راهن باتريك أونيل بقيمة منزله على الأشخاص الراغبين في تحميل صور ذات جودة أفضل على مواقع التواصل الاجتماعي.
ظلّ المصور الهاوي ذو الخمسين عامًا يعمل في مجال ابتكار وتركيب المكونات الملحقة بأجهزة الكمبيوتر لسنوات، حين طرأت له للمرة الأولى فكرة اختراع عدسة كاميرا تُلحق بالهاتف الذكيّ.
وقد لمس أونيل بنفسه زيادة التنافس في التقاط أفضل الصور لوضعها على موقع فيسبوك وتطبيق انستغرام، وظن أن هواة التصوير على مواقع التواصل الاجتماعي قد يرغبون في الحصول على أداة تجعل اللقطات التي يحصلون عليها بكاميراتهم أكثر جودة وتميزًا.
وقد كان على حق، فلم يُقبل أقرانه من المصورين الهواة على شراء هذه العدسات فحسب، بل أبدوا رغبة في مساعدته في تمويل تأسيس شركته الأمريكية لصناعة هذه العدسات.
وقد نجحت حملة التمويل الجماعي التي دُشنت سنة 2011 على موقع “كيك ستارتر”، في تجميع ما يربو على 68 ألف دولار أمريكي، أي ما يعادل 47 ألف و786 جنيهًا استرليني من 13 ألف داعم للمشروع.
ثم أضاف أونيل إلى هذا المبلغ 200 ألف جنيه استيرليني، هي قيمة القرض الذي حصل عليه مقابل رهن منزله في مقاطعة أورانج، كاليفورنيا، ومن هنا خرجت شركته “أولوكليب” إلى النور.
وقال أونيل إن القرض كان بمثابة رهان يستحق المخاطرة. وأضاف أونيل، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال: “لم أجلس مع عائلتي وأقول ‘لقد حصلت على قرض وإن أخفقت الشركة فربما نفقد المنزل’. فأنا لم أكن أصدق أن هذا قد يحدث”.
ولحسن حظ أونيل، كان ذلك رهانًا رابحًا، فشركته باعت حتى الآن ما يزيد عن 1.5 مليون عدسة “أولوكليب”، وتزداد المبيعات بنسبة تصل إلى 20 في المئة كل عام.
إلهام شخصي
إن عدسة “أولوكليب” هي عدسة كاميرا تُلحق بهاتفك الذكي. وتُثبت هذه العدسة في مكانها بإحكام فوق عدسة الكاميرا الموجودة داخل جهاز الهاتف، لتغير زاوية الصورة التي يلتقطها الهاتف وبُعدها البؤري.
وتتضمن عدسة “أولوكليب” الأفضل مبيعًا- والتي يطلق عليها أيضا اسم “العدسة 4 في 1”- أربع عدسات، وهي عدسة عين السمكة أو “فيش آي”، والعدسة ذات الزاوية العريضة، وعدستين من فئة عدسات الماكرو لالتقاط الصور عن قرب.
وقد استلهم أونيل، الذي كان يدير سابقًا شركته الخاصة لتصنيع وتجميع أجزاء الكمبيوتر الشخصي، فيُصنع الأقراص الصلبة والشاشات وغير ذلك من المعدات للشركات، فكرة عدسة “أولوكليب” من احتياجاته وتطلعاته الخاصة كونه شغوفًا بالتصوير الفوتوغرافي.
فمنذ الصغر، كان أونيل يذهب برفقة جده لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو. ولمّا بلغ أشدّه، بات يحمل معه في كل رحلة حقائب تحوي المعدات والعدسات لكاميرته الخاصة أحادية العدسة العاكسة. وكان يتمنى أن يجد حلًا يُمكّنه من التقاط الصور التي يريدها من دون أن يحمل على ظهره حقيبة ثقيلة طوال الوقت. ومن هنا واتته فكرة إضافة عدسة خارجية إلى هاتفه “الأيفون”.
تضم مؤسسة “أولوكليب” 50 موظفًا، وتُجمع منتجاتها في مصنعها جنوبي كاليفورنيا باستخدام عدسات زجاجية واردة من الصين. ولكن التحدي الأكبر الذي تواجهه الشركة هو مواكبة التصميمات المتغيرة للهواتف الذكية. فكلما يصدر هاتف جديد، تبتكر مؤسسة أولوكليب تصميمًا جديدًا ليتوافق معه.
وفي إطار سعي مؤسسة أولوكليب لمسايرة التغيرات التي تطرأ سريعًا على السوق قدر الإمكان، تطبع المؤسسة نماذج ثلاثية الأبعاد للشكل الذي تتوقع أن يبدو عليه آخر إصدارات الهاتف، ثم تُجرب تصميمات أولوكليب عليه.
كما تتوسع الشركة في الوقت الحالي لتبيع أغلفة للهواتف وملحقات التصوير الفوتوغرافي. ويقول أونيل: “كل ما سننتجه في المستقبل لن يخرج عن إطار التصوير الفوتوغرافي. فنحن نهدف إلى أن نزيد من مزايا الهاتف التي يمكن أن يستفيد منها الناس، ولا نريد أن ننتج أشياء تبعث على الملل.”
تأثير ستيف جوبز
على الرغم من أن شركة أولوكليب قد صنّعت بالفعل تصميمين يتواءما مع هاتف سامسونغ جالاكسي، إلا أن سائر منتجاتها مصممة كلها لتتواءم مع هاتف “آيفون” أو الحاسوب اللوحي “آيباد” اللذين تصنعهما شركة آبل.
ويقول أونيل إن قرار الشركة يهدف إلى التركيز بالأساس على منتجات شركة آبل، لأن زبائن شركة آبل ينفقون على كماليات الهاتف مبالغ تفوق بمراحل ما ينفقه غيرهم من ملاك الهواتف الذكية الأخرى. ويقرّ أنه هو نفسه من عشاق منتجات شركة آبل.
ويقول أونيل: “أثرت منتجات شركة آبل تأثيرًا هائلًا في حياتي. وفي كل مرة كنت أصمم عدسة جديدة تلحق بالهاتف، كنت أفكر فيما سيقوله عنها ستيف جوبز.”
كما ساهمت شركة آبل في نمو شركة أولوكليب. فتباع العدسات في متاجر شركة آبل، مما ساعد على وصول منتجات أولوكليب إلى عدد أكبر من المشترين.
وبحسب جوشيوا غولدمان، مدير تحرير بموقع “سينيت”، وهو موقع متخصص في الأخبار التقنية، إن عدسات أولوكليب رائجة ويفضلها الكثيرون لأنها ذات جودة أعلى من العدسات الأرخص ثمنًا التي ينتجها منافسوها، ولكنها ليست باهظة الثمن للغاية بما يجعلها بعيدة المنال.
ويقول غولدمان: “فإذا أخذت في الاعتبار أن أغلب الناس ينظرون إلى جودة الكاميرا عند شراء هاتف جديد، فليس من الغريب أن يبحث الناس عن الأشياء التي تجعل تجربة التصوير أفضل”.
الاستخدام في الرعاية الصحية
على الرغم من أن عدسات أولوكليب تستخدم في معظم الأحيان في التقاط صور لتطبيق إنستغرام، فقد وُظِفت في مهام نبيلة. إذ أُرسلت عدسات أولوكليب مع الأطباء إلى نيبال لمساعدتهم في تشخيص حالات الإصابات في العيون وعلاجها.
وقد استخدم الأطباء عدسات ماكرو التي تنتجها شركة أولوكليب لالتقاط صور مُكبّرة لعيون القرويين، في مناطق لا يمكنهم فيها اصطحاب معدات تشخيصية ثقيلة.
وبفضل عدسات أولوكليب، استطاع أطباء العيون في الميدان أن يرسلوا الصور إلى زملائهم في الولايات المتحدة للحصول على آراء طبية داعمة في الحالات الصعبة.
يقول سكوت هاملتون، من مؤسسة “دولي إنترميد” الخيرية الدولية، والتي قادت هذه البعثة الطبية، إن عدسات أولوكليب كانت الخيار الأرخص من المعدات التقليدية.
ويقول هاميلتون: “فعلى الرغم من أننا نستطيع الحصول على صور جيدة بمعدات طب العيون، إلا أننا لم يكن لدينا طريقة لإرسال هذه الصور بسلاسة مرة أخرى إلى الولايات المتحدة”.
فضلًا عن أن البعثة لم تتمكن من إيجاد اتصال قوي بشبكة الإنترنت، ولكن كان لديهم إشارة على هاتفهم المحمول تدل على تغطية شبكة الهاتف للمنطقة، مما مكنّهم من إرسال الصور التي التقطوها بعدسات أولوكليب إلى مركزهم في الولايات المتحدة مصحوبة برسالة نصية على الفور.
يقول أونيل: “إن المشروع المفضل لدي الأن هو أن أجد استخدامات أخرى لعدسات أولوكليب. أعتقد أن التقاط صور جميلة أمرٌ رائع في حد ذاته، ولكن إذا كان بوسعنا أن نساعد في تقديم الخدمات الصحية في المناطق الريفية أو تقليل تكاليف إجراء الأبحاث في الأماكن التي لا يتوافر فيها الكثير من المال، فإن هذا شيء مميز”.