مع بداية انتشار فيروس (كورونا) حول العالم، أعلنت منظمة الصحة العالمية، عن طُرق وسُبل الوقاية من الفيروس المستجد، والتي كان أبرزها، غسل اليدين بشكل منتظم وشامل، بالماء والصابون، أو تعقيمهما بمُعقم اليدين.
تلك المعلومة الأساسية، أدت لـ (فوضى في عالم المعقمات) وظهرت عشرات الأنواع بأشكال وأحجام وأسعار مختلفة، بعضها مضمون، وبعضها مغشوش، مما أوقع الناس في حيرة، ما النوع الجيد، وكيفية استخدامه بطريقة صحيحة، وتركيز الكحول فيه، للقضاء على الفيروسات، وتفادي الأضرار.
التفريق بين الكحول (الأصلي والمغشوش)
قال الدكتور رامي يوسف مرجان، أستاذ الكيمياء العضوية المشارك، ونائب عميد كلية العلوم بالجامعة الإسلامية: هناك فقط نوعان من الكحول، التي قد تستخدم لقتل الجراثيم والبكتيريا والفيروس، الأول: الكحول الإيثيلي والاسم العملي له (الإيثانول)، والكحول الثاني هو (الكحول الأيزوبروبيلى)، وهما معروفان دولياً، ومنظمة الصحة العالمية، تنصح بهما في التعامل مع الفيروسات والجراثيم والبكتيريا.
وحول التفريق بين الأصلي والمغشوش من قبل المواطنين، أجاب الدكتور مرجان، خلال حديثه مع “دنيا الوطن”: من الصعب أن يفرق المواطن العادي، وفي الفترة الأخيرة، وقعنا نحن على مستوى علمي في أخطاء معينة، ويلجأ البعض لحيلة (الاشتعال) كي يضمن أنه يحتوي على 70% من الإيثانول، ولكن هذا التجربة خاطئة، لأن الميثانول والاستون، وكل المواد البتروكيميائية تشتعل.
وأكمل: اختبار الاشتعال اختبار راسب، لا يؤخذ كمقياس لجودة المعقم الموجود، وليس من السهولة أن يحكم المواطن على جودة المنتج الموجود أمامه.
تجربة إشعال النار
أما الأستاذ الدكتور حسن طموس، استاذ الكيمياء بجامعة الأزهر، فرأى أن استخدام (الإيثانول) أفضل من (الكحول الأيزوبروبيلى) لأنه الأقل (سُمية) ولا يُسبب أي مشاكل، ونهى عن استخدام النوع الثالث (الميثانول) لأنه ضار وسام، سواء عن طريق الاستنشاق أو عن طريق الهضم أو عن طريق الجلد، متمماً: “هناك بعض الحالات التي وصلت لمستشفى الشفاء خلال الأيام القليلة الماضية بسبب التسمم من (الميثانول).
وقال طموس حول التفريق بين الأصلي والمغشوش: وزارة الصحة، نشرت قائمة بالشركات وأسماء معقمات اليدين المضمونة، ومعروفة المصدر، والمسموح بها، لذا على المواطن أن يتطلع على تلك القائمة قبل الشراء، وعليه الانتباه من المعقمات التي تباع في الطرقات بسعر رخيص، ولا يوجد أي معلومات على العبوة من الخارج.
وأضاف أستاذ الكيمياء بجامعة الأزهر: “الإيثانول بتركيز 70% قابل للاشتعال، يمكن للشخص أن يضح نقطة صغيرة على سطح وإشعال النار بها، إن اشتعلت يعني أنه بتركيز 70%، أقل من 70% تكون المياه أكثر في العبوة لذلك لا يشتغل”.
الكحول الايثيلي الأفضل
وأوضح الدكتور نبيل العيلة، أستاذ الأحياء الدقيقة والفيروسات في جامعة الأقصى، أن المطهرات الكحولية، تستخدم بشكل دائم في المستشفيات والمراكز الطبية، ولها دور كبير لتطهير الأسطح من الفيروسات والجراثيم، وتشمل الأنواع التالية: “الكحول الإيثيلي، أو الإيثانول والأيزوبروبيل،1-بروبانول”.
وأضاف العيلة : يعتبر الكحول الإيثيلي، هو أكثرهم استخدامًا لأن يحتوي على نسبة كحول مثالية وآمنة”.
نسبة الكحول اللازمة لتعقيم اليدين وطريقة استخدامه
أوضح الدكتور رامي يوسف مرجان، أستاذ الكيمياء العضوية المشارك، ونائب عميد كلية العلوم بالجامعة الإسلامية، أن تغسيل اليدين بالماء والصابون لمدة 20 ثانية بشكل جيد، وباستمرار أي كل ساعة أو ساعتين، وهذا كافٍ لقتل الجراثيم والفيروسات وعلى رأسها (كورونا).
وكشف أن (معقمات اليدين) بالتركيز العلمي الصحيح، تعمل على تعقيم اليدين، وقتل الجراثيم والفيروسات في لحظتها خلال الفترة القصيرة بوضعها على اليدين أي بعد ثوانٍ من وضعها على اليد.
وأضاف: “يبقى غسل اليدين بالماء والصابون، الأفضل والأسهل والموجود والمتوفر بشكل أكبر في المنازل، وعلى الصعيد الاقتصادي أرخص، واستخدام (الهاي جين) بشكل متكرر على مدار اليوم، أمر ليس عملياً ولا صحياً ولا صحيحاً”.
وأشار إلى أن استخدام المواطنين لمعقمات اليدين بشكل متكرر، يسبب خشونة الجلد والالتهابات، مردفاً: إن المعقمات، يمكن استخدامها خارج المنزل، أثناء إخلاط الناس بالآخرين والأجسام الملوثة، والاعتماد في العمل والمنزل على غسل اليدين بالماء والصابون.
وعن الكمية الموصى باستخدامها قال: يقوم الشخص بوضع القليل منه على يده، ثم فركها وتوزعيها على اليدين وبين الأصابع، كحركات الوضوء، والـ 20 ثانية كفيلة بأن تعمل توزيعاً متجانساً وكاملاً لكمية الجل، بحيث تصل لكل اليدين، وتقضي على الجراثيم والفيروسات.
الماء والصابون أفضل
وفضل الأستاذ الدكتور حسن طموس، أستاذ الكيمياء بجامعة الأزهر، استخدام الأشخاص للمياه والصابون، مشيراً إلى أنه يمكن للشخص استخدام معقمات اليدين كل ساعة إلى ساعتين، خارج المنزل، أما بالمنزل يمكن الاكتفاء بفرك اليدين بالماء والصابون.
وأضاف طموس: “المعقمات تقتل كل البكتيريا التي على اليدين، النافعة وغير النافعة، ويوجد على جلد الإنسان عشرات الآلاف من البكتيريا النافعة التي يحتاجها الإنسان، ولكن الإصابة بفيروس (كورونا) أكثر ضرراً، لذلك نستخدم المعقمات، هذا عدا عن أنها تزيد من جفاف البشرة الجافة”.
المعقمات تهيج الجلد
وفيما يتعلق بالمدة التي يستغرقها الكحول لقتل الفيروس، قال الدكتور نبيل العيلة، إنه يمكن القضاء على الفيروس خلال 30 ثانية من الاستخدام من خلال تعقيم الأيدي، الأسطح ، وأي أدوات يحتك بها الإنسان، وقد تؤدي إلى نشر العدوى.
وأوضح العيلة، أن الكحول الإيثيلي، يكون أكثر فاعلية إذا تم تطبيقه على المنطقة المراد تطهيرها وتركها مكشوفة لمدة 2-3 دقائق لا ينبغي خلطه مع منتجات مطهرة أخرى لزيادة فعاليتها، لأنها قد تفقدها، ولا ينبغي استخدامه في تجاويف مثل الفم أو الأذنين.
وأضاف “أكدت دراسة أجرتها الجمعية الأميركية للميكروبيولوجيا عام 2019، أن استخدام الماء الجاري والصابون لغسل يديك، يكون أكثر فعالية من معقم اليدين، حيث إن الشخص ليس بحاجة إلى استخدام المعقمات الكحولية بشكل مفرط، فزجاجة صغيرة تفي بالغرض، بحيث تستخدم بعد لمس أي شيء أثناء التواجد خارج المنزل، خاصةً بوسائل المواصلات التي تعتبر بيئة خصبة للبكتيريا والجراثيم، مع مراعاة تعقيم الأدوات الشخصية”.
وأشار إلى أن متحدثاً باسم شركة المنتجات الكيميائية “كاو كوربورايشن” أشار إلى أن الإفراط في استعمال مطهر اليدين من شأنه أن يتسبب في تهيج وحساسية الجلد، نظراً لإزالة الزيوت الطبيعية من البشرة، جراء تجفيف الجلد، علاوة على ذلك، يعزز الجلد التالف قابلية الإصابة بالعدوى، لذلك ينبغي استخدام مطهر اليدين بشكل معقول، واستعماله فقط عند الضرورة.
الكحول عالي التركيز
ونفى رامي يوسف مرجان، نائب عميد كلية العلوم بالجامعة الإسلامية، بشكل مطلق ما يشاع أن زيادة تركيز الكحول في معقم اليدين يزيد من فعاليتها، موضحاً: “تركيز الكحول الأفضل هو الـ 70%، أعلى من ذلك إذا لم يأتٍ بتأثير سلبي، فإنه سيكون بلا تأثير”، مشيراً إلى أن منظمة الصحة العالمية، أوصت بتركيز من 60% إلى أقل من 70%، وهذه النسب تؤدي الغرض.
لا تعقيم ولا تطهير
وأكد أستاذ دكتور حسن طموس، أن قتل البكتيريا، يعتمد على وجود ماء في (الإيثانول) حتى يعمل عملية (التميؤ المائي)، لذلك الإيثانول بتركيز عالٍ فوق الـ 70% لا يعمل على التعقيم أو التطهير.
التركيز العالي يتبخر
وفيما يتعلق بالتركيز، رأى الدكتور نبيل العيلة، أنه من الأفضل استخدام تركيز فعاليته الـ 70% بالمقارنة مع 96%، حيث إنه يبقى على الأسطح لمدة أطول، ولا يتبخر مباشرة، وتأثيره القاتل على غلاف الخلية البكتيرية يكون أكبر.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-AP8