نشر مراسل جريدة “ذا تليغراف” البريطانية “باتريك فوستر” مقاله الذي يتهم فيه هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” بلعبها دورا محفزا على الانتحار، بعد أن أظهرت مقطع فيديو لآخر لحظات حياة رجل الأعمال البريطاني “سايمون بينر” والذي كان حينها يبلغ من العمر 57 عاما في إحدى عيادات الانتحار في سويسرا.
و بين فوستر في مقاله أن بي بي سي تقول أن هذه المقاطع المصورة ستكون جزءا من فيلم وثائقي متكون من 90 دقيقة تحت عنوان “الموت على طريقة سايمون” و هو الفيلم الذي يكشف مراحل تقدم المرض العصبي الذي أصيب به بينر الغير قابل للشفاء. حرم المرض بينر من الكلام فقرر أن ينهي حياته في 19 من تشرين الأول سنة 2015 وهو اليوم الذي يتزامن مع ذكرى مولده، حيث لجأ إلى عيادة مختصة للمساعدة على الانتحار في سويسرا.
سايمون نموذج لمن لهم الحق بالموت بكرامة!
قال الصحفي فوستر أن رجل الأعمال سايمون انتحر و هو مبتسم و كان يمسك بيد زوجته. بعد أن قامت إحدى الطبيبات في العيادة المساعدة على الانتحار في مدينة بازل في سويسرا الدكتورة “إيريكا بريسيك” بحقنه بمادة قاتلة بدون الشعور بالألم. ثم تظهر الشاشة سوداء كما لو تم إسدال الستارة على أصعب خيار بعد أن مرت رسالة مؤثرة من سايمون قامت بكتابتها زوجته عن انتحاره. و يقول تقرير صحيفة “الدايلي ميرور” البريطانية أن الوثائقي يعرض شهادة لسايمون قرأت من طرف احد معدي الفيلم وقال فيها:” “أنا من الرجال الذين يتمتّعون بالاستقلالية في الحياة. لم أر نفسي متآلفاً مع المرض الحاد الذي أصابني. تشبه حالتي حالة سيارة قديمة “مضى عليها الزمن وولى” ولم تعد عملية إصلاحها مجدية.” وأعلن أنه “عندما عدنا من المستشفى بعد تشخيص مقلق لتطور مرضي، قررت أن أقتل نفسي أو أن ألجأ إلى الموت الرحيم.”
الغريب في القصة أن سايمون قبل وفاته على الأرجح دون في بطاقته المهنية على خدمة ” Linkedin ” حالته الصحية و ساعة وفاته و توقيت مراسم الدفن يوم الجمعة 13 تشرين الثاني 2015، و وضح أن قراره جاء بسبب تراجع صحته و مرضه المستعصي الذي تتزايد مضاعفاته لسنة 2017 أو 2018.
قال الكثير من المحللون في تعليقهم على مواقع التواصل الاجتماعي أن “بي بي سي” قامت بعملها المهني حتى و إن جاء الأمر على حسابها و حرية المنتحر الشخصية. كما أضافت ذي تلغراف أن “هيئة الإذاعة البريطانية” قامت بنفس الطريقة في سنة 2011 عندما نشرت فيلما وثائقيا عن رجل آخر قرر الانتحار أو الموت الرحيم في عيادة “دجيناس” المعروفة للمساعدة على الموت في سويسرا.
أما الطرف الآخر المناهض لما نشرته وسيلة الإعلام الشهيرة بي بي سي كونها سلطة رابعة فكان رأيه واضحا بهذا الأمر من خلال رجالات الدين من الأديان السماوية الثلاثة. و كان أشرس هجوم تعرضت له الوكالة الإعلامية هو الصادر من المسؤولة الإعلامية عن جمعية “Care Not killing” ” أليستر طومسن” التي تقول أن بث القناة لهذه المقاطع فيه تشجيع للعديد من الأشخاص على إنهاء حياتهم بنفس الطريقة.
و أضاف القيمون على الموقع الإلكتروني للجمعية أن هذه الوسيلة الإعلامية فشلت فشلا كبيرا في اعتماد الموضوعية خلال متابعتها لحالات الموت الرحيم أو أشخاص اختاروا الانتحار. و اعتبر الموقع في أول صفحاته أن الصحيفة روجت للانتحار هو ما يعتبر محظورا و متناقضا مع أدبيات المهنة التي لطالما عرفت بها في عملها. و كان قد دار جدال حاد في نفس الوكالة عن هذا الموضوع حيث اعتمد بعض مقدمي البرامج على دليل قامت بوضعه منظمة الصحة العالمية و الذي يحذر من أي إيحاءات توحي بالانتحار أو أي تفاصيل عنه من أجل توضيح رأيهم الرافض للفكرة.