مجلة مال واعمال

قاضٍ سعودي: شركات التبغ دغدغت مشاعر “الصحة”

-

أثارت آراء القاضي السعودي بمحكمة الاستئناف الشيخ الدكتور إبراهيم الخضيري، والتي قال فيها إن الدعاوى التي حركتها وزارة الصحة ضد وكلاء شركات التبغ في السعودية تمت تسويتها بأسلوب “تحت الطاولة”، مضيفاً أن وزارة الصحة حصلت على تعهدات من وكلاء التبغ بالقيام بإنشاء مراكز للعناية بالمدخنين ومعالجتهم، والعمل على مكافحة التدخين، مما دفع الوزارة بتقديم طلب لشطب الدعوى.

وفجرت تلك التصريحات الكثير من التساؤلات حول حقيقة تلك القضايا، وهو ما حملته “العربية.نت” إلى مدير الإدارة القانونية بوزارة الصحة إبراهيم المسيطير، الذي رد على ذلك بقوله لـ”العربية.نت”: “إن ما ورد في الخبر المنسوب إلى فضيلة القاضي الخضيري غير مقبول، وغير صحيح. هذه إشاعات”.

مضيفاً: “الهدف من كل ذلك هو الضغط على وزارة الصحة، بل إنني غير متيقن من أن يصدر عن فضيلته ذلك تحديدا”.

وقال “المسيطير”: “من حيث المبدأ من غير المقبول شرعاً ولا في نظام القضاء، ووفقا للمادة 52 حتى ولو كان قاضي استئناف أن يتحدث عن قضايا عنده، فكيف عندما تكون عند غيره من القضاة، وألا يصرح أو يتدخل فيما ليس عنده، كما أن الحديث عن القضايا في المحاكم ليس مكانه الإعلام، وفي مجمل الحديث أنه غير متأكد من أن الشيخ قال ذلك لما عرف عنه من علم وورع”.

لا نقبل التدخل

وأبدى “المسيطير” استياءه أكثر بقوله: “المسألة تخصّ وزارة الصحة ومن غير المقبول الحديث عنها بهذه الطريقة، لم نسحب القضايا ولم نستشر أحدا عند رفعنا للقضايا، لكن “الصحة” هي التي تبنت هذه القضايا، هدفنا للحصول على تعويضات جراء الأضرار التي لحقت بالصحة في علاج المتضررين”.

وأقر “المسيطير” بأن وزارته تفاوضت مع وكلاء شركات التدخين قائلا: “هذا صحيح ولكن قبل رفع القضايا وعندما لم نصل لحل لجأنا للمحكمة”.

وعن سير القضايا رفض “المسيطير” الإفصاح عنها قائلا: “أفضل عدم الحديث عنها حالياً. كما طالب بتعاضد الجهات مع وزارته، مؤكدا في ذات الوقت قوة موقفها: “موقفنا قوي، ولدينا الخبرة الكافية ولم نستعن بأية مكاتب قانونية”، مضيفاً: “رفعنا قضيتنا ضد 18 وكيلاً، ويمكنني الإفصاح عن أن هناك عددا ممن ألغوا وكالاتهم تحت تأثير الدعاوى، وأستغرب عدم إشارة الإعلام لذلك، أما وضع القضية فلا يمكن الحديث عنه الآن”.

التضحية بالمليارات

يذكر أن القاضي بمحكمة الاستئناف الدكتور إبراهيم الخضيري كشف لصحيفة “الوطن” أنه لو كانت “الصحة” أصرت وواصلت على القضايا التي رفعتها ضد 18 شركة تبغ حتى النهاية، لحصلت على تعويضات تترواح بين 10 إلى 20 ملياراً، مقابل ما تقول إنها خسرته في معالجة الأمراض التي يتسبب فيها التدخين.
مضيفا أن “الصحة” توقفت عن المطالبة، لأن كبريات شركات التبغ “دغدغت” مشاعرها “من تحت لتحت” واصطلحت معها لإيجاد مراكز لمكافحة التدخين، وإجراء صلح باطني، معتبرا أن هذا الصلح “باطل”.

وحول التعويضات وجوانبها قال “التعويض له شقان، الأول يتمثل في الضرر المادي الجسدي، وهذا عليه أدلة شرعية واضحة بناء على القول الراجح من أقوال الفقهاء المعاصرين باستحقاقه للتعويض، فيما يتضمن الشق الثاني الضرر المعنوي الأدبي، وهذا لا يستحق التعويض بإجماع الفقهاء المعاصرين.

الصحة بحاجة لدعم ومساندة

يذكر أن وزارة الصحة السعودية كانت قد بدأت مطالباته برفع الدعاوي منذ 2007 م، إلا أنه لم تبرز أية بوادر على الحصول على أي حكم قضائي، مما دعا البعض إلى التأكيد على أن الصحة توقفت عن المطالبة بعد الوصول لصلح غير معلن.

وفيما لا تكاد تذكر عدد القضايا التي حصل فيها المتضررون في السعودية على أحكام تعويضة، خصوصا أن من القضاة من يؤكد أن التعويض يجب أن يستند على وضوحه وأن المدخن قبل الضرر مع العلم المسبق بالأضرار.

وكان الدكتور عبدالرحمن يحيى القحطاني خبير تعزيز الصحة مستشار منظمة الصحة العالمية قد طالب في وقت سابق بعدم الضغط على وزارة الصحة قائلا: “الإدارة القانونية بوزارة الصحة لا يمكنها إطلاقاً أن تواجه هذا الخصم وحدها”.

واعتبر القحطاني أن شركات صناعة التبغ تترقب هذه المقاضاة في المملكة بشكل حساس ودقيق لعدة أسباب، من أهمها أنها تواجه لأول مرة محكمة إسلامية وفي دولة عربية لها مكانتها على مستوى العالم الإسلامي، وأن نجاح المملكة في هذه المقاضاة سيكون بوابة لولوج الدول الإسلامية الأخرى، وهذا ما لا تريده شركات صناعة التبغ.

يذكر أن مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض كان من الجهات التي رفعت قبل أعوام قضية تعويض على شركات التبغ، مطالباً ببضعة ملايين لبناء مركز طبي وذلك عام 2001. رغم أن الدكتور قاسم القصبي المشرف العام التنفيذي في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض نفى ذلك حيث رفعت في عهد سلفه د. الجبرتي.

جهود حثيثة

وتتجه السعودية في إجراءات حثيثة مؤخراً للحد من انتشار التدخين، ولعل آخرها ما نقل عن أحمد المصيبيح، مدير العلاقات العامة والإعلام في رابطة دوري المحترفين السعودي لكرة القدم عن خطة لتحسين بيئة الملاعب، حيث سيتم منع التدخين بشكل رسمي.

من جهة أخرى طالبت جمعية مكافحة التدخين الهيئة العامة لمكافحة الفساد بالتحقيق في عدم تطبيق 50% من الدوائر الحكومية القرار القاضي بمنع التدخين،
وأكد الأستاذ سليمان الصبي، الأمين العام لجمعية مكافحة التدخين، أن هناك تجاهلا كبيرا من بعض الإدارات الحكومية لدور الجمعية، وأنها تعاني التهميش. ومن ذلك رفض وزارة الاقتصاد والتخطيط إضافة سؤال (هل أنت مدخن؟) إلى التعداد السكاني الأخير، فيما قصّرت وزارة الصحة في تدشين عيادات المساعدة على الإقلاع”.

وبحسب إحصائية الجمعية تبلغ نسبة المدخنين البالغين في السعودية 27%، و19% ممن تراوح أعمارهم بين 11 و15 عاما، أما نسبة المدخنات في السعودية فبلغت 5.6%”.