قيصر الفولاذ” هو اللقب الذكيّ الموفّق الذي يستحقه رجل الأعمال الهندي ـ البريطاني لاكشمي ميتال، الذي يسيطر اليوم على الشركات الأضخم والأوسع والأغنى في ميدان استخراج وتصنيع الفولاذ، بلا منازع عملياً. وهو، كما تقول صحيفة “هندوستان تايمز”، شيّد إمبراطوريته اعتماداً على حاسّة خاصّة تجعله يتنبّه مبكّراً إلى شركات الفولاذ التي تعاني من ضائقة ما، فيسارع إلى شرائها وإنقاذها وتحويل خسائرها إلى أرباح مضمونة. في العام الماضي بلغت طاقة شركاته الإنتاجية 70 مليون طن، ومداخيله 30 مليار دولار أمريكي.
في عام 1975 قرر لاكشمي ميتال الذهاب لقضاء اجازة في اليابان برفقة صديق، وقبيل سفره طلب منه والده ان يتوقف في اندونيسيا. ولم يكن يتصور الشاب القادم من الهند ان تلك الرحلة هي بداية الطريق للتربع على عرش «امبراطورية» الحديد والصلب في العالم.
في اندونيسيا اشترى ميتال بيتا، وللصدفة انه كان يطل على أحد مصانع الحديد، فبادرته فكرة شراء ذلك المصنع، وعندما حصل على موافقة والده، بدأت رحلة «الملك» مع الحديد والصلب.
لاكشمي نيفاس ميتال … من اهم رجال الصناعة في الهند و يعتبر اغنى شخص في الهند ويعد رابع اغنى واحد في العالم ولد في عام 1950 في قرية سادولوبر ولكن حاليا مقيم بلندن ، كان لاكشمي ميتال … يعيش مع اسرته الفقيرة في قرية سادولوبر وكانت عائلته تعمل بالتجارة .
و بدأ ميتال العمل في مجال الفولاذ و كان يبلغ من العمر 20 عاما … في عام 1952 في كلكت قام لاكشمي ميتال … ببناء شركة آرسيلور ميتال العالمية من خلال شراء وتملك شركات أخرى انتشرت في أربع قارات و يعمل بها 220 الف موظف .
وفي عام 1995 قام الملياردير لاكشمي ميتال بشراء مصنع للفولاذ في كازاخستان بقيمة 700 مليون دولار وكان مصنعاً مهجوراً في واقع الأمر و بالفعل قام بتحويله إلى أفضل مصانع الفولاذ في العالم ، وقام بانشاء عدة مصانع أخرى في دول بعيدة مثل الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا .
و اتبع لاكشمي ميتال أسلوبا ذكيا في العمل و ظهر ذلك من خلال شرائه مصانع في الدول الشيوعية السابقة مثل بولندا و جمهورية التشيك و أوكرانيا وله الحصة الكبرى في إحدى شركات صناعة الفولاذ الصينية ، ويمتلك ميتال وأسرته 88 في المائة من شركة ميتال مما جعله أحد أثرى أثرياء العالم حيث بلغت ثروته نحو 18 مليار دولار .
عاد ميتال إلى الأضواء أخيرا بعد ان تقدمت شركة «ميتال ستيل» أكبر شركة في العالم لصناعة الصلب، والتي يملك ميتال وعائلته 88 في المائة من اسهمها، بعرض لشراء شركة «أرسيلور» الفرنسية أكبر منافسيها بنحو18.6 مليار يورو، 22.8) مليار دولار).
وفي حال اتمام الصفقة، فإنها تعد الاكبر في تاريخ صناعة الحديد والصلب في العالم. واذا نجح الملياردير لاكشمي ميتال، الذي يعد من اغنى اثرياء العالم في قائمة «فوربس»، في عملية الشراء فإن «ميتال ستيل» ستتحكم كذلك بحوال 120 مليون طن من انتاج الحديد والصلب في العالم، أو ما يعادل عشرة في المائة من انتاج الحديد والصلب في العالم، وهو ما يمثل 3 أضعاف اقرب المنافسين له وهي الشركة اليابانية «نيبون».
بالإضافة الى ذلك، فإن الصفقة سيتولد عنها شركة عملاقة، كما سينشأ شركة عملاقة توظف 320 شخصا بايرادات سنوية تصل الى 69 مليار دولار، وبارباح متوقعة (قبل احتساب الضرائب) تصل الى 12.6 مليار دولار سنويا.
وفي الحقيقة فان العرض الذي تقدم به ميتال سلط الاضواء على قطاع الحديد والصلب، وهو القطاع غير المحبب من قبل المستثمرين نتيجة تاريخه المعروف في الصعود المفاجئ والهبوط المفاجئ، او بما يعرف اقتصاديا بـ«الطفرة التي يعقبها الفقاعة»، ولكن «فقاعته» غالبا ما كانت تطول.
وفي الحقيقة فإن صعود نجم ميتال لم يكن مفاجئا، حيث برهن على مدى السنوات الماضية على حس تجاري لا يضاهى، خصوصا من ناحية توقيت شراء أصول لا يجرؤ احد على الاقتراب منها، وفي بلدان لا يعد الاستثمار فيها.
وتكمن مهارة ميتال في أنه يجد صفقات في أماكن لا يتجرأ أحد للتحرك نحوها، حيث أنه اشترى شركات كان يعتقد كثيرون أنها حالات ميؤوس منها، ولا تستحق المجازفة. وعلى سبيل المثال بينما كان الأميركيون والأوروبيون واليابانيون، يفكرون بالاستثمار في دول الاتحاد السوفياتي السابق مثل كازاخستان، كان هو يجول تلك الجمهوريات من اجل التوقيع على صفقات وشراء شركات هناك، ولكن لا يعني ذلك بأي حال من الاحوال، أن ميتال شخص مقامر، بل انه رجل اعمال يحسب خطواته بدقة، حيث يمتلك خبرة تزيد عن 30 عاما في مجال صناعة الحديد والصلب، فضلا على انه رجل عائلي من الطراز الاول، يولي كل اهتمامه لزوجته ولابنته وولده. ورغم انه احتل المركز الخامس في قائمة «الصنداي تايمز» البريطانية لأغنى الأشخاص في بريطانيا لعام بثروة وصلت الى 6.3 مليار دولار 2004، وجاء في المركز 62 في قائمة مجلة «فوربز» الاميركية لأغنى مليارديرات العالم لعام 2004، الا أن صفقاته الأخيرة تؤهله لأن يصبح أغنى رجل في بريطانيا، وأن يحتل موقعا متقدما في قائمة «فوربس» المقبلة.
ومثل هذه الانجازات لم تأت من فراغ، فقد تعلم ميتال صناعة الحديد والصلب في مدينة كولكتا الهندية، حيث رحل اليها والده ـ موهام ـ عندما انفصلت باكستان عن الهند عام 1947، واقام معملا للحديد هناك، وعائلته تعود جذورها الى مجموعة «مارواري» المعروفة بعشقها للتجارة ويعود اصلها الى ولاية راجستان في غرب الهند التي يتحدر منها في الوقت الراهن العديد من العائلات التجارية الهندية المعروفة. حصل ميتال على شهادة البكالوريوس في التجارة والمحاسبة، وبعدها عمل في تجارة والده، حتى قرر عام 1975 عندما كان عمره 25 عاما الانتقال إلى اندونيسيا، وبتشجيع من والده أسس هناك مصنع «إسبات اندو» للصلب. وفي عام 1979 اسس «اسبات انترناشونال» المسجلة حاليا في بورصة نيويورك. وفي عام 1995 قرر لاكشمي ميتال الانفصال عن شركة عائلته والاتجاه بطريقه الخاص، واستقر في لندن وبدأ يمارس نشاطه التجاري من هناك أكثر من 20 عاما.
لكن المفارقة انه رغم هذا الثراء الفاحش لم يكن معروفا، ولم يلمع اسمه إلا عبر فضيحة سياسية، كما ان له عادات تثير شهية صحافة الاثارة بين الحين والآخر. وقبل اكثر من عامين تعرض لحملة انتقادات بسبب تبرعاته لحزب العمال الحاكم في بريطانيا، وعندما اعترفت الحكومة البريطانية بأنها شجعت البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على تقديم قرض له بقيمة 70 مليون جنيه استرليني. وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير قد تدخل لدى الحكومة الرومانية بغية تشجيع بيع الشركة العملاقة في صناعة الحديد «سيدكس» لشركة «ال.ام.ان»، التي يملكها الملياردير الهندي.
وفي شهر ابريل (نيسان) في عام 2004 عاد لاكشمي الى الاضواء بقوة، عندما دفع 129 مليون دولار لمنزل فخم ذي 12 غرفة نوم في منطقة كينزينغتون بالاس بغرب لندن، والتي كانت أغلى صفقة من نوعها تسجل في بريطانيا والعالم انذاك.
وفي يونيو (حزيران) 2004 احتفل في باريس لعدة أيام بحفل زواج ابنته الوحيدة «فانيشا»، حيث حول المناسبة الى ما يشبه الف ليلة وليلة، حيث بلغت تكاليف الحفل نحو 55 مليون دولار، الا ان هذه الانتقادات لا تقلل ابدا من مهاراته التجارية الكبيرة، فحتى اشد منتقديه يعترفون انه رجل أعمال قدير يتمتع بأفق ونظرة مستقبلية يحسده عليها الكثيرون. ويتوقع ميتال انه في العشر سنوات المقبلة ستصبح صناعة الحديد والصلب خاضعة لسيطرة مجموعة محدودة من الشركات التي ستقوم بتصدير 80 ـ 100 مليون طن سنويا، مقارنة بوقتنا الراهن، حيث تسيطر 6 شركات على 18% من انتاج الصلب، وتلك النسبة ستصعد الى 23% بعد ان ينهي ميتال الصفقة في الربع الاول من العام المقبل وفقا لما جاء في تقرير نشرته مؤسسة «سي.آر.يو» المختصة في مجال الاستشارات المعدنية أخيرا.
ولا يتوقف طموح ميتال عند هذا الحد، فهو يسعى الى اقتحام السوق في الصين، حيث عقد هناك شراكات استراتيجية انتظارا للوقت التي تسمح به الصين للمستثمرين الاجانب، تملك شركات الصلب والحديد هناك، من أجل أن «ينقض» على «الفريسة» المقبلة، التي ستؤهله، لأن يتصدر الأخبار مرة أخرى.