في حالة بداية انتهاء فترة رئاسية أولى، لا شيء يضاهي أهمية تأمين فترة أخرى. في حالة أوباما هناك حافز إضافي يدفعه لإعادة ترشيح نفسه: الرئيس يعتقد أن الاقتصاد الأمريكي سينتعش مرة أخرى على مدار الأعوام الأربعة المقبلة، ولا يمكنه السماح بفكرة حصد ميت رومني لهذا الشرف.
دافع الرئيس باراك أوباما مفهوماً للغاية. أما رومني فحتى وإن كانت الانتعاشة الاقتصادية التي ستصادف مدة رئاسته الأولى ليست بفضل جهده، فسيتم التسويق لها بسهولة على أنها “ازدهار رومني”.
لكن حتى لو – كما يتوقع العديد – نجح أوباما في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر)، عليه أن يَحذر من وجود اعتقاد متزايد لدى الأمريكيين بأن هناك نهضة صناعية وشيكة الحدوث.
جل هذا الاعتقاد مبني على الأمل. انتعاش الاقتصاد الأمريكي الشاحب – ومرة أخرى المتراجع- في عامه الرابع بالفعل. طول دورة العمل النموذجية نحو سبعة أعوام. تلك المرحلة تتطلب تفاؤلاً في الاعتقاد أن المريض على وشك النهوض وممارسة رياضة العدو.
ها هو الوضع بالنسبة للازدهار الصناعي القادم في أمريكا. أولاً، الولايات المتحدة على أعتاب كسب مفاجئ للطاقة سيزيد من جاذبيتها كمكان لمباشرة الأعمال فيه.
إضافة إلى صدمة الاكتشاف لإمدادات الطاقة، التي ستقلل من نفقة الطاقة وتزود العديد من مخزون أنواعٍ عدة من الإنتاج، فنفقة العمالة في أمريكا تزداد جاذبيتها مقارنة بتضخم الأجور في الصين والاقتصادات في أسواق صاعدة أخرى.
طبقاً لشركة بوسطن الاستشارية يمكن للولايات المتحدة أن تحقق ما بين مليونين إلى خمسة ملايين وظيفة صناعية جديدة ما بين وقتنا هذا وعام 2020. ومن شأن هذا أن يعوض ما بين ثلث إلى ثلاثة أرباع ما خسرته في العقد الماضي.
على رأس هذا سوق الإسكان الأمريكي الذي بدأ في الصعود أخيراً، ومن المرجح أن يصبح مرة أخرى زيادة صافية في النمو الأمريكي. أخيراً كما قال روجر آلتمان لصحيفة فاينانشيال تايمز، يمكن لواشنطن أن تدهش الجميع من خلال تفادي الهاوية، وإيجاد صفقة مالية من شأنها أن تشعل الروح الأمريكية المتحمسة.
معظم هذا لا جدال فيه؛ الولايات المتحدة مقبلة بشكلٍ جيد على عهدٍ جديد من وفرة الطاقة. التقدير بشأن تأثيرها يراوح بين متوسط الإيجابية إلى شيء كبيرٍ للغاية. الكثير منه مرجح أيضاً: سيتطلب الأمر صدمة كبيرة لدفع سوق الإسكان الأمريكي للعودة مرة أخرى إلى الهبوط.
بعض منها بدرجة أقل: ستكون مفاجأة إذا ما توصل الكونجرس إلى صفقة مالية ذكية في الأشهر المقبلة. هي يجب أن “تنقطع حمى” الجمهوريين – كما يصفها بعض الديمقراطيين توقعهم لتغير مشاعر الديمقراطيين – بالتأكيد سيحاولون إكساب الاقتصاد صدمة إيجابية. كل من وكالتي موديز وستاندارد آند بورز أكبر وكالتين للتصنيف الائتماني، يرى الخطر السياسي كأكبر شيء يعرض أمريكا للخطر.
إلا أنه من الصعب التحمس حيال انتعاشة مبنية على الكثير من الافتراضات والتحفظات. حتى وإن ثبت صحة أشد التوقعات تفاؤلاً، فإنها مبنية على افتراضات واقعية. الأول أن الازدهار سيبنى على أساس التدهور المستمر في نفقات وحدة العمالة الأمريكية. طبقاً لشركة بوسطن الاستشارية، بحلول عام 2016 ستقل الفجوة مع الصين لسبعة سنتات في الساعة فقط. لن تكون هذه وظائف عالية التقنية المستقبلية أو وظائف الطبقة المتوسطة الذهبية في الماضي.
زيادة إنتاجية العمالة الأمريكية ستلعب دورها. وكذلك الأمر بالنسبة لانخفاض الأجور في الولايات المتحدة. الدفع بالساعة في نظام توظيف “الطبقتين” (الذي يتلقى فيه مجموعة من العمال أجراً وخدمات اجتماعية عمالية أقل من الأخرى) في مصانع تجميع السيارات في الولايات المتحدة هو بالكاد نصف ما يماثله في المستوى الأصلي (مع وجود جزءً من الفوائد). لا يوجد شيء من ذلك سيغير من حسابات مصنعي التقنيات العالية، مثل أشباه الموصلات وأنظمة التحكم في الإنسان الآلي. في مصنع نموذجي لشركة إنتل سواء ما كان في الصين أو أمريكا، تبلغ تكاليف العمل عُشر النفقات العامة فقط. معدلات الضرائب والدخول في السوق وتكلفة الأرض هي عوامل أهم بكثير.
ثانياً، اضمحلال الطبقة الوسطى في أمريكا – لا يزال يوصف ذوقياً بأنه ركود متوسطي الدخل بدلاً من “تدهور” – يتسارع بدلاً من أن يتباطأ. طبقاً لمركز تعداد الولايات المتحدة “يو إس سينساس” الأسبوع الماضي، سكان البيوت من الطبقة المتوسطة أفقر بـ 4.8 في المائة الآن أكثر من بداية التعافي في عام 2009.
هبط دخل متوسطي الدخل لمستوى عصر ما قبل الإنترنت في عام 1993. كل مكاسب سنوات كلينتون تمت خسارتها. التدهور في السنوات الثلاث الماضية تبعه هبوط بنسبة 3.2 في المائة خلال الكساد المالي الأخير، والذي تبعه هو نفسه انكماش ما بين دورة عامي 2000-2007. ولكونهم بعيدين عن النمو المبني على التوسع الخارجي، فإن تدهور الطبقة الوسطى في أمريكا يزداد سوءاً. سيُتذكر خلال الأيام القادمة بشكلٍ رئيس قرار رومني الوقوف إلى جانب تعليقاته المسيئة على الـ 47 في المائة من الأمريكيين، الذين لا يدفعون أية ضرائب فيدرالية على الدخل. وسيتم تذكرها أيضاً إصداره ملف عائده الضريبي كاملاً لعام 2011، والذي أظهر أن مدير شركة “بين كابيتال” الأسبق يدفع معدل إجمالي أقل من الخمس الأفقر من الأمريكيين. في عهد انعدام الأمن الاقتصادي أضر رومني بحملته الاقتصادية. أهو سياسيٌ أفضل، رومني كان ليحصل على تقريرً أخيراً هذا الشهر يظهر هبوطاً حاداً في تنافسية الولايات المتحدة. في عام 2007 صنفت الولايات المتحدة على أنها الأولى من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي الذي نشر التقرير.
بحلول عام 2011 هبطت إلى المستوى الخامس. وهذا العام هبطت إلى السابعة. والجاني الرئيس هو سوء الإدارة وعدم استقرار الاقتصاد الكلي وتدهور البنية التحتية. هنا أيضاً تتجه ميول الأمريكيين إلى الطريق الخاطئ.
هل لا يزال عليه إحراز النصر؟ خطط رومني الضريبية سترجح كفة النظام المالي أكبر بكثير إلى جانب الأثرياء. يقول رومني، لو أن أوباما “يعمل على إعادة التوزيع” فمن الواضح أنه ليس فعالاً بما يكفي.
أياً كان من سينجح في انتخابات 2012، يمكن للولايات المتحدة أن تعتمد على ازدهار مؤكد في مجال الطاقة – في الواقع إنها قادمة في طريقها بالفعل. معظم الباقي يبدو أنه سيكون إما دعاية أو أملاً.