تتخذ معظم الشركات العالمية من دبي مركزاً إقليمياً لها في المنطقة انطلاقاً من أهميتها اللوجستية وتطور البنى التحتية ورقي ثقافة الأعمال السائدة والاحترافية العالية لدى الكوادر البشرية، ورغبة الشركات في تأمين مكان مناسب للعيش لأفرادها.
وإحدى الشركات العالمية التي قررت أن يكون مقرها الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط ضمن مدينة دبي للإنترنت هي شركة «فيرست سولار» التي يقع مقرها الرئيس في مدينة تمب بولاية أريزونا، وتضم 5,800 موظف حول العالم، ووصل صافي مبيعاتها إلى 3.4 مليارات دولار لعام 2014.
قاعدة
واعتبر أحمد ندا، نائب الرئيس والمدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط في شركة “فيرست سولار” في حوار مع البيان، أنه بفضل الرؤية الحكيمة لقيادتها، تشكل دبي قاعدة جذابة للأعمال المبتكرة.
وتوفر الإمارة بوصفها مركز أعمال إقليمياً بنى تحتية عالمية المستوى، تعد في غاية الأهمية لنمو أعمالنا في المنطقة، بدءاً من طرق النقل الجوي، مروراً بأسواقنا الرئيسية، وقدرات الاتصال المتطورة، ووصولاً إلى وفرة المواهب والطاقات البشرية المناسبة.
ومن أبرز الأمثلة عن الرؤية الرشيدة لإمارة دبي، تأسيس مجمّع الطاقة والبيئة “إنبارك” من قبل “تيكوم للاستثمارات”، وقد حقق المجمع نجاحاً كبيراً في المهمة التي أنشئ من أجلها، وهي جذب شركات كشركتنا إلى هذه المنطقة. ويعكس هذا المثال قدرة الإمارات العربية المتحدة على تحديد التوجهات العالمية، واستباقها وتبنيها.
حيث تحتضن دبي أولى المحطات الكبيرة لشركة “فيرست سولار” في الشرق الأوسط باستطاعة 13 ميغاواط، التي تعد المرحلة الأولى من مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية. كما تشكل هذه المحطة بالنسبة لنا مركزاً تجارياً وتقنياً يدعم استرتيجية نمونا في كامل منطقة الشرق الأوسط.
استراتيجية
وحول نوع العمليات والأسواق التي تتم إدارتها من دبي، قال أحمد ندا: يعمل فريق عملنا في الشرق الأوسط من مركزنا في دبي، ونتيجة لذلك، يتم رسم استراتيجيتنا الإقليمية وخطط المبيعات انطلاقاً من مكتب دبي. ولدينا حالياً ما يزيد على 20 خبيراً موجودين في دبي، يؤدون مهام متنوعة، منها تطوير الأعمال والتخطيط الهندسي، وإدارة سلسلة التوريد والتسويق. وبفضل موقع دبي الجغرافي، يمكن للعديد من زملائنا تقديم الخدمات والدعم لمنطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى أسواق في إفريقيا وأوروبا وآسيا.
تطور
وفيما يتعلق بتاريخ تأسيس أعمال ووجود الشركة في دبي وكيف تطورت خلال السنوات الماضية؟ يقول مسؤول “فيرست سولار”: يعود حضورنا في دولة الإمارات إلى عام 2009، حينما تم اختيار ألواحنا الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية لجزء من محطة الطاقة التجريبية في مدينة مصدر.
وفي عام 2012، اختارت هيئة الكهرباء والمياه في دبي (ديوا) شركة “فيرست سولار” لتوفير الخدمات الهندسية وخدمات المشتريات والإنشاءات، إضافة إلى الألواح الشمسية المتطورة التي ننتجها، للمرحلة الأولى من مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي. وقد أسسنا مركزنا الإقليمي في الإمارة، بعد ذلك بفترة وجيزة.
مرافق وموظفون
وحول مرافق الشركة في دبي وعدد الموظفين والفعاليات الدورية التي يقيمونها سنوياً، قال ندا: في إطار مجمّع الطاقة والبيئة “إنبارك” الذي أسسته “تيكوم”، فإننا ندير أعمالنا من مكاتبنا الموجودة في مدينة دبي للإنترنت. وتشارك “فيرست سولار” بالفعاليات الرئيسية المتعلقة بالقطاع في دبي والإمارات العربية المتحدة والمنطقة بشكل عام. وقد كانت مؤتمرات وفعاليات القطاع عاملاً أساسياً في نمونا في المنطقة ومنصة ممتازة للتواصل مع العملاء واللاعبين الرئيسيين، إضافة إلى الهيئات الحكومية.
توسع
وعن أبرز خطط التوسع وعدد الوظائف المستقبلية التي يمكن توفيرها في الإمارة، أجاب نائب الرئيس والمدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط في شركة “فيرست سولار”: التزامنا تجاه دبي ودولة الإمارات يتخطى محطات الطاقة عالمية المستوى، إذ إننا مهتمون بالعمل مع شركائنا لتطوير قطاع الطاقة الشمسية لتصبح مصدراً مستداماً وقابلاً للتطبيق ومعقول التكلفة.
وعلى سبيل المثال، عقدنا أخيراً اتفاقية مع هيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا» لتأسيس برنامج تدريب شامل في تكنولجيا الطاقة الشمسية، وقد شارك مهندسو الهيئة في دورة تدريبية حول هندسة الطاقة الشمسية وتسويقها تجارياً، أشرفت عليها «فيرست سولار» وتم تطويرها بالتعاون مع جامعة ولاية أريزونا في الولايات المتحدة.
ويتضمن البرنامج الذي يمتد على مدار 21 يوماً تنفيذ مهام في جامعة ولاية أريزونا ومنشآت «فيرست سولار»، بما يتيح للمهندسين تطوير وتعميق فهمهم لتقنيات الطاقة الشمسية، إضافة إلى الجوانب التجارية الضرورية للاستفادة اقتصادياً من هذه التقنيات. وقد خضع لهذا البرنامج ثمانية مهندسين حتى الآن.
تنافسية
وحول تعزيز تنافسية دبي الاقتصادية وتطوير جاذبيتها الاستثمارية يرى أحمد ندا أن دولة الإمارات بلد حيوي، إذ لا تتوقف عجلة التنمية عن التقدم وتحقيق الإنجازات. وما يلفتنا بإمارة دبي من منظورنا هو رؤيتها، والفكر المتقدم الذي يهتم بالاستدامة و«المصادر الذكية للمياه والطاقة».
وبوصفنا شركة تجمع بين الابتكار والتقنية لإنشاء مجمّع طاقة شمسية مرموق في دبي، فإننا نسعى للبحث عن وسائل لمواصلة شراكتنا مع دبي والإمارات العربية المتحدة، بما يعزز النمو والتنمية القائمة على طاقة كهربائية شمسية نظيفة ومعقولة التكلفة.
حضور
وعن أهمية سوق منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل عام لعمليات الشركة دولياً، قال ندا: تعد دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام منطقة رئيسية لأعمالنا، ونعمل على تنمية حضورنا التجاري في المنطقة بأكملها.
ونعتقد أن تحقيق النجاح في هذه الأسواق ينبع من قدراتنا التقنية والابتكار، جنباً إلى جنب مع الخبرات العالمية والرؤية المحلية. ونحن ملتزمون بتعزيز أعمالنا في المنطقة، وبالتالي، الارتقاء إلى طموحات المنطقة فيما يتعلق بالطاقة الشمسية. ونرى في الحقيقة فرصاً لتوفير ما يزيد على 1,000 ميغاواط في مختلف أرجاء المنطقة، ونخطط للسعي خلف هذه الفرص بشكل حثيث.
تطوير
وتحدث أحمد ندا عن أبرز المشاريع والخطط والمنتجات الجديدة للشركة محلياً وعالمياً خلال العام الجاري، فقال: إضافة إلى المرحلة الأولى من مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، تقوم «فيرست سولار» أيضاً ببناء مشروع محطة «شمس معان» للطاقة الشمسية في الأردن بقدرة 52.5 ميغاواط. وإلى جانب تقديم الألواح الشمسية الرقيقة المتطورة، ستتولى «فيرست سولار» أعمال الهندسة والمشتريات والإنشاءات، وخدمات التشغيل والصيانة لمشروع محطة شمس معان.
وقد أعلنا في وقت سابق من الشهر الجاري أيضاً عن تسجيل رقم عالمي قياسي في الكفاءة الكهرضوئية لألواح «فيرست سولار»، حيث بلغت كفاءة المساحة الإجمالية للوحدة الجديدة 18.6%. وللمرة الأولى على الإطلاق، تمكنت «فيرست سولار» من تقديم نموذج أكثر كفاءة من أفضل الألواح متعددة البلورات، وهو إنجاز يؤكد من جديد قدرة «فيرست سولار» على مواصلة ابتكار التحسينات بشكل دائم في منتجاتها بالتوافق مع خططها التكنولوجية طويلة الأمد.
وقد تم تأكيد هذا الرقم العالمي الجديد وتوثيقه من قبل المختبر الوطني للطاقة المتجددة (NREL) التابع لوزارة الطاقة الأميركية. وتتوافق نسبة 18.6% لكفاءة الخلية الضوئية مع كفاءة المساحة الإجمالية للوح، التي تبلغ 18.2%، بما يتفوق على أفضل رقم عالمي سجلته وحدات ألواح السليكون، الذي حقق كفاءة مساحة إجمالية بلغت 17.7% (اعتماداً على نسبة 19.1% من كفاءة الخلية الضوئية في الوحدة).
ويعد هذا الإنجاز التحديث المستدام الثامن من نوعه المسجل منذ عام 2011 لكفاءة تحويل ألواح «فيرست سولار» الكهروضوئية، وهو يعتبر حلقة ضمن اتجاه مستدام لتحسينات الأداء السريعة. وفي يناير الماضي، قدمت «فيرست سولار» خلية بحثية بكفاءة تحويل تصل إلى 21.5%، تم توثيقها في مختبر التكنولوجيا الكهروضوئية في مركز التكنولوجيا والتطبيقات (TAC) التابع لشركة «نيوبورت كوربوريشن»، كما تمت المصادقة عليها من قبل المختبر الوطني للطاقة المتجددة (NREL) التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة الأميركية.
أنظمة
تعد «فيرست سولار» شركة عالمية متخصصة في مجال توفير أنظمة الطاقة الشمسية الكهرضوئية الشاملة باستخدام ألواح متطورة مطلية بطبقة رقيقة من أنصاف النواقل. وتوفر الحلول المتكاملة التي تقدمها الشركة لمحطات الطاقة بديلاً جذّاباً من الناحية الاقتصادية عن توليد الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري. وبدءاً من البحث عن المواد الخام ووصولاً إلى إعادة تدوير وحدات الطاقة الشمسية منتهية الصلاحية، تسهم أنظمة الطاقة المتجددة الخاصة بشركة «فيرست سولار» في حماية البيئة وتعزيز سلامتها.
848 مليون دولار لشراء طاقة شمسية
حصلت شركة فيرست سولار أخيراً على التزام شركة «آبل» بشراء طاقة نظيفة بقيمة 848 مليون دولار من محطة «كاليفورنيا فلاتس» للطاقة الشمسية التابعة لشركة فيرست سولار في مقاطعة مونتيري بولاية كاليفورنيا.
وسوف تحصل شركة «آبل» على الكهرباء من 130 ميغاواط من مشروع الطاقة الشمسية في إطار اتفاقية شراء طاقة (PPA) مدتها 25 عاماً، في أكبر اتفــــــاقية يشهدها القطاع لتوفير طاقة نظـــيفة لمستــخدم تجاري نهائي.
وقال جو كيشكل، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في شركة فيرست سولار: «تعتبر شركة ’آبل‘ سبّاقة في مجال التصدي لظاهرة التغير المناخي، حيث تظهر كيف يمكن للشركات الكبيرة تنفيذ عملياتها باستخدام طاقة نظيفة ومتجددة بالكامل. وقد لعب التزام شركة ’آبل‘ دوراً حاسماً في إتاحة تنفيذ هذا المشروع، مما سيسهم في تحقيق زيادة كبيرة في عروض الطاقة الشمسية في كاليفورنيا».
وتغطي محطة كاليفورنيا فلاتس مساحة 2900 هكتار، وتحتل 3% من أرض تملكها شركة هيرست في كولامي بولاية كاليفورنيا. ومن المتوقع أن تنطلق أعمال البناء في منتصف عام 2015، مع إنجازها بحلول نهاية 2016. وسيتم بيع الطاقة المتبقية التي تبلغ 150 ميغاواط في المشروع لشركة «باسيفيك للغاز والكهرباء» في إطار اتفاقية شراء طاقة منفصلة طويلة المدى، وتم الاكتتاب على المشروع بالكامل في اتفاقيتي شراء طاقة مع «آبل» و«باسيفيك للغاز والكهرباء».
تحول عالمي
يشهد العالم تحولاً من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة. وتكمن أهمية هذا التحول في الإدراك المتزايد أن مصادر الطاقة المتجددة -و”الشمسية” تحديداً- لم تعد مجرد خيار يساهم في توفير بعض المال. وقد شهد الطلب على مصادر الطاقة المتجددة تزايداً ملحوظاً بسبب عوامل فرضها واقع السوق، مثل تنافسية التكلفة مقارنة بالطاقة التي يتم توليدها بالاعتماد على الوقود التقليدي.