إن كنت من أصحاب المشاريع الصغيرة في أميركا، بإمكانك الآن الحصول على تمويل مصرفي يصل سقفه إلى 100 ألف دولار بينما ترتشف قهوة الصباح.
ففي سعيه لتقليص مدة الإجراءات الخاصة بطلبات القروض، استثمر المصرف الأميركي العريق Eastern Bank الذي يتخذ من بوسطن مقراً له، ملايين الدولارات خلال السنوات الأخيرة من أجل إنشاء نظام يمكن البنك من “أتمتة” معاملاته، وأصبح اليوم بإمكان عملاء البنك الذي يعود تاريخ إنشائه إلى 198 سنة، الحصول على قروض في مدة لا تتعدى 5 دقائق، بعد أن كان الأمر يتطلب في السابق من 3 إلى 4 أسابيع، يتم خلالها جمع معلومات كافية عن صاحب الطلب وتعبئة رزمة من الاستمارات الورقية بالمعلومات المطلوبة عن العملاء.
وتحمل خطوة البنك جانباً دعائياً، إذ تعمل على استقطاب العديد من المستثمرين الصغار الراغبين في الحصول على تمويل لمشاريعهم الصغيرة وترجمة أحلامهم الاستثمارية على أرض الواقع بعيداً عن كابوس الإجراءات واحتمالات الرفض.
غير أن هذه الميزة المغرية ليست متاحة للجميع في الفترة الراهنة، إذ تقتصر على ثلة من العملاء من أصحاب السجلات المتوفرة في أرشيف البنك نتيجة تعاملات سابقة مصرفية سابقة، ما يعزز عامل الأمان ويقلل مخاطر وصول أموال البنك إلى الأيادي غير المؤتمنة، وفقاً لما نقلته صحيفة “وول ستريت”.
وقد لعب الدهاء التكنولوجي الذي ينبض بالمنافسة داخل “سيليكون فالي”، دوراً محورياً في دفع البنوك نحو نزع آليات نظام القروض البالية لديها، والتحول إلى أساليب مبتكرة تزيد من نسبة الرضا لدى العملاء، خاصة أصحاب المشاريع منهم الذين تشكل الإجراءات المعقدة وطول المدة التي تستغرقها عائقاً في سعيهم لإيجاد التمويل المطلوب.
وقد لا تصل الحاجة لدى العميل إلى درجة الحصول على قرض خلال 5 دقائق، غير أن خطوة Eastern Bank تبث رسال تنافسية مفادها أن البنك يولي قيمة لوقت عملائه، حتى إن الأمر بات يقلق بنوكاً أميركية كبرى، مخافة خسارة عملائهم لصالح “المقرضين خارقي السرعة”، الذين قد يبتلعون حصة كبيرة من سوق الإقراض الأميركية، أمام أنظار بقية منافسيهم السائرين على وقع الإيقاع التقليدي.
فبحسب الصحيفة الأميركية، توصل بنك J.P. Morgan Chase & Co أخيراً إلى اتفاق مع موقع متخصص في الإقراض عبر الإنترنت يدعى On Deck Capital Inc، يتم بموجبه تزويد طالبي القروض الصغيرة بالموافقات خلال دقائق، بل وصرف قيمة التمويل المطلوب في اليوم نفسه أو اليوم الذي يليه.
Bank of America هو الآخر فضل التغريد داخل السرب لكن بوتيرة أبطأ بكثير، حيث شرع منذ الصيف المنصرم في تقليص مدة إجراءاته عبر خط ائتماني أكثر انسيابية، يتيح منح قروض خلال أسبوعين فقط بدلاً من ثلاثة.
وإذا كان هذا السباق المصرفي نحو جيوب العملاء، خدمة كبيرة لهؤلاء، فإنه في الجهة المقابلة يستدعي تحذيرات من تحوله إلى “تمويل طائش”. فبعض الخبراء يرون أن الأمر لا يتعلق دائماً بإرضاء العميل، إذ على البنك أن يضع أولوية مفادها أن الأموال يجب أن تصل إلى مستحقيها، حتى لا تكون لهذه الخطوة عواقب وخيمة على البنوك إذا ما بدد صفوها المتعثرون عن السداد.