ما الذي حصل؟ ومن هو المسئول؟ وكيف تغاضت هيئة سوق المال عن التجاوزات التي حصلت؟ كلها أسئلة مشروعة تداولتها وسائل الإعلام التقليدية والحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية، وليس السعودية (فسوقنا بريء من هذه المأساة!). الإجابة كالعادة في مثل هذه الفضائح المالية ضبابية، وأصابع الاتهام متعددة تشير إلى عدة جهات في وقت واحد، والجهة الوحيدة المتضررة كانت صغار المستثمرين من المواطنين، الأمريكيين وليس السعوديين بطبيعة الحال.
لتكتمل معالم المشكلة، قامت البنوك الأربعة بعمل اجتماعات مع عملائها «المميزين» وكبار المستثمرين توضح فيه لهم أن عوائد فيسبوك، الشركة التي يعملون على طرحها للاكتتاب.
الشبهات الآن تدور حول أطراف ثلاثة: إدارة شركة فيسبوك وعلى رأسها مارك زوكربيرج (الرئيس التنفيذي)، البنوك المنظمة لعملية الطرح: Morgan Stanley, J.P. Morgan, Goldman Sachs, Bank of America، وأخيرا هيئة الأوراق المالية الأمريكية SEC. فبعد بدء العروض التقديمية Road Shows من قبل قيادات شركة فيسبوك للمستثمرين المحتملين منذ ٧ مايو الماضي، والذي قدمت خلاله الشركة أرقاما معينة لتوقعات الدخل والأرباح أفصحت عنها في توثيق عملية الاكتتاب حسب شروط هيئة الأوراق المالية الاتحادية، قام أحد التنفيذيين في فيسبوك بإبلاغ البنوك الأربعة القائمة على عملية طرح الشركة بأن الشركة لن تحقق الدخل المتوقع للربع المالي الحالي.
وفي نفس الوقت قامت الشركة بتعديل وثيقة من وثائق الاكتتاب تشير بشكل ضبابي إلى أن أرباح فيسبوك ستتأثر بسبب تحول المستخدمين إلى تطبيقات الجوال عند استخدامهم لخدمات الشركة، وأن ذلك قد يؤثر في الدخل الإعلاني الذي تعتمد عليه الشركة من موقها على الإنترنت.
لتكتمل معالم المشكلة، قامت البنوك الأربعة بعمل اجتماعات مع عملائها «المميزين» وكبار المستثمرين توضح فيه لهم أن عوائد فيسبوك، الشركة التي يعملون على طرحها للاكتتاب، لن ترقى للطموحات وأن عليهم الحذر من عملية الطرح! هذه الاجتماعات بالطبع لم تكن علنية ولم تقم هذه البنوك بالإفصاح عن هذه المعلومات لصغار المستثمرين أو للعامة الذين سيشترون هذه الأسهم. وفي المقابل، وقفت هيئة الأوراق المالية الأمريكية موقف المتفرج وباركت العملية برمتها، والذي زاد الطين بلة، هو موافقتها على طلب بعض حملة أسهم فيسبوك قبل الاكتتاب بيومين في زيادة عدد الأسهم المطروحة بضخ ٨٤ مليون سهم، على أمل أن «يستفيد» أكبر عدد ممكن من المستثمرين من أسهم الشركة.
هذه العملية برمتها توضح ما هو معلوم أساسا لدى الجميع، لا زالت المنظومة المالية العالمية تحكمها المصالح وفساد الشركات والبنوك، فلماذا العجب؟
*نقلاً عن “اليوم” السعودية.