن التحيز موجود”.
ما يجعل أي شركة تتسم بالمثالية تلك التي تحرص على نشر الدرجات الشهرية بموضوعية لكل قسم جنباً إلى جنب مع قائمة الفائزين والخاسرين الفعليين. مما يثير انتباه وحرص العاملين بالأقسام كافة على المعرفة والتدقيق في أسباب فروقات النتائج بين بعضهم البعض.
أحياناً، يعتقد بعض الموظفين أنهم يستحقون المكافأة لكنهم لم يحصلوا عليها، وفى الواقع، ينال أصحاب هذه الخصائص على عقوبات ضمنية، بينما حينما يعتقد الموظفون أنه من المحتمل معاقبتهم ولم يحدث ذلك، فإنهم ممن يحصلوا على مكافآت ضمنية.
هذا وقد أثبتت الدراسات أنه عندما يحصل الموظفون على المكافآت والجوائز سواء كانت ملموسة أو ضمنية، فإن رغبتهم في تقديم المزيد من الإنتاجية يتضاعف عن ما سبق بكثير. وفى المقابل، يميلون بعض الموظفين المعاقبين الذين لم ينالوا ما توقعوه إلى أن يكونوا أقل إنتاجية.
في كلمات مختصرة، نرى أن الشعور بنيل مكافأة أو عقاب غير متوقع أمر غاية في التأثير و دافع قوي لتحفيز وتشجيع موظفي أي شركة أو أي كيان مؤسسي كبير، ويفوق كثيراً أسلوب العقاب أو المكافأة الفعلية و المستحقة بشكل مباشر، والذي من شأنه أن يفتح المجال أيضاً إلى تفسير هذه النتائج بين الزملاء وترجمتها إلى فعل تحيزي لطرف دون آخر من قبل رؤسائهم.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-pWH