بقلم / سارةالسهيل
الوطن موطن يسكننا ونسكنه ،يحيينا ونحياه ، انا والوطن لحمة واحدة لا انفصال لها ، فمواجعه وافراحه هي مواجعنا وافراحنا ، لذلك كانت قيم الانتماء للوطن هي في حقيقتها انتماء لانفسنا ولاحلامنا ودفاعنا عنه هو دفاع عن أنفسنا .
تقوم الاناشيد والاغاني الوطنية بتكريس الشعور الوطني وتساهم بتشكيل هويتنا وثقافتنا و انتمائنا ، ولذلك اختصت كل شعوب العالم بأناشيد وأغاني وطنية تزرعها في شجرة طفولة أبنائها ولما يشتد بهم العود يصبحون جزءا أصيلا من وطنا احتضنهم ويدافعون عنه بالدم والروح
تسعفني ذاكرتي حنينا للماضي وأيام الطفولة والمدرسة فأحن لأناشيد الوطن في طابور الصباح المدرسي ، وكيف كانت هذه الاناشيد تملأنا حماسة وهمة وحبا للوطن .
واليوم فان حنيني لهذا الطابور وأناشيده يوقظ بداخلي كل مشاعر الحب والعزة والفخر والكرامة تصل احيانا في البعد الى حد البكاء
فحين استمع الى هدا النشيد تتحرك بدمائي الكرامة التي تشربتها في العيش بوطن يحترم قيمة الانسان
قد أحببناهُ، وبايعناهْ
وزرعْنا الرّاية في يُمناهْ
وحَلَفْنا بترابِ الأردنّ
بأنْ يبقى.. فالكُلُّ فداهْ
فَلْتشهد يا شجرِ الزيتونْ
أَنّا معه، وبه، ماضونّ!
والانتماء الوطني وغرسه في الأجيال لها العديد من التجليات الاخرى غير الاغاني الوطنية
والأهازيج الشعبية الوطنية التي يرددهـا المجتمـع وتشكل رافدا مهما في تكوين ثقافتهم، وتوحيد الجماعـات واذابة الفوراق بينهم وتحقيق التقـارب فيما بينهم ، وحفز طاقات الحماس فيهم للدفاع عن وطنهم والفخر بحضارتهم وتاريخهم.
وكل الاجيال في الاردن تشبعت بالعديد من الاغاني الوطنية التي بثت فيهم روح الأمــل والكفــاح والتعاون لصد المعتدي ، والصمود في مواجهة التحديات ، والمضامين التي احتوتها هذه الأغاني تضيئ الطريق بالامل في المستقل وتطهير الانفس من ظلام اليأس والخوف من اعاصير الحياة . وتنمي مشاعر حب الخير والعدل والكرامة والعزة وشرف الانتماء للوطن في نفوس الصغار والناشئة ، وبث قيم الشجاعة للدفاع عن الوطن ، وتنمية الذائقة الوطنية بمعاني رفعة الوطن ورفعة مواطنيه.
ومن اروع القصائد الوطنية قصيدة الشاعر الأردني الكبير حيدر محمود “أرخت عمان جدائلها فوق الكتفين ” والتي شدت بها الفنانة المصرية نجاة الصغيرة من الحان الموسيقار الأردني الراحل جميل العاص
أرخت عمان جدائلها فوق الكتفين
فاهتز المجد وقبّلها بين العينين
بارك يا مجد منازلها والأحبابا
وازرع بالورد مداخلها باباً بابا
عمان اختالي بجمالك وازدادي تيهاً بدلالك
يا فرساً لا تثنيه الريح سلمتِ لعيني خيالك
يا رمحاً عربي القامة قرشي الحدّ
زهّر إيمانا وشهامة واكبر وأشتد
وكم تراقصت قلوب أهل الاردن عندما شدت الفنانة اللبنانية دلال الشمالي بأغنية ،أردن يا مهد العلا نسبا، يا موطناً قد عانق الشهبا، آمنت فيك على المدى وطناً رغم النوائب يفعل العجبا .
بينما شدت الفنانة القديرة فيروز بأغنية عـمان في القلب أنتِ الجمرُ والجاهُ ببالي عودي مُرّي مثلما الآهُ
لو تعرفينَ وهل إلّاك عارفةٌ هموم قلبي بمن برّوا وما باهوا
من السيوفِ أنا أهوى بنفسجة خفيفة الطول يوم الشعر تيّاهُ
سكنتُ عينيك يا عمان فالتفتتْ إليّ من عطش الصحراء أمواهُ
وكأس ماء أوان الحرّ ما فتئتْ ألّذُ من قُبلٍ تاهتْ بمن تاهوا .
وأنشد شاعر الأردن الراحل حبيب الزيودي، عشرات القصائد والأغاني الوطنية ومنها
هذي بلدنا وما نخون عهودها
حدودها ما تنرسم فوق الورق …
بقلوبنا حنا رسمنا عهودها
التي غنتها الفنانة سميرة العسلي
وايضا
ما شدت به الفنانة المصرية أنغام
يَا حنّة على حنّة
يَا فوح الخُزامى والند.
ويَا ريحة الجنّة
ويا دار بناها العزّ.
لا هانتْ ولا هنّا
أهِلْها جبال فوق جبال
بيها المجد يتغنى
اما هذا النشيد لحيدر محمود يهز الكيان كاملة بالحنين
اطلعنا من قلب الصخر
انسان العزة والفخر
وحلفنا بجلال النهر
ان نقهر بالحب العتمة
وبنينا الاردن الاغلى
جبلا سهلا حقلا اهلا
وجعلناه الوطن الاحلى
وبرسمك زينا رسمه
راياتك تخفق في القمة يا صانع امجاد الامة
يا ملهمنا ومعلمنا سنظل نشد بك الهمة
و الفنان فارس عوض وأغنيته التي لا تنسى ..!
عـــمَّــان يا دار المعزّة والفخر
يا حرة ما دنست أثوابها…
يا ديرة عشنا بها عمر هني
يا عز من كثرت عليه تعابها ..
قومي افتحي حضنك الي ضمني
من كنت طفل في ثراة اعشابها..
و اغنية عمر العبدالات الرائعه
جيشنا جيــش الــوطن سمينا باسم الله
نحمــي الوطن والعلم وعيون عبـدالله
محلى الطواقي الخضر والخمــري عالجبين
حنـا جيش العروبة حنا جيش ابو حسين
وأمام التحديات التي يواجهها الوطن و لتأكيد الهوية الوطنية و غرسها في قلوب الاجيال القادمة ، المطلوب انتاج قصائد و اناشيد وطنية جديدة و احياء الاناشيد القديمة فهذا حاجة ماسة تفرضها علينا ضرورات التربية والتنشئة لمزيد من تكريس حب الوطن والذود عنه والفداء له ، والانتماء لارضه وتاريخه وقيمه وثقافته ومليكه
سارة السهيل