كشفت دراسة حديثة، أن فترة من الأمطار الحمضية الكثيفة دامت 100 ألف عام يمكن أن تكون المسؤولة عن ذوبان الأنهار الجليدية ودفع الأرض نحو البيئة التي نعرفها الآن.
فقد كان الكوكب قبل 650 مليون سنة، كرة ثلجية مغطاة بالأنهار الجليدية السميكة، التي تصل إلى 1.2 ميلا، ما يعادل 2 كيلومتر، ويشير الباحثون من جامعة بكين إلى أن التجوية الكيميائية كانت على الأرجح سبب انتهاء فترة “الغمر الجليدي المارينوي”، وهذه الفترة حدثت منذ 650 إلى 635 مليون سنة تقريبا، وقد غطى الجليد الكوكب بأكمله في حدث يطلق عليه الكرة الأرضية الثلجية، ومن المحتمل أن الغمر الجليدي اقترب من نهايته بسرعة متزايدة، بسبب خروج الميثان من التربة الصقيعية الاستوائية.
وحتى الآن، هناك القليل من الأدلة التي تبين كيف انتهت هذه الفترة الجليدية، ومن خلال الورقة البحثية المنشورة في مجلة “PNAS”، كتب فريق البحث بقيادة كانغ يونغ هوانغ أنه “وفقا لفرضية الكرة الأرضية الثلجية فإن انخفاض الغطاء الجليدي، وارتفاع مستويات البحر في نهاية حقبة التجمد، هو ما أدى إلى زيادة معدل هطول غطاء الكربونات، لكن الأدلة الجيوكيميائية غير متوفرة”.
ولفهم ما حدث أعاد الباحثون بناء تاريخ التجوية الكيميائية في أثناء وبعد نهاية الغمر الجليدي المارينوي في جنوب الصين، وتشير النتائج إلى أن تلك الفترة انتهت بسبب ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المسببة للاحتباس الحراري والمتشكلة من النشاط البركاني.
وقد أدى ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى تشكل أمطار حمضية اجتاحت جميع القارات، وأدى المطر الحمضي إلى تطور غطاء الكربونات، وهي طبقات ذات تكوين نسيجي مميز من الصخور الكربونية، والتي تشكل الطبقة العلوية من سلاسل الصخر الرسوبي التي تعكس حالات التجمد الكبرى في السجل الجيولوجي.
وأظهر التحليل الكيميائي للصخور في جنوب الصين، أن هناك دليلا على التجوية الكيميائية يرجح أن الأمطار الحمضية هي التي وضعت حدا للعصر الجليدي، وأن عاصفة الأمطار الحمضية ليس مجرد هيجان دام لعدة ساعات.
إذ يعتقد الباحثون أن هطول الأمطار استمر مئات الآلاف من السنين في نهاية فترة “الغمر الجليدي المارينوي” ما أدى للخروج من حالة التجمد.
كما يمكن أن يكون عصر ذوبان الجليد قد أدى بدوره إلى الانفجار الكامبري، وهي الفترة التي بدأت منذ نحو 541 مليون عام مضت وهي فترة الظهور المفاجئ، لمستحاثات أسلاف الحيوانات المألوفة ضمن السجل الأحفوري الأرضي.
وقد أدى ذوبان الأنهار الجليدية إلى ظهور كميات هائلة من المواد الغذائية في المحيطات، فضلا عن أن مستويات الأكسجين تسببت في ازدياد عمق المحيطات، حيث تكاثرت البكتيريا والميكروبات الأخرى مما أدى إلى تزايد العوالق، وهي كائنات واحدة الخلية.
وهذه العوالق دفنت الكربون العضوي في رواسب قاع البحر عندما ماتت، ما سبب ارتفاعا في نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي.