وعلى مدار عقود هيمنت الدولة على اقتصادات الخليج وتضاءلت الاستثمارات الخاصة أمام إيرادات الحكومات الضخمة من النفط، وأفادت هذه الإيرادات الشركات المملوكة للدولة فى حين وجدت الشركات الخاصة صعوبة فى تدبير التمويل وكبلتها التعقيدات الرسمية.
لكن الضغوط تتزايد من أجل تبنى نموذج جديد فقد قادت انتفاضات الربيع العربى فى 2011 إلى ارتفاع معدل البطالة، وأوضحت لحكومات الخليج أهمية توفير الوظائف لمواطنيها والاستعانة بالقطاع الخاص فى هذا الصدد. وفى الوقت ذاته كشف هبوط أسعار النفط العالمية عن المستوى الذى تحتاجه بعض الحكومات لتحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات فى الميزانية النقاب عن المخاطر التى ينطوى عليها الاعتماد على النفط فقط لتحقيق النمو وجلب الإيرادات على المدى الطويل.
وقال طارق السلطان، الرئيس التنفيذى لشركة أجيليتى الكويتية، إن تراجع أسعار النفط لم يسبب هلعًا فى الخليج لكنه دفع الناس للتفكير فى الاتجاه الصحيح. وربما تصب خطوة طيران الجزيرة فى اتجاه التغيير، وتأسست الشركة عام 2004، وهى إحدى شركات الطيران الخاصة القليلة فى منطقة الخليج وتملك أسطولا من 15 طائرة ايرباص ايه 320.
وأكد مروان بودى، رئيس مجلس إدارة الشركة، أنها تستعد للمنافسة على شراء حصة الشريك الاستراتيجى البالغة 35% من الخطوط الجوية الكويتية التى تمنى بخسائر، كان البرلمان الكويتى أقر فى 2008 خطة لخصخصة الخطوط الكويتية غير أن الصفقة أرجئت لكن يبدو أن الحكومة ستمضى قدما نحو خصخصتها.
وأضاف: “نحن نؤمن بالخصخصة ونؤمن أن الحكومات يجب أن تركز على الإدارة السياسية وليس إدارة الشركات.. لا طيران ولا نقل ولا غيره”.
وأشار المسئولون التنفيذيون المشاركون فى قمة “رويترز” إلى جهود أخرى لتحفيز القطاع الخاص فى الخليج بما فى ذلك تخفيف القيود على قطاعات من بينها الاتصالات والطيران فى السعودية وسعى الإمارات العربية المتحدة لتسهيل اقتراض الشركات الصغيرة من البنوك.
ولن تكبح هذه الخطوات فى حد ذاتها الهيمنة الاقتصادية للحكومات فى المنطقة لكنها مؤشر على دعمها لأنشطة القطاع الخاص لتعوض ولو جزئيا تباطؤ الصناعات النفطية فى المنطقة.
وترجع واحدة من أهم التغييرات التى طرأت على الاقتصاد السعودى هذا العام إلى إصلاح سوق العمل، وانتقدت شركات الإصلاحات لأنها ترفع التكلفة التى تتحملها وتعطل قطاعات مثل البناء، وقد تجلب عاملين غير مؤهلين وغير منتجين لبعض الوظائف بل إن بعض الشركات توظف سعوديين لسبب وحيد هو الالتزام بالحصص المحددة للعمالة السعودية.
وقال محمد العقيل، رئيس مجلس إدارة جرير للتسويق السعودية، إن هذا الاتجاه يرفع معدل إنفاق المستهلكين ومستوى الدخل المتاح للإنفاق، مضيفًا أن الشركة تعتزم استثمار 1.1 مليار ريـال (293.3 مليار دولار) خلال السنوات الخمس المقبلة لمضاعفة عدد المعارض فى المملكة ودول الخليج. وقال: “نحن لا نعين سعوديين من أجل تنفيذ القوانين فقط بل نعينهم لأننا نرى أنه أمر جيد للشركة”.
وتتخذ سلطنة عمان منحى مختلفًا فى محاولة تنويع مواردها الاقتصادية وتريد تطوير ميناء صحار ومنطقة حرة على الساحل على بعد نحو 200 كيلومتر من دبى لتصبح بوابة لوصول الواردات للخليج. ودشنت منطقة حرة فى 2010 بحوافز ضريبية ومميزات أخرى لجذب شركات الخدمات اللوجستية وأنشطة التصنيع. وقال إدوين لامرز، المدير التجارى التنفيذى لشركة ميناء صحار للقمة،
إن الأنشطة الحالية تتضمن تخزين وتوزيع أجزاء السيارات ومصهرًا للكروم. وعلى المدى الطويل قد تأتى الدفعة الأكبر للقطاع الخاص فى الخليج من توسع أسواق الأسهم فى مسعى لجذب مزيد من المستثمرين الأجانب إليها.
وتريد الحكومات تشجيع المشاركة الأجنبية فى السوق المحلية ليس لحاجتها للمال بل لأنها تعتقد أن الصناديق الأجنبية ستسهم فى فرض قواعد السوق على الشركات المدرجة وتعزيز الممارسات الدولية فى مجال الإدارة.
وفى مايو رفعت إم.إس.سى.آى لمؤشرات الأسهم تصنيف بورصات الإمارات وقطر إلى وضع السواق الناشئة، وفى يوليو أعلنت السعودية أنها ستفتح بورصتها أمام الاستثمار الأجنبى المباشر فى أوائل 2015.