تعود أصول عائلة الحميضي في الكويت إلى بني الحارث الحبط من بني عمرو من بني تميم. وتبعاً لرواية محمد بن إبراهيم الحميضي قوله “نحن من النواصر من بني عمرو من بني تميم، هاجرنا من القصب إلى بريدة، ثم جاء قسم منا إلى الكويت، وما زال أبناء عمومتنا موجودين في الرياض، ولنا تواصل دوريّ معهم وزيارات”.
نزحت عائلة الحميضي إلى الكويت منذ القدم، وسكنت في منطقة القبلة، وامتهن أبناؤها التجارة، حتى أصبحوا من تجّار الكويت الكبار،وامتدّ نشاطهم التجاري إلى خارج الكويت، فأسّسوا فروعاً في كل من كراتشي وبومبي واليمن وزنجبار. وقد تنوّعت تجارتهم في الكويت بين السكر والأرز والشاي والبنّ والأقمشة، ولكنهم حالياً يملكون شركات ومؤسّسات كبرى، ووكالات لماركات عالمية. ومساهمات في مصارف داخل الكويت وخارجها.
تميّز رجال عائلة الحميضي بالأمانة والنزاهة وصواب الأحكام،ومنهم المرحوم محمد صالح الحميضي الذي كان يتولّى مهمة الاحتفاظ بمبلغ من المال وديعة لديه، كان يرسلها أمراء الكويت، منذ عهد المرحوم مبارك الصباح، وحتى عهد المرحوم عبد الله السالم الصباح. ومنهم أيضاً ابنه أحمد محمد صالح الحميضي الذي يلجأ إليه كثير من المتخاصمين في أمور تجارية أو غيرها،وغالباً ما تكون آراؤه وأحكامه مقنعة للمتخاصمين. وشغل منصب عضو في مجلس الشورى الكويتي الذي أسس عام 1921، كما ساهم في التبرع بمبلغ من المال لإنشاء المدرسة الأحمدية.
وإذ يصعب حصر نشاطات هذه العائلة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخيرية، فذكر بعضها قد يعطي فكرة مختصرة عن عراقتها في هذه المجالات، منها مثلاً تحمّل مسؤولية مسك الدفاتر والسجلات المالية لحكام الكويت منذ القدم، والمشاركة في المجلس التأسيسي للكويت،حيث فاز يعقوب الحميضي بعضوية هذا المجلس عام 1962.
ومن أجيال الرعيل الأول، شغل عدد من رجالات العائلة مناصب وزارية، منهم بدر مشاري الحميضي الذي تولّى إدارة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية. وحمل أكثر من حقيبة وزارية.
كما برزت من عائلة الحميضي شخصيات نسائية برعن في مجالات عدة، أشهرهن عميدة سيدات الأعمال الكويتيات سعاد حمد الصالح الحميضي، وهي أول كويتية مارست – وبحجم كبير – التجارة والاستثمار داخل الكويت، وفي دول عربية وأوروبية عدة. ويصفها العقاريون بأنها أكبر تاجرة عقار تعرف كيف تقتنص الفرص، وكيف تحافظ على الجيد منها.
مسك السجلات المالية
توارث عدد من أفراد العائلة مسؤولية مسك الدفاتر والسجلات المالية لحكام الكويت، منذ القدم، ولغاية أول أيام حكم الشيخ عبد الله السالم الصباح .منهم المرحوم محمد الصالح العيسى الحميضي، وورث عنه ابناه صالح وأحمد هذا العمل، إلى جانب عملهما في التجارة، وامتلاكهما محلاً تجارياً في قيصرية التجار بالكويت.
أما أحمد صالح محمد الصالح العيسى الحميضي، فركز على تجارة استيراد السلع من الهند، وشغل منصب عضو مجلس الشورى عام1921 ، وعضو في المجلس التشريعي الأول عام 1921 وعام 1939.ومن مؤسّسي المدرسة الأحمدية، حيث تبرع بمبلغ غير قليل لتأسيسها. وفي عام 1946 أصبح المدير العام لبلدية الكويت.
وسار أخوه حمد على طريق مشابه. فبعد أن درس في مدرسة الإرسالية الأمريكية عام 1914 ، تولى إدارة البلدية، ثم عضواً في ثلاثة مجالس بلدية متتالية، حتى عام 1946، ليتولّى بعدها رئاسة مجلس إدارة الخطوط الجوية عبر البلاد العربية. ثم عضو الهيئة التنظيمية في المجلس الأعلى لشؤون إدارة البلاد من عام 1959 إلى1962 ، وشارك في الإعداد لمشروع قانون الانتخاب للمجلس التأسيسي بعد الاستقلال1961 .
ومن الأعمال الأخرى التي مارسها الجيل السابق من العائلة – إلى جانب شغلهم عضويات في أكثر من مجلس تشريعي ومجلس بلدي – عضويه في لجنة حل المنازعات بين التجار. حيث حمل يوسف صالح محمد الصالح العيسى الحميضي عضوية دائمة في هذه اللجنة. وترأس أول شركة أُسست لاستيراد الأقمشة خلال الحرب العالمية الثانية. إلى جانب عضويته في مجلس المعارف (التربية والتعليم)، في حين شغل مشاري أحمد محمد صالح محمد الصالح العيسى الحميضي، منصب مختار منطقة القبلة ثم منطقة العديلية.
أما يعقوب يوسف صالح محمد الصالح العيسى الحميضي،فترأستحرير جريدة “الفجر”، من عام 1953 إلى 1955، ليصبح عضواً في المجلس التأسيسي، ثم عضواً في مجلس الأمة، وعضو لجنة تنقيح الدستور، وأخيراً عضواً في مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار عام1986 .
وزراء ومديروصناديق وسفراء
وعلى صعيد الحقائب الوزارية، حمل بدر مشاري أحمد محمد صالح محمد الصالح العيسى الحميضي،حقائب عدة، فبعد أن شغل منصب مدير عام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، منذ عام 1986 إلى عام 2002، أصبح عام 2003 وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم وزير المالية، وفي عام 2007 وزيراً للنفط.
أما سعود عبد العزيز عبد الله المحمد الحميضي، فبعد أن عمل بالتجارة في الكويت وبومبي وكراتشي، حتى عام 1967، شغل منصب وزير مفوض بوزارة الخارجية الكويتية عام1968 ، ثم عيّن سفيراً لدولة الكويت في تونس، فسفيراً لدولة الكويت في بنغلاديش فتركيا ثم بلغاريا.
أعمال الحميضي الخيرية ودواوينها
يصعب حصر أعمال عائلة الحميضي الخيرية، فمن سمات هذه العائلة، أنها لا تفصح عمّا تقدمه في هذا المجال. ولكن من المعروف عنها تأسيسها مركز حمد الحميضي وشيخة السديراوي الصحّي في الكويت، ومدرسة أحمد محمد الحميضي المشتركة للبنين. أما تبرعاتها السخية فهذا أمر تتكتّم عنه.
لعائلة الحميضي دواوينعدة، وهي المكان الذي يجتمع فيه الرجال من أبناء العائلة وأصدقاؤهم من العوائل الاخرى،للتسلية والتحدث في الأمور الاجتماعية.
من أشهر دواوين عائلة الحميضي، ديوان يوسف حمد الحميضي وإخوانه في منطقة القبلة. وديوانالحميضي في الشويخ، وديوان يوسف صالح الحميضي في الشويخ أيضاً، وديوان محمد صالح الحميضي وإخوانه في منطقة العديلية، وديوان خالد محمد الحميضي في العديلية. هذا عدا دواوين أخرى عدة للعائلة.
سعاد الحميضي سفيرة سيدات الأعمال الكويتيات
عالم التجارة والاستثمار لم يكن حكراً على رجال عائلة الحميضي، فقد برزت السيدة سعاد حمد الصالح الحميضي في هذين المجالين بقوة، فهي أول كويتية مارست التجارة والاستثمار داخل الكويت، وفي دول عربية وأوروبية. وتعدّ من أبرز المستثمرات في المجال العقاري، وفي قطاع المصارف والصناعة وغيرها، وتلقّب بسفيرة سيدات الأعمال الكويتيات.
تشربت سعاد الحميضي منذ الطفولة أصول التجارة والاستثمار وفنونهما،من والدها الحاج حمد الصالح الحميضي أحد أكبر تجّار الكويت، وأحد المساهمين في تأسيس نهضتها السياسية والاقتصادية، وقد غرس الوالد في ابنته الثقة بالنفس، ومدّها بصلاحيات لا حدود لها، فهي وحيدته التي كانت ترافقه في الكثير من اجتماعاته مع التجار وفي رحلاته.
في بداية حياتها المهنية،عملت عشر سنوات في البنك التجاري الكويتي الذي أسسه والدها، ثم حملت مسؤولية إدارة مؤسسة والدها وتجارته واستثماراته، بعد وفاته رحمه الله. وفي هذه المرحلة من حياتها تجلى دور الزوج المغفور له الشيخ جابر العلي السالم الصباح في دعمها وتشجيعها، الذي تصفه بأنه كان يتميّز بالحكمة وبعد النظر والإلمام الشامل بمختلف القضايا.
تمتلك السيدة سعاد مجموعة الشركات والمؤسسات والمجمعات التجارية والسكنية في الكويت وخارجها، من ضمنها فندق وبرج سكني في بيروت. كما أنها عضو اتحاد مالكي العقارات بفي الكويت. وعضو مجلس إدراة بنك عودة في لبنان. وتمتلك كذلك حصصاً في كثير من البنوك في جميع أنحاء الكويت، بما في ذلك بنك الكويت الوطني وشركة “سوليدير”. ويرافق الاحترام اسمها وشخصيتها، لأنها تلتزم الصدق في المعاملة، وتتّبع نهج أهل التجار الأوائل من الآباء والأجدادِ. أما الجانب الإنساني من شخصيتها، فإنه لا يقلّ غنى عن الجانب العملي، فبنت المساجد وقدمت سيلاً من المساعدات للمحتاجين داخل الكويت وخارجها.
تباشر السيدة سعاد عملها في مكتبها منذ الصباح الباكر. وتشرف على كل كبيرة وصغيرة تتعلق بأعمالها. وتقول إنها تقوم بكل الدراسات المالية والاقتصادية المطلوبة لأي مشروع. “وأترك أمر النجاح أو الفشل بيد الله عز وجل”. ورغم تقليديتها في العمل وفي عقد الصفقات، فإنها تستخدم الإنتر نت، لمتابعة أعمالها في الخارج.
وبعد هذا الجهاد والنجاحات والشهرة لعقود طويلة، والحصول على كثير من الجوائز والتكريم، تفكر السيدة سعاد بأخذ قسط من الراحة، والبدء بتسليم أعمالها إلى أولادها. فتقول “حان الوقت ليتسلم أولادنا مهام إدارة أعمالناوتشغيلها، وليثبتوا كفاءتهم ويحققوا ذواتهم كما فعلت أنا عندما جاءتني الفرصة. وقد بدأت فعلاً بتسليم أولادي وبناتي بعض الأعمال ولكن تحت إشرافي العام.”
المصدر : https://wp.me/p70vFa-9W6