مجلة مال واعمال

فلافل بماء الذهب!

-

حلميأشعر بغضب بلا حدود، فقد تحوَّلت ساندويشة الفلافل إلى طعام نخبوي لا يليق بالمواطن العادي، محدود الدخل، خاصة لدى المطاعم «المتكتكة» التي تلفُّ لفافة الفلافل بورق مدموغ باسم المطعم العظيم، ويرفقها بمنديل ورقي لمسح ما يعلق بشفتيك من طحينة!
أمس اشتريت ثمانية لفافات من الفلافل من أحد المطاعم التي ذاع صيتها، وفوجئت بأنه أعاد لي من العشرين دينارا التي نقدته إياها خمسة عشر دينارا، فبلعت ريقي، وسكت، وحينما اخذت الساندويشات فوجئت بأن الساندويشة «كشت» إلى حد أنها تحولت إلى لقمتين، حتى أنني حسبت انه قسَّم الساندويتش إلى قسمين، ولكنني تيقنت أنها واحدة كاملة، باثنين وستين قرشا ونيف، لقمتان فقط بهذا المبلغ الكبير جدا، بكل المقاييس والمعايير!
مشاعر كثيرة انتابتني وقد غصصت وأنا ألتهم اللقمتين، وكدت أعود إلى المطعم وأقذف الساندويتشات في وجه البائع، لأنني شعرت أنه حرامي بكل معنى الكلمة، وأقسمت ألا أعود إلى تذوق (أو تسمم!) فلافله المقلي بماء الذهب!
والله حرام بكل اللغات ما يجري، دون أن تتم محاسبة من يتلاعبون بقوت المواطن العادي، الذي ضاقت عليه الدنيا من كل الجهات، حتى غدت لفافة الفلافل طعاما بعيد المنال، بعد أن كانت في متناول يد الجميع، بأي حق بربكم يُترك هؤلاء للعبث على هذا النحو، فيسخطون الساندويشة إلى حجم «رمزي» لملء جيوبهم بمال حرام، ويجمعون الملايين التي يصرفونها على ديكورات مطاعمهم الفاخرة من جيوب الغلابى؟ قد يقال إن المواطن حرُّ في أن يشتري من هذا المطعم أو ذاك، حسنا، هذا صحيح، ولكن كيف أعرف أن حجم الساندويشة قد تم التلاعب فيه، ولم أتعرض لهذه «الخديعة» فأشرب «المقلب» كاملا وأموت بغيظي؟
لا أريد هنا أن أعقد مقارنات عبثية، فبوسعي أن أشتري بدينار واحد «عجينة» فلافل وأقليها في البيت وأطعم قبيلة كاملة، ولكن ما غاظني هنا انني شعرت بالخديعة، بعد خسف حجم الساندويشة، ولو كنت أعرف هذا الأمر لما اقتربت من ذلك المطعم، ولا أخفيكم سرا أنني دعوت عليه دعاء المظلوم المخدوع، من قلب موجوع، ليس من أجلي فقط، بل من أجل كل من يتعرض للخديعة والغش والسرقة «عينك عينك»، فإن سمعتم أن «شبكة» المطاعم الفلانية أفلست أو أصاب أصحابها بلاء فاعرفوا أن دعوتي التي خرجت من قلب محروق مظلوم قد أصابت الهدف!
طبعا الدعاء الغاضب هنا لا يكفي، فالمطعم إياه ليس مسؤولا وحده فقط عن هذه الجريمة، لأن لديه شركاء آخرين مكلفين بمراقبة قوت البشر وأكلهم، وعليهم واجب حمايتهم من جشع المجرمين، وحبائلهم، فلديهم السلطة والقوة لوقفهم عند حدودهم، ولكن ماذا نقول وقد استبيح جيب المواطن على كل المحاور والجبهات، وأصبح مسرحا للنهب والسلب؟؟
بعد الذي حدث معي، أنصحكم أن تعاينوا –قبل الشراء- حجم الساندويشة، كيلا تقعوا فيما وقعت فيه من خديعة، وقد كنت أشبع تماما من ساندويشة واحدة من نفس المطعم، وها أنذا بعد «التعديل» والخسف أشعر انها لـ»التذوق» فقط لا للشبع!
ما ينطبق على سنادويشة الفلافل، ينطبق على كثير من المأكولات الشعبية التي يتم التلاعب بحجمها وكمية «المُونة» فيها..
يا مواطن، لك الله فهو حسبك، بعد أن «تشاطر» عليك الجميع، فنهبوك وظلموك وبشَّعوا فيك، ثم طلبوا منك أن تكون «صالحا» ووديعا فأنى تكون كذلك؟