يتصدر سباق «فورمولا وان» قائمة المنتصرين في مدينة مونتريال وقد أمسك بعجلة الاقتصاد والسياحة مرة أخرى في كندا، مثبتاً أنه من أهم الأحداث المربحة لجهة العائدات والجاذبة لمئات الآلاف من الزوار ومئات الملايين من المتابعين حول العالم ليقف على مساواة أحياناً مع كأس العالم لكرة القدم أو الألعاب الأولمبية. ويقام «فورمولا وان» لسباق السيارات أو «غراند بري» كما يسمونه في مدينة مونتريال في مقاطعة كيبيك هذا العام بين 10 و12 حزيران (يونيو) ويُفتتح به الموسم السياحي في كندا إذ يجذب ما يزيد عن نصف مليون زائر وحوالى 100 مليون دولار من العائدات خلال ثلاثة أيام فقط.
وتأتي المناسبة بعد تكاثر البيانات الاقتصادية الضعيفة. فقد أوردت تقارير إخبارية ان مبيعات التجزئة في كندا سجلت خلال آذار (مارس) تراجعاً أكبر من المتوقع بعد ارتفاعها إلى مستوى قياسي في شباط (فبراير)، بسبب تراجع مبيعات السيارات في شكل أساسي. وأفــاد مكتب الإحصاء الكندي بأن مبيعات التجزئة تراجعت في كندا خلال آذار بنسبة واحد في المئة إلى 43.8 بليون دولار كندي (33.4 بليون دولار أميركي) في حين توقع المحللون في استطلاع لوكالة «بلومبرغ» 0.6 في المئة فقط.
وكانت مبيعات التجزئة زادت خلال شباط بنسبة 0.6 في المئة وفق بيانات معدلة. وتراجعت مبيعات السيارات وقطع غيارها خلال آذار بنسبة 2.9 في المئة إلى 11.2 بليون دولار بسبب تراجع مبيعات توكيلات السيارات الجديدة. وتراجعت مبيعات التجزئة لست مجموعات من بين 11 مجموعة سلع تمثل نحو 74 في المئة من إجمالي المبيعات. وانخفضت مبيعات الأغذية والمشروبات بنسبة 0.4 في المئة خلال آذار الماضي.
يقول عارف سالم، عضو الهيئة التنفيذية في بلدية مونتريال – المسؤول عن قطاع النقل، ان أهمية «فورمولا وان» لا تقف عند العائدات المادية وعدد السياح الذين يقصدون مونتريال خلال هذا الأسبوع بل يتعداه إلى ترويج دولي ضخم للمدينة. ويؤكد لـ «الحياة» ان العائدات الإجمالية للسباق كبيرة وتعكسها قوة الحركة في الأسواق وحجوز الفنادق إذ تبلغ نسبة حجوز الغرف 97 في المئة. ويتراوح متوسطة كلفة الغرفة الواحدة في الليلة بين 170 و375 دولاراً. ويقول: «يزور مونتريال حوالى 500 ألف شخص خلال هذه الفترة وهو رقم لا يُستهان به، هذا عدا الجانب الثقافي والترفيهي إذ تقام المئات من الحفلات في وسط مدينة مونتريال وخارجها على هامش السباق، وتغلق شوارع رئيسة في المدينة لتُعرض فيها السيارات وتُنصب منصات العروض الموسيقية في الهواء الطلق».
ويصل سعر التذكرة الواحدة لدخول بعض هذه الحفلات البراقة التي يحضرها المشاهير والفنانين من حول العالم أحياناً إلى نحو ألفي دولار للشخص الواحد. ويحرص المشاركون في نشاطات السباق على عرض السيارات الحديثة والفخمة إضافة إلى السيارات القديمة «الأنتيكا» في الشوارع الرئيسة المغلقة التي تتلون خلال هذه الفترة بألوان «فورمولا وان» الحمراء والسوداء والبيضاء. وترتفع الأعلام المتنوعة في الشوارع المغلقة التي تغص بسياح يتفحصون السيارات على إيقاعات الموسيقى القوية الصاخبة التي تستمر حتى ساعات الصباح الأولى والتي تعلن بدء السباق الحماسي العالمي.
ويعد سباق مونتريال لـ «فورمولا وان» من الأهم والأجمل في العالم فهو يحتل الترتيب الثالث بين أهم هذه السباقات ويعد واحداً من بين اثنين في العالم فقط تستضيفهما مدن، فالثاني هو سباق «فورمولا وان» في إمارة موناكو. ويقام السباق منذ ما يقارب 50 سنة فوق جزيرة نوتردام الملاصقة للمدينة على حلبة سميت باسم سائق «فورمولا وان» الكندي المشهور في القرن العشرين جيل فيلنوف والذي خلفه في السباق ابنه جاك فيلنوف.
ويقول سالم اللبناني الأصل ان التغطية الإعلامية الضخمة للسباق الدولي مهمة جداً للمدينة إذ يتابعه 450 مليون شخص في 150 مدينة حول العالم بينما تغطيه 400 مؤسسة إعلامية تقريباً من 21 بلداً. وهذه الأرقام تكون عادة لفعاليات رياضية مهمة ضخمة مثل الأولمبياد وكأس العالم لكرة القدم.
ويضيف:» لا يمكن لنا الاستهانة بالناحية الإعلامية والثقافية لسباق «فورمولا وان» إضافة إلى الناحية الاقتصادية والسياحية. وهي ناحية مهمة جداً خصوصاً ان مئات الملايين من الناس في مختلف البلدان ومختلف المدن حول العالم تتحدث عن مونتريال وتتابع السباق وتروج لشهرة المدينة».