مجلة مال واعمال

كيف تحافظ السياحة الخليجية على قدرتها التنافسية عالمياً؟

-

frgthj

تتمتع دول الخليج بمقومات سياحية عديدة، منها الموقع الحيوي وتنوع التضاريس، وعناصر الحداثة العمرانية، وشواهد التاريخ العريقة، ما دفع حكومات الخليج لتنشيط حركة الاستثمار في المشاريع السياحية.

وشكلت السياحة أحد أهم القطاعات التي ساهمت في النشاط الاقتصادي والنمو المتسارع ضمن القطاعات الخدمية ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة، كما حافظت على وتيرة ارتفاع النشاط العقاري منذ العام 2000 وحتى اللحظة.

وحافظ القطاع الفندقي والسياحي على تماسكه وقدرته للتكيّف مع عوامل الضغط والتراجع، بل على العكس أظهر تسارعاً بمعدلات النمو، ورفع مساهمته في إجمالي الناتج المحلي لدى دول “مجلس التعاون الخليجي” خصوصاً، ودول منطقة الشرق الأوسط عموماً.

وتتراوح مساهمة السياحة الخليجية في الناتج المحلي الإجمالي بين 5-15% في دول “مجلس التعاون الخليجي”، كما توضح الإحصائيات أن دول المجلس تخصص نحو 380 مليار دولار للمشاريع السياحية حتى 2018.

إعادة تقييم المشاريع

وأفاد تقرير شركة “المزايا القابضة”، أن مستوى المشاريع الفندقية الجديدة قيد التنفيذ، إضافة إلى إنجاز عدد كبير من المشاريع المتعلقة بالقطاع، بات يُحتّم إعادة تقييم المشاريع كماً ونوعاً، ومقارنتها بوتيرة النشاط الاقتصادي العالمي، والمقدرة على المنافسة مع الوجهات السياحية المفضلة.

وسيشكل ارتفاع مستوى المنافسة حول العالم تحديات عديدة على وتيرة النشاط والعوائد لدى الدول كافة، وبالتالي فإن القطاع الفندقي ربما يواجه مزيداً من الضغوط إذا ما استمر التشييد دون تصوّر واضح للمؤشرات الرئيسة المتعلقة بالطلب وتطوراته.

ابتكارات استثمارية جديدة

وبات لزاماً على دول المنطقة الاتجاه نحو إيجاد البدائل والابتكارات الاستثمارية الجديدة للحفاظ على الميزة التنافسية للقطاع الفندقي والسياحي، وخلق وجهات وخدمات جديدة ومتطورة، وأن تفتح الباب أمام المزيد من فرص الاستثمار للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، لتعزيز معايير التنويع على مخرجات القطاع خلال الأعوام القادمة.

شراكة بين العام والخاص

ورغم التطور الحالي والنجاحات الملموسة للقطاع السياحي، إلا أنه يحتاج إلى مزيد من الاستثمارات النوعية المحلية والأجنبية ودعم حكومي متواصل، وتتطلب الاستثمارات الحالية زيادة التنسيق والشراكة بين القطاع العام والخاص للحيلولة دون تعرض السياحة لأية ضغوط وهزات غير متوقعة.

نقاط القوة

ويساعد التنويع السياحي على تخفيف حدة التنافس وتأثيره السلبي، إذ تعتمد كل سوق من أسواق المنطقة على معطيات ونقاط قوة تميزها عن السوق المجاورة، حيث أن القطاع السياحي لدى السعودية يستحوذ على استثمارات ضخمة تشمل الاستثمارات الفندقية ذات العلاقة بالسياحة الدينية، وسياحة الأعمال، والاستجمام، والسياحة الداخلية، فيما تستهدف الاستثمارات الفندقية في قطر إلى الاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.

وتتطلب السوق الكثير من الاستثمارات استعداداً للحدث الأبرز على مستوى المنطقة، في المقابل يعتبر القطاع الفندقي في البحرين من أقدم الأسواق السياحية على مستوى المنطقة، حيث تتوالى الاستثمارات فيه ولن تتوقف نظراً إلى استمرار الطلب على خدمات القطاع.

وتتطلع الإمارات للمنافسة على المستوى العالمي بالمجال السياحي، وذلك عبر تنفيذ المشاريع الفندقية المبتكرة ذات الطابع الفريد والذي يلاقي إعجاباً متواصلاً، فيما تحقق الدولة إنجازات كبيرة على “مؤشر التنافسية العالمي”، وعلى مؤشر الوجهات الأفضل عالمياً.

وعليه، بات الاستثمار المبني على التخطيط طويل الأجل ضرورة ملحة لتفادي الدخول في تحديات تراجع جدوى المشاريع وعوائدها إذا ما حدث تراجع كبير على حركة السياحة إلى دول المنطقة.

الإمارات

وتبعاً لمستوى النشاط والاستثمار والتشغيل والتنافسية، لا يمكن الحديث عن القطاع الفندقي دون التطرق إلى الإنجازات والنجاحات التي حققها القطاع في الإمارات عموماً وإمارة دبي خصوصاً، حيث يقدر عدد الغرف الفندقية قيد الإنشاء بحوالي 20 ألف غرفة، تشكل الطاقة الاستيعابية لنحو 63 فندقاً قيد التنفيذ، في حين تجاوز إجمالي عدد الغرف الفندقية بالإمارة 96 ألفاً نهاية 2015، مقابل 92.3 ألف غرفة فندقية خلال 2014، وفقاً للبيانات الصادرة عن “دائرة السياحة”.

ويأتي هذا الحراك في ظل أهداف إستراتيجية عليا لدى الإمارة تعمل على تحقيقها، إذ يستعد القطاع لاستقبال 20 مليون سائح بحلول 2020، فضلاً عن الاستعدادات التي تسبق استضافة ما يفوق الـ25 مليون زائر للإمارة خلال انعقاد “معرض إكسبو 2020“.

وأدى تراجع متوسط أسعار الغرف الفندقية بنحو 10% إلى تحسن القطاع على مؤشرات التنافسية وأظهر قدرة للحفاظ على مستويات إشغال مرتفعة تجاوزت 80%، ما انعكس إيجاباً على العوائد الاستثمارية المتأتية والتي تقدر 26.8 مليار درهم (7.3 مليار دولار) نهاية العام الماضي، وبالتالي يؤكد قوة النشاط على رغم التقلبات والضغوط التي تواجهها الأسواق الرئيسية المصدرة للسياحة.

السعودية

وبينت “الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني” في السعودية، أنها تعمل على تلبية متطلبات العمل السياحي، وتشجيع الاستثمار، وإيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه المستثمرين.

وذكرت أن نسبة الاستثمار السياحي في المملكة قفزت 321% نهاية 2015 إلى 139 مليار ريال، مقابل 33 مليار ريال خلال 2005.

ووصلت السعة الفندقية في 2015 إلى 446 ألف وحدة ووحدة سكنية مفروشة، تقسمت بين 282 ألف غرفة فندقية، و163 ألف وحدة مفروشة، ومن المتوقع أن تصل في 2020 إلى 621 ألف غرفة ووحدة مفروشة، تتكون من 393 ألف غرفة فندقية، و228 ألف وحدة مفروشة.

البحرين

والتوقعات الإيجابية والنجاحات المحققة تدفع باتجاه تعزيز القطاع مستقبلاً، حيث تستهدف البحرين رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى مليار دولار بحلول 2020، مع استمرار ارتفاع مستويات الإشغال وتزايد أعداد السياح خلال العامين الماضيين.

قطر

ولن تكون قطر خارج نطاق النشاط السياحي في المنطقة، إذ تشير البيانات إلى ارتفاع عدد الغرف الفندقية فيها إلى 23 ألفاً خلال العام الجاري، لترتفع بذلك الطاقة الاستيعابية 27%، وتستهدف الدولة زيادة عدد السياح إلى 9 ملايين زائر بحلول 2030، لتتجاوز نسبة مساهمة القطاع الاقتصاد 5%.

وتخطط قطر لإنفاق حوالي 45 مليار دولار لتطوير المنتجات والخدمات السياحية، لمواكبة المعايير العالمية التي تعمل على تجارب سياحية فريدة، ومنافسة على مستوى المنطقة والعالم.

وبناءً على ما سبق، يجب أن تعمل الدول المصدرة للنفط على تعزيز استثماراتها في القطاع السياحي، من بناء البنية التحتية، وإقامة فنادق جديدة ومرافق ترفيهية جاذبة والتسويق لها، وتحسين أنظمة إصدار التأشيرات السياحية.