كيف علّق الإسـرائيليون على تلويح عباس بحل السلطة؟!

admin
مقالات
admin21 أبريل 2014آخر تحديث : منذ 11 سنة
كيف علّق الإسـرائيليون على تلويح عباس بحل السلطة؟!

ياسر الزعاترةست هذه المرة الأولى التي يلوّح فيها قادة السلطة بحلها، إن كان مباشرة من محمود عباس، أم من خلال مفاوضيه والناطقين باسمه وباسم فتح، لكنها فرصة لنقرأ ردة الفعل الإسرائيلية على التلويح الأخير الذي ورد بشكل غير مباشر في حوار لعباس مع صحيفة “المصري اليوم”، وبشكل شبه مباشر أثناء لقاء له مع أعضاء كنيست من اليسار قبل أيام، حيث قال: “أنا لا أحتاج بنيامين نتنياهو، أنا لا أحتاج أيضا رئيس الأركان، أرسلوا لي ضابطا صغيرا فأسلمه مفاتيح السلطة، خذ، وفي غضون ساعة أكون في الخارج”!!
وجهة النظر المستخفة بالتهديد جاءت على لسان نائب وزير الخارجية الإسرائيلي (زئيف ألكين)، والذي قال إن “القيادة الفلسطينية تنغمس في ملذات السلطة”، وأن “تحذيراتها بإعادة السلطة الكاملة على الضفة الغربية إلى إسرائيل لا أساس لها”. والتصريح للعلم تنويع على تصريحات كثيرة بنفس الروحية كررها آخرون سابقا في معرض الرد على ذات التهديد.
ردة الفعل الإسرائيلية الأخرى هي تلك التي تحذر من كارثة ستقع في حال تنفيذ التهديد، والتي تذكرنا بمصطلح “السيناريو الكابوس” في وصف الخطوة، والذي أطلقه الكاتب يهودا ليطاني قبل 12 عاما، وهو المصطلح الذي يقابل مصطلح “الاحتلال الديلوكس”، لكاتب آخر، أو “الاختراع العبقري المسمى سلطة فلسطينية”، للكاتب عكيفا الدار.
أمس الأحد، قال تقرير في يديعوت أحرونوت إن عباس “يفكر بتنفيذ خطوة دراماتيكية تغير وجه الشرق الأوسط (لاحظوا التعبير، وهو ليس مبالغة كبيرة)، ومن شأنها أن تورط إسرائيل”. وأضافت إن معنى “هذه الخطوة هي إلغاء اتفاقات اوسلو، وإلغاء مكانة السلطة الفلسطينية كصلاحية ذات سيادة. في مثل هذا الوضع ستكف السلطة عن الوجود، تتوقف عن توفير الخدمات للسكان، وهكذا تنتقل كامل المسؤولية عن السكان الفلسطينيين إلى إسرائيل. وسيضطر الفلسطينيون، إذا ما اتخذوا بالفعل مثل هذه الخطوة، إلى حل كل أجهزة الأمن الخاصة بهم ونزع سلاحها”.
لكن المحلل السياسي والأمني المعروف ناحوم برنياع كان يضع النقاط على الحروف بشكل أكثر وضوحا فيما يتصل بتداعيات خطوة من هذا النوع، وذلك في كلام يستحق التوقف، مع أن ليس جديدا بطبيعة الحال، وكان مقاله أمس الأحد أيضا بعنوان “ورقة اللعب الأخيرة”.
وفيما يصف برنياع الخطوة بأنها “انتحار بالقرب من بيتنا”، فهو يفصل فيما سيترتب عليها بالقول “إذا نفذ الفلسطينيون تهديدهم، فستكون لذلك نتائج دراماتيكية. في الجانب الفلسطيني ستحل السلطة وكل أجهزتها الأمنية، ولا يتلقى 40 ألف عامل أجورا بعد ذلك. ومن شبه المؤكد أن قيادتها السياسية العليا ستنشئ حكومة في المنفى تحت علم م.ت.ف. وسيضطر الجيش الإسرائيلي إلى أن يجد طريقة لملء مكان السلطة عبر إنشاء شرطة والاهتمام بالتربية والصحة والماء والصرف الصحي. وسيكف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اللذان يحولان اليوم أكثر من ملياري دولار إلى السلطة سنويا عن المنح. وستضطر حكومة إسرائيل إلى سد العجز، لكن ذلك سيكون فقط جزءا من النفقة المالية المطلوبة. يُقدر حساب حذر أُجري نهاية الأسبوع النفقة الإسرائيلية في السنة الأولى على الأقل من الاحتلال الجديد بعشرات مليارات الشواكل (الدولار يساوي 3.5 شيكل). فليس من السهل الإنفاق على مليونين ونصف المليون نسمة دون صناعة حقيقية ودون جهاز اقتصادي”.
يضيف برنياع قائلا “إن النفقة المالية هي الجزء السهل، لأن تفجير المحادثات قد يفضي إلى موجة عنف جديدة بتشجيع حماس التي ستحاول ملء الفراغ (سيكون استنزاف جنود العدو وموظفي إدارته المدنية سهلا بوجودهم داخل تجمعات السكان، وهذا هو البعد الأهم). وستواجه إسرائيل وضعا دوليا وقانونيا جديدا لأن كل بيت سيبنى في شرقي القدس والمناطق سيعتبر عملا غير قانوني بحسب وثيقة جنيف الرابعة. وهذا يعني مقاطعة تتسع مع إسرائيل كلها، وانكشافا لكل مسؤول إسرائيلي كبير: وزير أو جنرال مكلف أو متقاعد بأن يُعتقل في كل مطار في الغرب”.
نستعرض ذلك كله، ونحن غير مقتنعين البتة بجدية التهديد (كم مرة تكرر منذ 12 عاما، ومن سيأخذه على محمل الجد؟!)، ولكننا نفعل ذلك؛ أولا للتذكير بكارثة أوسلو التي تحصد قضية فلسطين ثمارها المرّة، وثانيا للتأكيد بأن من يهددون إنما يؤكدون بأن وجود تلك السلطة يشكل مصلحة للاحتلال قبل أي شيء، وإن كان حلها يحتاج إلى تفصيلات وترتيبات ليس هذا مجال الخوض فيها، لأنهم غير جادين أصلا حتى في إعادة النظر في دورها، فضلا عن حلها.
هذا هو المشروع الذي تدافع عنه حركة فتح، وبقايا منظمة التحرير، بينما تورطت حماس بدخول انتخابات تشريعية في ظله، فكانت هذه الحالة من التيه التي تعيشها القضية، ولن يضع حدا لها غير انتفاضة جديدة تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.