الدكتورة رزان ابو جابر
مجلة مال واعمال – النسخة الورقية العدد 172 –تجاوز ما بعد العلاج
هنالك تحول في نظام الرعاية الصحية يحدث في عالمنا اليوم يتجاوز مرحلة العلاج، إذ تسهم التطورات التكنولوجية وتسلسل الحمض النووي في تعزيز الدقة في التشخيص والممارسات الطبية من خلال تقليل الاخطاء الطبية وبالتالي مساعدة الناس على تحقيق انماط حياة أكثر صحة.
من هنا فقد كرست جزءاً كبيراً من حياتي للبحث في الدراسات الوراثية، حيث أومن وبشدة بالحياة الصحية وبأمكانية توفير نوعية حياة أفضل بمجرد التعمق في فحص الحمض النووي لدينا.
وبعد العمل في الابحاث الوراثية وإتقان الشيفرة (الكود) الجينية، قررت ان استفيد من خبراتي في بلدي “الاردن”، من هنا عملت على تأسيس شركة جيناتك (GeneTech) والتي اخطط من خلالها الى تحقيق طفرة حقيقية في نظام الرعاية الصحية لدينا.
تحويل وابتكار الطب التقليدي
غالبا ما يكون لدى الناس إنطباعا بان جيناتهم قد تم حفرها في الصخر، ولهذا ينتهي بهم الامر بقبول العوارض الصحية التي يتعرضون لها كحدث لا يمكن السيطرة عليه، ويبدو ان ما يفتقده الكثير من الناس بإن جيناتنا وبالرغم من انها موروثة بالفعل من ابائنا وامهاتنا الا ان هذه الجينات ذاتها تكتسب اختلافات من خلال عملية تكرار الحمض النووي وتتأثر بشكل مباشر بسلوكياتنا اليومية، بل ان وجود هذه الاختلافات المكتسبة حديثا هو الذي يزيد من فرص اصابة الشخص بمجموعة متنوعة من الامراض المزمنة وانواع عديدة من السرطانات حتى وان لم تكن موجودة في العائلة.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال ان تحل اساليب التمكين الجينية الخاصة بالرعاية الصحيةى محل الطب التقليدي، ولكنها موجودة هنا لتكملها من خلال جعل الوقاية اكثر تخصصا واستهدافا ودقة، وهذا امر صحيح خاصة مع وجود تقنية تسلسل الجيل التالي….
( Next Generation Sequencing) الذي يعد اسلوب اختبار جيني يفك 100 % من شيفرة الحمض النووي، مقابل 0.02 % التي كانت تفكها التقنيات القديمة.
إذا كنا قادرين على الاجابة عن اسئلتنا الحالية والمستقبلية فلماذا تبقى مجهولة؟؟
غالبا ما تستخدم اختبارات التشخيص الوراثية للاشخاص الذين تظهر عليهم علامات واعراض اضطراب.
اذ تستخدم هذه الاختبارات للتأكد او استبعاد حالات وراثية مشتبه بها، كما تساعد الاختبارات التشخصية ايضا في اعلام الشخص بفرصة تطوير حالة وراثية لديه او نقل حالة وراثية الى اطفاله.
ويمكن اجراء هذه الفحوصات قبل الولادة او في اي وقت خلال حياة الشخص،ولكنها غير متوفرة لكافة الجينات او جميع الحالات الوراثية.
ويمكن استخدام نتائج الاختبار التشخصي لتوجيه اختبارات الشخص فيما يتعلق بالرعاية الصحية إدارة الاضطراب.
كما تستخدم الاختبارات الجينية للفحص الوقائي بشكل عام لدى الاشخاض الذين لا تظهر عليهم علامات او اعراض اضطراب.
الوقاية ليس فقط من الامراض ولكن ايضا من الاخطاء الطبية
تكرس جيناتك “Gene TECH” قدرا كبيرا من اهدافها للاختبارات الوراثية الوقائية التي تغطي 4 جوانب رئيسية هي:
– علم الصيدلة الجينية: هو دراسة دور الجينيوم في الاستجابة الدوائية وذلك بتحليل كيفية تأثير التشكيل الوراثي على استجابة الفرد للادوية.
وتكمن اهمية هذا العلم في تحسين سلامة الادوية بتحديد الظروف المسبقة مثل فرط الحساسية، عدم الاستجابة للعلاج والأثار الجانبية الكبيرة قبل حصولها، وبذلك تقليل التفاعلات الدوائية الضارة ونستطيع ايضا تلبية الاستعداد الجيني الفريد وتحديد الجرعى المثلى.
– علم الوراثة التغذوية: واحد من الاختبارات التشخصية الوراثية الفردية لفهم كيفية استجابة جسم الفرد للمغذيات الكلية والدقيقة ومع النتائج المأخوذة يمكن اعادة تنظيم البرنامج الغذائي الخاص بالفرد مع الخبراء المختصينوتقليل مخاطر الاصابة بالامراض مثل امراض القلب والاوعية الدموية والسكري وارتفاع ضغط الدم وهشاشة العظام والسرطان.
-علم الوراثة الرياضية:في عام 2021 وجدت دراسة ان الجينات يمكن ان تفسر ما يصل الى 72 % من الفرق في المخرجات بين الاشخاص،وذلك بعد تمرين لياقة بدنية معين،حيث تسمح هذه الاختبارات بتحديد افضل نظام لياقة بدنية للفرد وانواع الالعاب الرياضية التي يكون لها تأثير على العضلات وزيادة معدل الاستشفاء العضلي،وشكل البنية العضلية وقوتها ومعدل الايض الاساسي.
– اختبارات فحص الاضطرابات الوراثية: تقدر هذه الاختبارات ما اذا كان خطر اصابة الفرد بحالة معينة قد زاد او انخفض مقارنة بالخطر لدى الأشخاص الاخرين في مجموعة مماثلة، وتعني النتيجة الايجابية ان خطر الاجابة ان خطر اصابة الشخص بالحالة اعلى من المتوسط، في حين يعني اختبار الفحص السلبي ان خطر اصابة الشخص اقل من المتوسط، ومع ذلك فان وجود نتيجة فحص ايجابية لا تعاني بالضرورة ان الشخص مصاب بهذه الحالة.
عندما نقرن كل ما جاء اعلاه فاننا نلبي احتياجات العمليات الطبية المخصصة التي تفتح اعيننا على الاجراءات والعلاجات التي تقلل التجارب والاخطاء التي قد تحدث في الطب.
ومع ذلك، نضمن ان يتم التعامل مع الناس بالطريقة التي من المفترض ان يعاملوا بها بالضبط بدلا من القاعدة المقاس الواحد الذي يناسب الجميع، لانه في بعض الاحيان، يمكن ان العلاج ببساطة في تعديل نمط الحياة، بدلا من اختيار الادوية التي قد تضر اكثر مما تنفع، وهذا ما يسلط الاختبار الوراثي الوقائي الضوء عليه- المقاييس الاكثر ملائمة.