بلغت القروض العقارية للبنوك السعودية 816.83 مليار ريال (217.82 مليار دولار) في الربع الثاني من 2024، مسجلة ارتفاعا سنويا بنسبة 12 في المائة، بحسب بيانات رسمية.
وأشارت أرقام مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) إلى أن هذا المبلغ يمثل نحو 30% من إجمالي محفظة قروض البنوك خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
واستحوذت قروض العقارات بالتجزئة على الحصة الأكبر بنسبة 79%، وارتفعت خلال هذه الفترة بنسبة 10% لتصل إلى 641.72 مليار ريال.
وارتفعت القروض العقارية للشركات، رغم أنها تمثل 21% من الإجمالي، بمعدل سنوي أسرع بلغ 18%، لتصل إلى 175.12 مليار ريال.
ارتفعت حصة القروض العقارية ضمن إجمالي محافظ قروض البنوك السعودية بشكل مطرد خلال السنوات الأخيرة، ووفقاً لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي، شكلت هذه القروض قبل خمس سنوات نحو 17% من إجمالي أنشطة الإقراض.
وارتفع هذا الرقم إلى 18.5% في عام 2021، ثم قفز إلى 28.5% في عام 2022، و29.6% في عام 2023. وبحلول الربع الثاني من هذا العام، أصبحت قروض العقارات تشكل الآن 29.7% من الإجمالي.
ويعود هذا النمو إلى عدة عوامل رئيسية، بما في ذلك التنمية الحضرية، وتطور تفضيلات نمط الحياة، وظهور التجارة الإلكترونية. وهناك أيضًا التركيز المتزايد على الاستدامة، والتحول نحو العمل عن بُعد، والتغيرات الديموغرافية، والسياسات الحكومية الداعمة.
وعلى وجه الخصوص، هناك زيادة ملحوظة في الطلب على أنواع مختلفة من العقارات، بدءًا من الشقق السكنية والفيلات إلى المكاتب التجارية ومساحات البيع بالتجزئة.
وتشهد أماكن الضيافة أيضًا اهتمامًا متزايدًا، مع انتشار مشاريع التطوير متعددة الاستخدامات. وتجمع هذه المشاريع بين المناطق السكنية والتجارية والترفيهية، مما يخلق مجتمعات ديناميكية تلبي مجموعة واسعة من الاحتياجات.
وتعمل الاتجاهات الاقتصادية الكلية مثل النمو السكاني والتوسع الحضري والاستقرار الاقتصادي على تعزيز هذا السوق بشكل أكبر.
وعلاوة على ذلك، توفر المبادرات الاستراتيجية مثل رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمار الأجنبي، إطاراً قوياً للنمو المستدام.
تركز شركات العقارات في المملكة العربية السعودية بشكل متزايد على الإسكان بأسعار معقولة والبناء المستدام، مع إدراك الإمكانات الطويلة الأجل لهذه المجالات.
ونتيجة لذلك، يبرز قطاع العقارات في المملكة العربية السعودية كفرصة جذابة للاستثمار والتطوير، حيث يجذب اللاعبين المحليين والدوليين على حد سواء الذين يتطلعون إلى الاستفادة من المشهد المتطور في البلاد.
وبحسب دراسة أجرتها شركة موردور إنتليجنس، فإن سوق العقارات التجارية في المملكة مجزأة للغاية وتنافسية، مدفوعًا بالطلب المتزايد على العقارات الجديدة بسبب الأنشطة التجارية المتنامية.
يتنافس المطورون على أساس عوامل مثل بنوك الأراضي، وموقع العقار، والمشاريع القادمة، بالإضافة إلى تكاليف البناء، وسمعة الشركة.
وأشارت الدراسة إلى أن شركات التطوير العقاري البارزة في السوق تشمل شركة السعيدان العقارية، وشركة المملكة القابضة، وشركة سدكو للتطوير.
كما استشهدت بشركة جبل عمر للتطوير، وشركة مكة للإنشاء والتطوير، وشركة دار الأركان للتطوير العقاري، بالإضافة إلى شركة طيبة السعودية للاستثمار والتطوير العقاري.
وبالتوازي مع ذلك، يشهد تمويل المساكن نمواً كبيراً، بما يتماشى مع هدف الحكومة في زيادة نسبة تملك المنازل بين المواطنين السعوديين إلى 70% بحلول عام 2030.
وفي عام 2016، قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بمراجعة اللوائح بهدف زيادة نسبة القروض إلى القيمة لشركات التمويل من 70% في عام 2014 إلى 85%.
في عام 2017، تم تمديد سقف نسبة القرض إلى القيمة إلى 85% للمواطنين الذين يسعون للحصول على منزلهم الأول من خلال البنوك، وزاد إلى 90% في عام 2018.
ومع استمرار الحكومة في تعزيز المعروض من الإسكان بأسعار معقولة، عزز إنشاء الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري في عام 2017، وهي شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة في المملكة، توفير الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري للمستثمرين.
ومن المتوقع أن ينمو الطلب على التمويل العقاري من 280 مليار ريال سعودي في عام 2017 إلى 500 مليار ريال سعودي بحلول عام 2026، مدفوعًا بالنمو الاقتصادي القوي. وتلعب الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري دورًا حيويًا في هذا التوسع من خلال جعل سوق الإسكان أكثر سهولة في الوصول للمستثمرين المحليين والدوليين.
وبحسب دراسة أجرتها شركة ديلويت، فإن نقص شركات إعادة التمويل في سوق الرهن العقاري السعودي أدى في السابق إلى تقييد قدرة البنوك على توسيع محافظ قروضها داخل أي قطاع واحد.
ولكن إنشاء الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري غيّر هذه الديناميكية، إذ سمح للبنوك بتجميع محافظ قروضها في أوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري يمكن بيعها للمستثمرين.
تأثير أسعار الفائدة
وتأثر سوق العقارات السعودي بشكل كبير بتقلبات أسعار الفائدة المرتبطة بشكل وثيق بالسياسة النقدية الأميركية بسبب ربط الريال السعودي بالدولار الأميركي.
ومع قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة لمكافحة التضخم، قامت دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، باتباع نفس النهج، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في مختلف أنحاء المنطقة.
وقد خلقت هذه المعدلات المرتفعة من الفائدة في البداية تحديات للأفراد والشركات التي تسعى للحصول على تمويل عقاري في المملكة.
وارتفعت تكلفة الائتمان، مما تسبب في تردد المشترين المحتملين، وخاصة في سوق كانت تشهد بالفعل ارتفاعاً في أسعار العقارات.
وقد اعتمد العديد من مالكي المنازل والمستثمرين المحتملين على نهج الانتظار والترقب، على أمل خفض الأسعار قبل اتخاذ قرارات شراء كبرى.
ورغم استمرار ارتفاع المستوى، فقد أظهر السوق مرونة وبدأ يستعيد زخمه.
وأشار إلياس أبو سمرة، الرئيس التنفيذي لشركة رافال للتطوير العقاري، في مقابلة مع صحيفة عرب نيوز في يوليو/تموز، إلى أن السوق تكيف مع بيئة أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول.
لقد تقبل المشترون حقيقة مفادها أن انتظار خفض الأسعار قد يقابله زيادات أخرى في أسعار العقارات.
وقد دفع هذا الإدراك العديد من الناس إلى المضي قدماً في قراراتهم الشرائية، مما أدى إلى تعزيز الطلب على الرهن العقاري ومعاملات العقارات.
وهناك عامل مساهم آخر وهو أنه على الرغم من التحديات المتمثلة في ارتفاع أسعار الفائدة، فقد تم تخفيف التأثير من خلال الزيادة الكبيرة في نشاط البناء في جميع المشاريع العملاقة في المملكة العربية السعودية ومبادرات التنمية الكبرى الأخرى التي يدعمها صندوق الاستثمارات العامة.
وقد حافظت هذه المشاريع الضخمة على الزخم في سوق العقارات، مما ساعد في موازنة آثار ارتفاع تكاليف الاقتراض.
وفي بيان صدر في أغسطس/آب، أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى استعداده لخفض أسعار الفائدة، معرباً عن ثقته في تراجع التضخم وحذره من احتمال المزيد من التباطؤ في سوق العمل.
في حين لم يحدد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول جدولًا زمنيًا أو مدى التخفيضات المحتملة في أسعار الفائدة، فإن تعليقاته تشير إلى خفض محتمل لأسعار الفائدة في اجتماع السياسة المقبل في منتصف سبتمبر.
هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف ينفذ تخفيضات أكثر عدوانية، مثل خفض بمقدار نصف نقطة مئوية، بدلاً من ربع نقطة مئوية كما هو معتاد.
بالنسبة للبنوك السعودية، فإن تخفيضات أسعار الفائدة المتوقعة قد تحفز نمو القروض للشركات، في حين من المرجح أن تعمل جودة أصولها القوية على تخفيف أي مخاطر سلبية في عام 2024.
تعترف وكالة فيتش للتصنيف الائتماني بأن بنوك المملكة تتمتع بأقوى ملفات المخاطر بين البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بفضل جودة الأصول القوية ومعايير الاكتتاب المحافظة والتنظيم الصارم من قبل البنك المركزي السعودي.