الانتباه أداه عقلية فعالة وقوية من شأنها خلق السلوك وأيضاً تشكيل الأفكار والخبرات المختلفة؛ ويقال إن انتباهك يحدد الخبرات التي تحصل عليها، والتي بدورها تحدد الحياة التي تعيشها، مما يعني أنه من الضروري أن تتمكن من التحكم في انتباهك، وهو ما يعرف باسم “إدارة الانتباه”، من أجل السيطرة على حياتك.
إدارة الانتباه:
من المهم بالنسبة إلينا العمل على تعزيز مهارتنا في إدارة الانتباه، وذلك كي نتمكن من التعامل مع القلق والتوتر بشكل أفضل، وأيضاً لكي نكون منتجين باستمرار.
ويمكن تعريف عملية إدارة الانتباه بأنها التحكم في الإلهاءات وزيادة التركيز، بحيث يكون في إمكانك إطلاق العنان لعبقريتك، وهي تتمثل في القدرة على إدراك الأمور التي من شأنها أن تسرق انتباهك أو التي من المحتمل أن تشتت الانتباه، والتركيز بدلاً من ذلك على الأنشطة أو المهام التي تختارها.
أي أنه بدلاً من السماح لمصادر الإلهاء بأن تشتت انتباهك، فإنك تختار الأمور التي توجه إليها تركيزك في أي لحظة، وذلك بناءً على فهم لأهدافك وأولوياتك.
وتجدر الإشارة إلى أن إدارة الانتباه بشكل أفضل تؤدي إلى تحسين الإنتاجية؛ وبصفة عامة فإن هذه العملية تتعلق باستعادة السيطرة على وقتك وعلى أولوياتك.
الطموحات مقابل الخبرات:
من المؤكد أن كل فرد منا لديه طموحات يرغب في تحقيقها وخبرات يأمل في اكتسابها سواء في عمله أو في حياته بشكل عام، لكن في حال ظل انتباهك يتشتت عما ترغب في تحقيقه، وكانت أمور روتينية مثل الرسائل الإلكترونية أو الاجتماعات تستهلك جزءاً كبيراً من وقتك، فإنه من الممكن أن تمر أسابيع أو حتى أشهر وتجد بعد ذلك أن حياتك أصبحت حافلة بالخبرات التي لم تكن ترغب حقاً في الحصول عليها.
الجدير بالذكر أن الفرد غالباً ما يكون مضطراً للتعامل مع الصراع بين أهدافه وقيمه وبين الإلهاءات التي يمكن أن تشتت انتباهه، خاصة وأننا في الوقت الحالي نعيش في عالم حافل بمصادر الإلهاء مثل الهواتف المتصلة بالإنترنت وغيرها من الأجهزة الإلكترونية التي نحملها معنا دائماً، والتي قد تشتت انتباهنا عن المهام الأكثر أهمية بالنسبة لنا.
كيفية اختيار الأمور التي تنتبه إليها:
ممارسة إدارة الانتباه تعني بشكل عام مقاومة الإلهاءات وخلق فرص على مدار اليوم من أجل دعم أولوياتك؛ ومن أجل تحقيق ذلك عليك أولاً التحكم في العوامل الخارجية، وذلك من خلال:
– التحكم في الوسائل التكنولوجية التي تستخدمها:
عليك أن تتذكر أن الهدف من مثل هذه الأجهزة هو خدمتك، ويمكنك أن تتخذ قراراً بإيقاف إشعارات البريد الإلكتروني الخاص بك وكذلك إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي التي من شأنها أن تسرق انتباهك، وهو ما يتيح لك فرصة التركيز على المهام والأنشطة التي تختارها، لذا يفضل تحويل الهاتف إلى الوضع الصامت وتركه بعيداً عن الأنظار كلما كان ذلك ممكناً، وخاصة أثناء العمل.
– التحكم في البيئة المحيطة بك:
من الضروري أن تحرص قدر الإمكان على وضع حدود مع الآخرين لتجنب تشتت انتباهك عن عملك، وخاصة إذا كنت تعمل في مكتب مفتوح، فمثلاً يمكنك استخدام سماعات الأذن أو وضع لافتة “عدم الإزعاج” عندما تكون في حاجة إلى التركيز.
وإذا لم ينجح ذلك يمكنك أن تحاول الانتقال إلى جزء آخر من المكتب أو حتى إلى طابق مختلف من المبنى الذي تعمل به.
والجدير بالذكر أن هناك حقيقة تم التغاضي عنها، وهي أن الإنتاجية في العمل تتأثر ليس فقط بسبب تشتت الانتباه جراء الإلهاءات الخارجية، لكن أيضاً نظراً لأن عقولنا قد تصبح مصدراً للإلهاء في حد ذاتها في ظل بيئة العمل التنافسية الموجودة اليوم.
لذلك يجب عليك أيضاً تعلم كيفية التحكم في العوامل الداخلية وذلك من خلال الخطوات التالية:
– التحكم في سلوكك:
عندما ترغب في التركيز بشكل كامل على أحد مهام عملك، فيمكنك في هذه الحالة، وبعد وضع لافتة “عدم الإزعاج” والابتعاد قليلاً عن الوسائل التكنولوجية التي يمكن أن تكون مصدراً للإلهاء بالنسبة لك، أن تقوم بفتح نافذة واحدة على شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص بك، والتركيز بشكل كامل على مهمة محددة حتى الانتهاء منها أو حتى نقطة توقف معينة.
ويمكنك الحصول على فترات راحة على مدار اليوم، تبتعد خلالها عن جهاز الكمبيوتر.
ويفضل أيضاً الابتعاد تماماً عن الوسائل التكنولوجية لمدة ساعة على الأقل كلما كان ذلك ممكناً بالنسبة لك، ويمكنك تجربة القيام بهذه الخطوة لمدة 15 أو 20 دقيقة أولاً حتى تعتاد على الأمر، خاصة وأنه قد لا يكون سهلاً في البداية كون مثل هذه الوسائل والأجهزة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
– التحكم في أفكارك:
بالنسبة للكثيرين منا، يعد ذلك الأمر صعباً، خاصة وأنه من الممكن أن يتشتت انتباهنا في بعض الأحيان ونبدأ في التفكير في أمور أخرى قد لا تكون مهمة بالنسبة لنا في هذه اللحظة، ولذلك فمن الضروري الانتباه جيداً لذلك الأمر، والعمل على توجيه الانتباه إلى الأمور التي نريدها، فمثلاً إذا بدأت التفكير في مهمة ما أثناء أداء عمل آخر، فيمكنك تدوينها والعودة إليها مرة أخرى، وتستطيع القيام بالأمر ذاته مع المعلومات التي ترغب في البحث عنها عبر الإنترنت.
يشار إلى أن ممارسة إدارة الانتباه لن تقضي على الإلهاءات التي قد تؤثر على تركيزك على مدار اليوم، لكن عندما تبدأ في معرفة متى يتشتت انتباهك وتعمل على السيطرة على ذلك وتوجيه تركيزك إلى الأمور التي تريدها من خلال العادات المذكورة أعلاه، فسوف تبدأ في استعادة حياتك وتكريس المزيد من جهدك للأمور التي تهمك حقاً.