في الوقت الذي تتجه فيه دول الخليج نحو إصلاحات تدريجية، تمهد للتخفيف من حدة تأثير أزمة النفط الحالية وتنامي حجم الإنفاق العام على دعم الطاقة، بدأت دول المنطقة بإدخال سياسات اقتصادية جديدة تشمل بعض الإصلاحات في دعم الطاقة وتطبيق التعرفة الجديدة للماء والكهرباء، والتي من المتوقع أن تسهم بشكل إيجابي على نمو اقتصاديات المنطقة على المدى البعيد، رغم ما قد تحمله من مخاطر على المدى القصير، بحسب تقرير حديث صادر عن وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني.
وكشف تقرير موديز أن المخاطر التي قد تواجه قطاع المرافق العامة على المدى القصير قد تكون في عدم قدرة شركات المياه والكهرباء من تحمل ارتفاع تكاليف التمويل والاقراض في المستقبل في حال أصبحت قدرات تمويل البنوك مقيدة وغير مرنة، لأن غالبية سيولة بنوك الخليج موجهة لدعم اقراض الصناديق السيادية للدول الخليجية بهدف مجابهة العجز في ميزانياتها. وأضاف التقرير أن السياسات الاقتصادية الجديدة التي تعتمدها دول الخليج في دعم ملائتها المالية وخفض عجز الميزانية، قد تسهم بشكل غير مباشر في التأثير السلبي على قدرات البنوك التمويلية وبالتالي على القطاع، بالرغم من أن هذا السيناريو مستبعد في هذه المرحلة.
وشرعت دول الخليج في تخفيض الدعم المخصص للطاقة والمياه لتخفيف العبء المالي على ميزانياتها منذ بداية عام 2015، حيث رفعت إمارة أبوظبي تعرفة المياه والكهرباء بـ40% في يناير، وتبعه ارتفاع أسعار البترول ليعكس أسعار البترول الدولية في أغسطس، وتبعت قطر هذا الاتجاه عندما رفعت أسعار الكهرباء في سبتمبر 2015، والبترول بـ30% في يناير 2016. فيما رفعت السعودية أسعار البترول بـ50% بداية يناير ليكون عند 0.90 هللة للتر، ورفعت الغاز بـ70% إلى 1.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية، أسعار المياه بـ50% والكهرباء بـ66% على المنشآت الحكومية والأفراد ذوي الاستهلاك المرتفع للطاقة.
ورجحت موديز أن تسهم سياسيات خفض الدعم من تحسين أداء الكفاءة التشغيلية لشركات الطاقة وتقليل الخسائر وهدر المال العام، بالإضافة لقدرتها على ضبط معدلات استهلاك الطاقة في أوقات الذروة وارتفاع الحرارة، حيث قدرت هيئة تنظيم الكهرباء في عُمان انخفاضاً في النفقات إلى 11.6% في 2014 بالمقارنة مع 24.6% في 2004، فيما تهدف للوصول إلى 9% بحلول عام 2017.
من جهة أخرى، حققت هيئة تنظيم الكهرباء والانتاج المزدوج في السعودية قفزات عديدة في الحد من إهدار الطاقة، حيث تتوقع الهيئة تحقيق وفورات مالية بحدود 100 مليار ريال، ما يعادل 26.7 مليار دولار، مقابل تكلفة قدرها 12 مليار ريال، ما يعادل 3.2 مليار دولار لتطبيق تقنيات حديثة للترشيد، والتي ستساعد جلها بتحسين إدارة رأس المال وتطوير مشاركة القطاع الخاص بشكل فاعل في مشاريع حيوية.