مجلة مال واعمال

قوة الشركات العائلية.. استثماراتها 333 مليار دولار وتضم 269 ألف موظف في المملكة

-

181506-0 (1)

تشكل الشركات العائلية ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد وهي تمثل مكانةً كبيرةً في اقتصاديات الكثير من دول العالم، بغضِّ النظر عن تنوع نهج هذه الدول الاقتصادي، ومكانتها على خريطة الاقتصاد العالمي؛ حيث تمثل الشركات العائلية النسبة الكبرى من إجمالي الشركات العاملة بالاقتصاديات الوطنية لهذه الدول.

أثر اقتصادي ملموس

ولا يخفى أن أداء الشركات العائلية يفوق أداء مثيلاتها من الشركات غير العائلية، كونها تمتلك الكثير من الميزات والتي منها الاستثمار طويل الأمد والنظرة بعيدة المدى واهتمامها بالأهداف غير المالية ودعم المجتمعات والتعاون مع الشركات المساندة والمنافسة والمسؤولية الاجتماعية لاسيما أن هذه الشركات تحقق استدامة وأثراً اقتصادياً إيجابياً ملموساً عندما تنجح في المواءمة بين أمرين: النجاح المالي بما يمكنها من الاستدامة الاقتصادية، والتمسك الأخلاقي بالقيم كالثقة والالتزام واستمرار الصلات والحرص على حسن السمعة بما يحافظ على علاقاتها المتينة مع المجتمع الذي تنتمي له العائلة.

ويشير مصطلح الشركات العائلية إلى أنها تمثل مؤسسة فردية أو شركة تكون مملوكة بالكامل لعائلة واحدة أو تكون القوة التصويتية في مجلس الإدارة تحت سيطرة عائلة واحدة وغالبا ما تبدأ الشركات العائلية بمؤسسة فردية ثم تتطور الي اشكال الشركات المختلفة. وتعتبر الشركات العائلية في الأساس شركات ذات مسؤولية محدودة، تنسب إلى اسم عائلة وتكتسب شهرتها منه أو العكس؛ فقد تكتسب العائلة شهرتها من شهرة الشركات.

الرأسمالية العائلية

ولعل كثيرا منا لا يعلم أن ثمة كيانات اقتصادية عائلية استمرت قروناً من الزمن، فأقدم الشركات العائلية هي «كونجو جمي» تأسست عام 578، تليها شركة «ريوكان هوشي» نشأت في العام 718، وتحل في المركز الثالث الشركة الفرنسية «جولين شاتو» قامت في العام 1000 ميلادية، وفي المركز الرابع الشركة الإيطالية «فونديرا مارينيللي» التي تأسست في العام 1000 كذلك.

وقد بينت الأدبيات أهمية «الرأسمالية العائلية» كأداة اقتصادية كفؤة منذ القدم، حتى في حقبة الثورة الصناعية وما تلاها، كما أن الملكية العائلية نَشطة في الدول النامية والمتقدمة على حدٍ سواء، رغم أن هناك من كان يعتقد أن «الرأسمالية العائلية» ذات صلة في البداية عند نشوء المشروع الاقتصادي، وأن صلتها تقتصر على الأنشطة الاقتصادية التقليدية التي تعتمد على كثافة اليد العاملة.

بيد أن الوقائع تثبت أن الرأسمالية العائلية شملت كل الأنشطة الاقتصادية دونما استثناء، بما في ذلك أنشطة الخدمات والتقنية. كل ذلك مكن الشركات العائلية أن تصبح محرك اقتصادات الدول الصناعية والنامية وحتى الأقل نمواً، فهي تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتؤثر في روح المبادرة، وتولّد فرص عمل رئيسية.

أنماط جديدة

وتجددت الحاجة عقب الأزمة المالية العالمية الأخيرة لأنماط جديدة، لا تتعلق فقط باقتصادات السوق، بل ترتكز على أهمية التضامن والتنظيم الذاتي، وتتمحور حول السلوكيات الأخلاقية. ولعل «الرأسمالية العائلية» تحقق ذلك وتمثل بديلاً ملائماً ومجرباً؛ باعتبار أنها كانت دائما واعية للناحية الإنسانية. يضاف لذلك، أهمية قيامها على أساس مشاركة دون محسوبية واقصاء، والنأي عن الجمود والتكلس.

ولك أن تعلم أن قائمة أكبر 500 شركة تعود ملكيتها بنسبة كبيرة إلى أفراد أسرة واحدة على مستوى العالم. ووفقا لدراسة نشرت في مجلة «فوربس» عن أحد مراكز جامعة «سانت جالن» السويسرية فإن الشركات العائلية تشكل نسبة 80%– 90% من الشركات بالعالم، وتبلغ مبيعاتها السنوية نحو 6.5 تريليونات دولار، وتقع أغلبية الشركات العائلية في أوروبا بنسبة 50%، وتليها أمريكا الشمالية بنسبة 24%، وتضم القائمة عددا من أكبر الشركات بالعالم ذات العلامات التجارية الشهيرة مثل «بي إم دبليو»، «فورد» وغيرهما.

ركائز الاقتصاد الخليجي

وتعد الشركات العائلية أو الشركات التي تسيطر عليها عائلة واحدة من أهم ركائز الاقتصاد الخليجي حيث تلعب الشركات العائلية دوراً محورياً في تطوير عجلة النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط عموماً والخليج العربي على وجه التحديد، حيث تسيطر على معظم أعمال القطاع الخاص منذ عقود طويلة حيث يعود تاريخ تأسيس تلك الشركات إلى فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي أي منذ طفرة النفط التي شهدتها دول الخليج آنذاك.

وتبلغ نسبة الشركات العائلية 80% من جميع الشركات في الشرق الأوسط، فيما تسيطر على 90% من إجمالي الأنشطة التجارية والناتج المحلي الإجمالي من غير الموارد النفطية في المنطقة، ويعمل لديها 70% من إجمالي العمالة في القطاع الخاص، فيما يلغ عمر معظم الشركات في الخليج أقل من (60) عامًا، ويدير الشركات العائلية أفراد من الجيل الأول أو الثاني، فيما تشهد شركات قليلة مشاركةً الجيل الثالث في الإدارة، حيث ان 66% من الشركات العائلية تشارك في خمسة قطاعات أو أكثر.

بدأت مع نشأة المملكة

وتقدر استثمارات الشركات العائلية في السوق السعودي بما يعادل 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و40% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، في حين يبلغ متوسط ثروة تلك الشركات نحو 22.5 مليار ريال.

وقد بدأت الشركات العائلية مع نشأة المملكة زمن حكم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه) ولم تكن موجودة قبل ذلك، حيث ساعد استقرار الحكم وظهور مؤسسات الدولة في تشجيع التجار في تأسيس شركاتهم، وظلت تمارس دورها المهم بصورة متنامية في الاقتصاد الوطني.

1.302 تريليون درهم حجم تجارة دبي الخارجية غير النفطية

ولك أن تعلم أنه ضمن قائمة أكبر 500 شركة عائلية في العالم ظهرت ثلاث شركات عائلية سعودية بعد أن حققت 13.2 مليار دولار عوائد في عام 2013، وشغلت أكثر من 80 ألف موظف.

وعند تقسيم الشركات الـ500 إلى ثلاث مجموعات، فقد جاءت شركتان سعوديتان في الثلث الثاني، والشركة الثالثة في أعلى الثلث الثالث من القائمة. والشركات السعودية الثلاث، هي مجموعة دلة البركة، التي يملكها صالح عبدالله كامل وعائلته، وشركة الراجحي ﺍﻟﻤﺼﺭﻓﻴﺔ للاستثمار، التي تملكها عائلة الراجحي، وشركة عبداللطيف جميل المحدودة، التي تملكها عائلة عبداللطيف جميل.

أغنى الشركات العائلية

وتستحوذ الشركات العائلية بالمملكة على 62% من ثروات الشركات العائلية في المنطقة، وتزخر المملكة بالشركات العائلية التي يسيطر عليها عائلة واحدة، وتُعد من ركائز الاقتصاد في الشرق الأوسط ومُؤخرًا أحصت مجلة فوربس الشرق الأوسط ثروات أغنى العائلات في المملكة العربية السعودية، ورتبتها حسب حجم الثروة، حيث بلغ صافي الثروات المُجمعة للعائلات السعودية نحو 25.7 مليار دولار.

وذهب المركز الأول، لصالح عائلة العليان، بإجمالي ثروة وصل إلى حوالي 8 مليارات دولار، تليها عائلة أبو داوود 4 مليارات دولار، فيما جاءت عائلة جميل في المركز الثالث بثروة تُقدر بـ 2.2 مليار دولار، في حين تمكنت عائلة الدباغ من احتلال المركز الرابع، بثروة تُقدر بـ 2 مليار دولار، وبثروة تقدر بـ مليار دولار جاءت عائلة العجلان في المركز الخامس.

وفي المركز السادس جاءت عائلة الراشد بثروة تُقدر بـ 2 مليار دولار، بينما صدرت عائلة المهيدب المركز السابع، بثروة قُدرت بـ 1.7 مليار دولار، وجاءت عائلة العقيل في المركز الثامن بثروة قدرت بـ 1.5 مليار دولار، في المركز قبل الأخير، جاءت عائلة شربتلي، بثروة قدرت بـ 1.3 مليار دولار، وأخيرًا جاءت عائلة السبيعي في المركز العاشر والأخير ضمن قائمة العائلات السعودية الأكثر ثراءً خلال 2017، وفقًا لفوربس الشرق الأوسط، بثروة تُقدر قيمتها بـ 1 مليار دولار.

دعم برامج التحول الرقمي

وستظل الشركات العائلية تلعب دورًا رئيسًا في دعم برامج التحول الرقمي والتنويع الاقتصادي، ومن الممكن أن تتضاعف استثماراتها، خاصة بعد صدور تقرير من معهد «ماكينزي» يؤكد أن الاقتصاد الرقمي، يضاعف الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 800 مليار دولار وتوفير 6 ملايين وظيفة. كما تشير التوقعات لدخول 226 ألف شخص إلى سوق العمل سنويًا حتى عام 2025، وهو ما يعني اعتماد الشركات العائلية على بيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وأكد سعد السبتي رئيس لجنة الشركات العائلية في غرفة الرياض، وجود دراسات قدرت متوسط ثروة الشركة العائلية الواحدة في المملكة بـ 6 مليارات دولار، وهو من أعلى المعدلات في المنطقة العربية.

الأكثر ربحاً مقارنة بالشركات الأخرى

وقال السبتي إن “استثمارات الشركات العائلية في السوق المحلية تقَدر بنحو 250 مليار ريال، كما أظهرت عدة دراسات أن الشركات العائلية هي الأكثر ربحاً مقارنة بالشركات الأخرى، وتدوم عمراً أطول وتملك مؤهلات أفضل لتخطي الصعوبات المالية والاقتصادية”.

وذكر أن متوسط ثروة الشركات العائلية في المملكة نحو 220 مليار دولار، بينما فاقت استثمارات أكبر 49 شركة عائلية 333 مليار دولار، ويعمل فيها 269 ألف موظف، وهو من أعلى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط، وتشكل هذه الشركات 48 في المئة، من إجمالي الشركات العائلية في الشرق الأوسط، وتتركز فيها 62 في المئة، من ثروات القطاع الخاص السعودي، بحسب تقديرات إحدى الدراسات.

تسهم في الناتج المحلي

وأضاف أن “الشركات العائلية تسهم حاليا بنحو 12 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وبنحو 40 في المئة، من الناتج المحلي غير النفطي، وتشكل 48 في المئة، من إجمالي الشركات العائلية في الشرق الأوسط”.

وبين أن الشركات العائلية في المملكة تمثل نحو 91 في المئة، من إجمالي عدد الشركات السعودية، أما في دول الخليج فتشكل الشركات العائلية نحو 95 في المئة، من إجمالي عدد الشركات المسجلة، وتوفر أكثر من 77 في المئة من فرص العمل.

وأكد أنه في منطقة الشرق الأوسط تمثل الشركات العائلية نحو 80 في المئة من إجمالي عدد الشركات، وتسهم بنسبة 40 في المئة من الناتج المحلي غير النفطي، ونحو 50 في المئة من أعمال القطاع الخاص، و75 في المئة من استثماراته، وتقوم بتشغيل 70 في المئة من العمالة في دول المنطقة.