تبني مدينة دبي الإماراتية محطة للطاقة الشمسية من شأنها تغطية 75% من حاجة الإمارة للطاقة بحلول عام 2050، في مشروع طاقوي يعد الأضخم في العالم، مقارنة بمشاريع مشابهة في الولايات المتحدة، ودول في الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت دبي، المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الإمارات العربية المتحدة، مؤخراً عن خطط لما سيكون أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، بحلول عام 2020، حيث يتوقع أن تؤمن المحطة ربع الاحتياجات الوطنية للمدينة من الطاقة، والتفوق على الولايات المتحدة من حيث توليد الطاقة المتجددة.
وتعد المحطة جزءاً من خطط المدينة للاكتفاء الذاتي من الطاقة، وذلك يعد أمراً هاماً بالنسبة للمنطقة المعروفة بتوفر الإمدادات النفطية والأموال فيها، لكنه يعد تفكيراً مستقبلياً أيضاً، فالمشروع يملك القدرة على إنتاج الطاقة لفترة طويلة جداً بعد نفاد المخزون النفطي من أي مكان حول العالم.
الطبيعة الفنية للمشروع
وتعمل الطاقة الشمسية المركزة بشكل مختلف قليلاً عن الخلايا الشمسية التي توضع على أسطح الأبنية والمنازل، فبدلاً من استخدام الخلايا، تعمل مجموعة واسعة من المرايا على عكس الضوء باتجاه نقطة مركزية، وتلك النقطة الموجودة أعلى برج يتوسط حقل المرايا، وفي النقطة التي يتركز فيها الضوء، يتم توليد الطاقة من خلال الحرارة المكتسبة من أشعة الضوء الشديدة مشغلةً بذلك توربينات بخارية تولد الكهرباء.
وتعد الطاقة الشمسية المركزة خيارًا مثاليًا لمنطقة حارة تصلها الكثير من أشعة الشمس، وهي شبيهة لآلية اعتماد الدنمارك على الرياح لتوليد الطاقة.
تجارب مماثلة
ولم يعد الاعتماد التام على مصادر الطاقة المتجددة أمرًا افتراضيًا في الوقت الحالي، ففي الشهر الماضي، تمكنت البرتغال من تغطية جميع احتياجاتها للطاقة لأكثر من 100 ساعة متتالية، بالاعتماد فقط على مزيج من الطاقة الشمسية والرياح والطاقة المائية.
بينما شهدت بلدان أخرى أيضاً على فترات مشابهة من التغطية الكاملة لاحتياجات الطاقة، حيث غطت ألمانيا حاجتها ليوم كامل تقريباً باستخدام الطاقة المتجددة هذا العام، أما الدنمارك فشكلت طاقة الرياح 40% من إجمالي مصادرها للطاقة.
ومن الواضح أن دبي تحاول أخذ الصدارة في تجارب طموحة كهذه، مستفيدة من موقعها في منطقة الخليج العربي التي تحتوي على إمدادات لا نهاية لها من الوقود الأحفوري.
الولايات المتحدة المنافس الأبرز
وتتحرك إمارة دبي بخطى متسارعة نحو إنتاج الطاقة المتجددة بشكل يفوق سرعة الولايات المتحدة، لكن هل يعني ذلك أن على الولايات المتحدة الشعور بالخجل من المنطقة المعروفة باحتوائها على الوقود الأحفوري، لتفوقها في مجال الطاقة المتجددة؟.
في البداية يتوجب علينا فهم الصورة الكبرى، فلنأخذ ما يلي بعين الاعتبار، الولايات المتحدة تنتج الآن قرابة 13% من إجمالي حاجتها للطاقة من المصادر المتجددة بمزيج من الطاقة المائية، والشمسية وطاقة الرياح، وطاقة باطن الأرض الحرارية، وطاقة الكتل الحيوية، وهو ما يوفر مخزونًا طاقويًا ضخمًا بالمقارنة مع ما تملكه دبي.
ورغم أنها الولايات المتحدة أكبر بـ 127 مرة من دبي، وتملك تنوعاً أكبر من حيث حاجاتها وطاقتها المتجددة، إلا أن بعض أطرافها المترامية لا تحصل على أشعة الشمس، وبعض أجزائها لا تحصل على الرياح، كما أن بعض المناطق فيها لا تملك ما يكفي من الماء لتوليد الطاقة الكهرومائية.
ومما يزيد التعقيدات على الولايات المتحدة في سباقها الطاقوي مع دبي أنها لا تملك أي توقعات حول ما سيبدو عليه مستقبل الطاقة فيها، أو على الأقل لا توجد توقعات جديرة بالثقة.
وبالرغم من أن النمو في صناعات الطاقة المتجددة مستمر، إلا أنه لا توجد توقعات واضحة حول الوضع الذي ستكون عليه في عام 2050، هل ستصل إلى 75% من إجمالي الحاجة للطاقة؟ أو أكثر أو حتى أقل؟ وفقاً لتقييم الأثر البيئي يرجح أن يكون أقل بكثير.
وحتى تتوصل الولايات المتحدة إلى ما ستبدو عليه طاقتها المتجددة في عام 2020، وبعدها في عام 2050، لن تكون قادرة على معرفة ما ستبدو عليه نسب الاعتمادية على الطاقة المتجددة، لذلك النقص الوحيد الذي تعاني منه أمريكا بالمقارنة مع أوروبا ودبي، هو غياب وجود خطة واضحة.