مجلة مال واعمال

قصة شركة تحمي المصارف والمؤسسات من قراصنة الإنترنت

-

160928195922_the_firm_that_protects_banks_and_eurovision_640x360_cloudflare_nocredit

عندما داهمت فرقة شرطة التدخل السريع منزل ماثيو برنس ذات مرة في منتصف الليل، لا شك أنه بعدها كان يسأل نفسه من وقت لآخر بشأن المجال الذي اختاره لكسب قوته.
وربما شعر أيضا برعشة لفترة وجيزة عندما سُئل عن الكيفية التي سيتعامل بها مع تهديدات بالقتل توجه إليه.
برنس هو مؤسس ومدير شركة كلاودفلير لأمن الإنترنت. وتضطلع الشركة، ومقرها سان فرانسيسكو، بحماية مواقع عملائها على الإنترنت، عن طريق إعادة توجيه أنشطة تلك المواقع لتمر عبر الشبكة الخاصة بهذه الشركة، لصد أي هجمات إلكترونية للقراصنة قد تستهدف هذه المواقع.
والآن لدى شركة كلاودفلير التي تأسست عام 2009 أربعة ملايين عميل بما في ذلك مصارف عالمية، وحكومات، وكبار تجار التجزئة على الإنترنت، وحتى مسابقة الأغنية الأوروبية الشهيرة (يورو فيجن).
والمثير للجدل أنه يتم استخدام تلك الشركة أيضا من قبل العديد من المواقع الإلكترونية في عالم ترفيه الكبار.
وببساطة شديدة، تعمل كلاودفلير كجدار حماية مشترك قائم على الحوسبة السحابية، فعندما يحاول شخص ما مهاجمة أحد عملائها، فهي تعلم بالتهديد الجديد ويمكنها حماية كل من يستخدم شبكتها.
ويقدر السيد برنس البالغ 41 عاما أن شركته تدير ما يقارب عشرة في المئة من حركة المرور على الإنترنت في العالم أحيانا، ولإدارة هذه المهمة الشاقة فإنها تشغل مجموعة هائلة من مراكز المعلومات حول العالم.
وهذا هو الدور الهام الذي يقوم به السيد برنس وكلاودفلير في حماية الشركات من القراصنة، وكان برنس كثيرا ما وجد نفسه عرضة لهجوم شخصي من بعض مجرمي الإنترنت الأكثر شراسة في العالم.
وهذا يشمل الحادثة التي وقعت عندما اتصل أحدهم بالشرطة وقال كاذبا إنه رأى شخصا يتصرف وكأنه يهدد آخر بسلاح ناري في منزله، ويقصد بذلك برنس، مما أدى إلى وصول فرقة التدخل السريع إلى منزل برنس.
وفي حادثة أخرى، اخترق بريده الإلكتروني. ويقول برنس، الذي نشأ في ولاية يوتا الأمريكية: “اخترق القرصان بريدي الإلكتروني الشخصي على موقع غوغل لبعض الوقت، لكنه نشر بعض الأشياء الخاصة جدا، والمحرجة للغاية بالنسبة لي”.
اهتمام فيدرالي
تعود جذور شركة كلاودفلير إلى عام 2004 عندما كان برنس، والمؤسس المشارك للشركة لي هولوي، يعملان على مشروع لصناعة الكمبيوتر باسم “هني بوت”.
وكانت الفكرة هي تمكين الناس الذين لديهم مواقع إلكترونية من الاشتراك مجانا لتثبيت برنامج حاسوبي يتعقب الناس الذين يرسلون رسائل بريد إلكتروني غير مرغوب فيها.
وبعد خمس سنوات، كان برنس يعد لدراسة ماجستير في إدارة الأعمال في جامعة هارفارد للأعمال، وكان المشروع بعيدا عن تفكيره عندما تلقى مكالمة هاتفية غير متوقعة من وزارة الأمن الداخلي الأميركية تسأله عن المعلومات التي جمعها عن الهجمات السابقة الذي نفذها بعض القراصنة.
ويتذكر السيد برنس بالقول: “قالوا لي هل لديك أي فكرة عن مدى قيمة البيانات التي لديك؟ هل هناك من طريقة تبيعنا بها تلك البيانات؟ وقمت أنا بإضافة كلفة تشغيل المشروع، وضاعفتها بعشرة أضعاف وقلت لهم ماذا عن 20,000 دولار (15,000 جنيه استرليني)؟ وشعرت أن ذلك مبلغ كبير، وتلقيت الشيك المصرفي بسرعة”.
ويضيف السيد برنس الذي يحمل شهادة في علوم الكمبيوتر: “كنت أروي القصة لميشيل زاتلين، إحدى زميلات الدراسة، فقالت إذا كانوا سيدفعون ثمن البيانات، فأناس آخرون سيدفعون كذلك”.
وهكذا ولدت فكرة كلاودفلير، وكانت السيدة زاتلين المؤسس الثالث لها. ولدى الشركة الآن أكثر من 300 موظف وأكثر من 100 مركز معلومات حول العالم.
ويعتبر نموذج الأعمال في كلاودفلير النهج الكلاسيكي الذي يعتمد على تقديم الخدمة الأساسية بشكل مجاني، لكن الشركات تدفع من أجل زيادة الحماية.

ومع أن هناك تقديرات بأن أربعة إلى خمسة في المئة فقط من العملاء يدفعون الرسوم، فإن ذلك لا يزال يجلب إلى الشركة عائدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
وفي العام الماضي وحده تلقت كلاودفلير 110 مليون دولار من الاستثمارات، وكان برنس قد قال سابقا إنه يعتقد أن قيمة الشركة تبلغ أكثر من مليار دولار.
ومع ذلك يظل برنس يظل متواضعا بشأن مقدار الاستثمار الذي حصلت عليه الشركة قائلا: “المفاخرة بالتمويل، هي كالمفاخرة بضخامة حجم رهنك العقاري”.
وهو أيضا يعزو بعض النجاح لشركته إلى التوقيت وحقيقة أنها أطلقت في الوقت الذي أدى فيه صعود حجم مقاطع الفيديو على الإنترنت إلى السعي للحصول على خدمات إنترنت فائقة السرعة، وكذلك في الوقت الذي انطلقت فيه الهواتف الذكية.
ويقول: “إذا حاولنا إقامة المشروع قبل سنة أو سنتين، أو في وقت لاحق لكان الأمر مستحيلا”.
ويقول البرفيسور ألان وودوورد، وهو خبير في الأمن الإلكتروني في جامعة سري، إن كلاودفلير كانت عملا ناجحا “لأن الخدمة التي تقدمها أثبتت أنها قوية في ظل بعض الهجمات القوية”.
حماية مسابقة الأغنية الأوروبية (يورو فيجن)
مع ذلك، فإن كلاودفلير لم تسلم من المنتقدين لحقيقة أنها تتيح لأي شخص إلى حد كبير استخدام خدمتها بما في ذلك المواقع الإباحية، وحتى الجماعات المتطرفة.
ودفاعا عن ذلك، فحجة برنس هي أنه وشركته لديهما اعتقاد راسخ الجذور بضرورة تمكين الناس من سماع جميع الأصوات والآراء على الإنترنت، حتى تلك التي قد لا يتفق معها الكثير من الناس.
ويشرح قائلا: “العظيم في الإنترنت هو أن بإمكان أي شخص أن ينشر ونحن نريد أن نساعد في الحفاظ على هذه المثالية لا أن نهددها. يجب علينا أن نتبع القانون ولكن لا نعتقد أن من الصواب أن نحدد ما هو غير صحيح سياسيا أو جيد أو سيء. فلا يمكننا إفساد وتيرة الأمور”.
ويقول برنس أيضا إن وجود مثل هذه القاعدة الكبيرة والمتنوعة من العملاء يمكن كلاودفلير من هزيمة القراصنة بسرعة أكبر لأن ما تتعلمه من حماية صناعة ما من الهجوم يمكن أن تطبقه بعد ذلك لحماية صناعة أخرى.
ولتفسير ذلك يستخدم برنس المثال الذي يشرح سبب اكتشاف كلاودفلير في عام 2012 أن أكثر من 150 موقعا من مواقع المواعدة في تركيا انضمت إلى الخدمة خلال فترة أسبوعين. إذ قالت له تلك المواقع إنها جميعا تتعرض لهجوم مستمر من جماعة محافظة ترفض أنشطتها بشدة.
ويقول السيد برنس إن كلاودفلير ساعدت في العام التالي مسابقة الأغنية الأوروبية على ردع هجوم على موقعها. وتبين أن مهاجمي الإنترنت السريين كانوا من الأشخاص المألوفين، وهو ما كان مثيرا للدهشة.

ويضيف: “إن لم يكونوا نفس الأشخاص الذين هاجموا مواقع المواعدة التركية، فإن الهجوم جاء من نفس المصادر. لذا، فلأننا وفرنا الحماية للمواقع التركية تمكنا من مساعدة موقع مسابقة الأغنية الأوروبية. قد لا يبدو أن مواقع المواعدة التركية عملاء جذابون، لكنهم ساعدونا على التعلم”.
وفي حادثة أخرى، استخدمت مجموعة من القراصنة تدعى لولزيك موقع كلاودفلير لفترة وجيزة لحماية أنفسهم من قراصنة أخرين (ولا يحتاج المستخدم إذنا من كلاودفلير لاستخدام خدمتها).
وهذا، مرة أخرى، مكن كلاودفلير من تعلم كيفية الدفاع عن جمهورها الأوسع بشكل أفضل.
وفيما يتعلق بالهجمات الشخصية التي يستمر برنس في مواجهتها، يقول برنس إن بعضها كان “جنونيا”، وأضاف أنه سيترك لوكالة تطبيق القانون مسألة التعامل مع الوضع.