مجلة مال واعمال

طوقان: البرنامج النووي خيار استراتيجي لطاقة المستقبل في الأردن

-

جدد رئيس هيئة الطاقة الذرية الدكتور خالد طوقان التأكيد على ان البرنامج النووي الاردني هو خيار استراتيجي لطاقة المستقبل في الاردن، وان كميات وتراكيز اليورانيوم في اراضي المملكة ذات جدوى اقتصادية تدعم تنفيذ المشروع، وتحقق الاستقرار والاستقلال في مجال توليد الطاقة الكهربائية في الاردن.
ونفى في حوار مع اسرة وكالة الانباء الاردنية (بترا)، ان المياه تشكل عائقا امام المشروع الذي يحتاج الى حوالي 25 مليون متر مكعب من المياه سنويا توفرها محطة تنقية خربة السمرا.
وأكد الدكتور طوقان ان اجمالي كميات اليورانيوم في منطقة وسط الاردن تتجاوز العشرين الف طن وانها تمتاز بتراكيز جيدة تتراوح بين 200 و250 جزءا بالمليون وهي ارقام واعدة للاستفادة منها في المضي قدما ببرنامج المملكة لتعدين اليورانيوم.
وقال ان الاردن ماض حاليا بخطته نحو بناء مفاعلين نوويين الاول قيد الانشاء، وهو مفاعل بحثي جامعي صغير يقع ضمن حدود جامعة العلوم والتكنولوجيا بقدرة 5 ميجاواط حراري لغايات التدريب والبحث العلمي وانتاج النظائر الطبية المشعة.
اما المفاعل الاخر فيهدف الى توليد ما يعادل 1000 ميجاواط كهرباء وسيقام في المنطقة القريبة من خربة السمرا، مشيرا الى ان دراسات الموقع في مراحلها النهائية، وقريبا سيتم اختيار التكنولوجيا المناسبة من عرضين الاول من ائتلاف فرنسي –ياباني والثاني روسي.
واضاف ان الاردن يسعى لإيجاد شريك استراتيجي يغطي على الاقل نصف كلفة بناء المحطة النووية الاولى.
واشار الدكتور طوقان بهذا الخصوص الى عرض روسي لبناء وحدتين ممولتين جزئياً أو بالكامل من الحكومة الروسية تبيع الطاقة الكهربائية بحوالي 10 قروش للكيلوواط ساعة ولمدة 15 عاما شريطة ان تتم الاتفاقية بين حكومتي المملكة الاردنية وروسيا الاتحادية.
وفي موضوع المعارضة للبرنامج النووي قال الدكتور طوقان ان جميع الدول المقبلة على برامج من هذا النوع تشهد معارضة وهي في الاردن داخلية واخرى خارجية، موضحا ان هيئة الطاقة الذرية بدأت التنسيق مع مؤسسات وطنية لشرح أبعاد البرنامج وأهدافه في مسعى للوصول الى قبول مجتمعي يساعد على تحقيق اهداف الاردن في امتلاك الطاقة النووية للاستخدامات السلمية.
واشار الى تحول في اراء بعض اطراف المعارضة للبرنامج خاصة بعد زيارات قام بها نواب واكاديميون لموقع المحطة النووية التي تبرّد باستخدام المياه العادمة من محطة التنقية في بلدة بالوفيردي / ولاية اريزونا الاميركية.
وطمأن الدكتور طوقان معارضي البرنامج قائلا ان مفاعلات الجيل الثالث تمتاز بدرجة امان عالية جدا في حين سيتم معالجة النفايات النووية وفق التقنيات والمعايير العالمية، مشيرا الى دراسات عالمية تجري لإيجاد حلول دائمة للتخلص من النفايات النووية كجزء من مراحل عمل المحطة النووية.
واكد حرص هيئة الطاقة الذرية الاردنية على الالتزام بكل متطلبات ومعايير السلامة العامة والامن والامان النووي وقضايا البيئة.
كما اكد الدكتور طوقان اهمية البرنامج النووي في المساعدة على تحول المملكة من دولة مستوردة للطاقة الى دولة مصدرة بحلول عام 2030 وتزويد الطاقة بسعر منخفض لدعم النمو الاقتصادي المطرد والانتقال من الاعتماد المباشر على مصادر الوقود الاحفوري الى مصادر بديلة للطاقة والاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير.
وحذر الدكتور طوقان من ان قطاع الطاقة في المملكة يعاني “من وضع يمس الاستقرار الاقتصادي للمجتمع” ما دفع الحكومة للأخذ بخيار الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتنويع مصادر الطاقة بزيادة المحلية منها في خليط الطاقة الكلي.
وقال ان تكلفة الكيلو واط ساعة من الكهرباء المنتج في المملكة تبلغ 19 قرشا يباع للمستهلك بثمانية قروش ما يجعل الخيار النووي خيارا استراتيجيا بالاعتماد على توفر عناصر المشروع من مادة خام ومياه للتبريد.
وفيما يتعلق بموقع المحطة النووية، قال الدكتور طوقان ان اللجنة الفنية حددت الموقع الثاني المقترح لإنشاء المحطة في منطقة خربة السمرا الذي يقع على بعد 40 كم جنوب شرق خربة السمرا ضمن مساحة 2 كيلومتر مربع حيث سيتم الحصول على المياه اللازمة لتبريد المفاعل من محطة تنقية خربة السمرا.
وعرض مؤشرات ملاءمة موقع المحطة النووية في خربة السمرا، وقال انها تمتاز بقلة الكلفة نظرا لملاءمة الموقع الطبوغرافي لبناء المحطة دون عوائق وخاصة الزلزالية المنخفضة وان الموقع يوفر مساحة كافية لبناء المحطة ومنطقة الامان بالإضافة الى قلة الاحتياطات للآثار الزلزالية عدا عن قرب المحطة من مصدر التوزيع لشبكة الكهرباء الاردنية وتوفر البنى التحتية من الطرق والكهرباء والكوادر البشرية اللازمة لانجاح هذا المشروع الضخم.
وعن اخر التطورات الخاصة باختيار تكنولوجيا المحطة النووية، قال الدكتور طوقان ان هيئة الطاقة الذرية واصلت إعداد الدراسات الفنية والمالية واللوجستية الخاصة بتكنولوجيا المفاعلات النووية من خلال لجان متخصصة من الوزارات والمؤسسات الاردنية المعنية ولقد اعلنت الهيئة في شهر 5/2012 عن اختيار شركتين مؤهلتين لتنفيذ المشروع، هما (ASE الروسية) و(ATMEA1 الفرنسية-اليابانية) وستواصل الهيئة التباحث مع الشركتين المؤهلتين لاختيار التقنية المناسبة للاردن بالاعتماد على دراسة الجدوى الاقتصادية والالتزام بالمعايير الدولية، وسيتم عرض الاختيار النهائي للتقنية المناسبة على الحكومة ومجلس الامة لاقراره.
وقال ان البرنامج النووي الاردني سيكون قادرا على اعطاء الاردن الاستقلالية في توليد طاقة اقتصادية آمنة ومستقرة بعيدا عن التقلبات السياسية العالمية، ويمثل موطن قوة في خطط التنمية الوطنية الشاملة.
كما ان المشروع يشكل حلا لمشكلة تحلية مياه الشرب خاصة في ظل معاناة المملكة مع نسبة نقص ستبلغ حوالي 25 % خلال السنوات العشر المقبلة، متوقعا ان يصبح الاردن مستقبلا مركزا اقليميا لاستخراج المواد النووية مثل عنصري اليورانيوم والثوريوم.
واعاد الدكتور طوقان التركيز على ان موضوع الطاقة هو موضوع الساعة، لافتا الى ان 97-98 % من استهلاك الاردن للطاقة يأتي من الخارج، وهذا لم يصبح فقط مصدر قلق بل اصبح ايضا مصدر تهديد لكل الاقتصاد الوطني ليس فقط على مستوى خزينة الدولة ولكن حتى على مستوى الاقتصاد ككل سواء القطاع الخاص او العام وفي جميع القطاعات الاقتصادية والصناعية والتجارية والزراعية.
وقال ان الاردن يعيش هاجس زيادة حصة المنتج المحلي من الطاقة وهي الان اقل من 4 % ونتطلع الى رفعها الى نسبة 40 % خلال عشر سنوات من الآن، مؤكدا طموح هيئة الطاقة الذرية للمساهمة بحل جذري لمشكلة الطاقة في الاردن بزيادة حصة الطاقة المنتجة وطنيا باستخدام المصادر الوطنية.
ولخص الدكتور طوقان البرنامج النووي الاردني بالإشارة الى ثلاثة محاور الاول استكشاف المواد النووية وتعدينها في الارض الاردنية وعلى راسها اليورانيوم والثاني تطوير القوى البشرية الاردنية وتعليمها وتدريبها وبناء خبرات وطنية كي تقوم بإدارة وتشغيل وتطوير البرنامج، اما المحور الثالث فهو بناء محطة نووية لتوليد الكهرباء.
واشار الى ان الهيئة انتهت من الدراسة الاولى للجدوى الاقتصادية لإنشاء محطة طاقة نووية بقدرة الف ميجاواط، والنتائج التي تشير لها الدراسة ان هذه المحطة ستكون مجدية اقتصاديا بشكل كبير بالنسبة للأردن.
وفي موضوع القوى البشرية، قال الدكتور طوقان ان الهيئة تقوم الآن ببناء المفاعل النووي البحثي لأغراض التعليم والتدريب في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا، وايضا هناك غرض اساسي لهذا المفاعل هو انتاج النظائر الطبية المشعة لاستخدامها في المستشفيات وفي العلاج، وهذا ما سيقوم بإنتاجه عام 2015 عند تشغيله والبدء في الخدمة، مشيرا الى ان المفاعل سيكون جزءا متكاملا مع قسم الهندسة النووية في جامعة العلوم والتكنولوجيا.
وحول الشركة الاردنية الفرنسية لتعدين اليورانيوم، قال الدكتور طوقان انها اشتغلت ثلاثة اعوام وبعد التدقيق في عملها كان هناك تخفيض في مصادر مستكشفة من اليورانيوم سواء من ناحية التراكيز او الكميات بالذات في الطبقات السطحية من صفر الى 5 امتار.
وقال ان الهيئة وجدت فروقا كبيرة بين عينات التحليل بالآبار التي اجرتها الشركة الاردنية الفرنسية مقارنة بنتائج الريديوميتري بسبب لجوء الشركة الى طريقة مختصرة ربما لتقليل الكلف ما جعل الفروقات اكبر لصالح اليورانيوم حيث ثبت بالمعدل ان التقديرات التي خرجت بها القياسات الاشعاعية (الريديوميتري) هي نصف القراءات من ناحية التراكيز والنصف من ناحية الكميات، وتم ايضا تحليل عينات في مختبرات خارج الاردن وقد تطابقت نتائج هذه المختبرات مع نتائج مختبراتنا التي هي معتمدة دوليا.
وامتدح طريقة تعدين اليورانيوم التي سيلجأ اليها الاردن، قائلا ان اليورانيوم موجود في مناطق وسط الاردن وهو جيد ونوعيته جيدة واستخلاصه سهل، وسيتم استخلاص اليورانيوم بالغسل بمحاليل قاعدية وليس محاليل حمضية، مؤكدا انه لن يتم انتاج اليورانيوم بالحقن.
وفي موضوع معارضة اسرائيل للبرنامج النووي الاردني، قال الدكتور طوقان ان الفوضى السياسية التي عاشها العالم العربي بعد الحرب العالمية الثانية لها دور كبير في عدم توجه الدول العربية للخيار النووي، الا ان هذا التوجه كان مخططا وكان هناك دفع بهذا الاتجاه لإبقاء العالم العربي فقط مصدرا للنفط الرخيص وعدم ولوج العالم العربي لآفاق تكنولوجية وعلمية متطورة وبالتالي منع ظهور قوى اقليمية في المنطقة تنافس اسرائيل.
واشار الى دول المنطقة التي لجات للخيار النووي، وقال هناك الان دول نفطية مثل الامارات والسعودية اضافة الى تركيا التي تبني حاليا اربع محطات بالتعاون مع روسيا وبقدرة 5 الاف ميغاواط.
وفي موضوع اختيار موقع المحطة النووية في الاردن، قال ان هناك نوعين من تبريد المحطة فهناك الدورة المفتوحة التي تأخذ الماء من البحر، ونتحدث هنا عن كميات ضخمة لكن خيار الدورة المفتوحة ليس متاحاً لدينا في الاردن لعدم وجود مصدر مياه كبير كالبحار والمحيطات ما اضطر المعنيون بالعمل على الدورة المغلقة وليس الدورة المفتوحة، لافتا الى ان المبدأ في الدورة المغلقة انه يتم اللجوء لنظام أبراج التبريد العملاقة بارتفاع 160 متراً التي تشبه بآلية عملها روديتر السيارة. -(بترا)