كشف صندوق النقد الدولي أن حجم انكشاف المصارف في دول منطقة الخليج على الأزمة في منطقة اليورو لا يتجاوز 5%، فيما تبلغ النسبة في الدول الأوروبية القريبة من منطقة اليورو نحو 45% من إجمالي ناتجها القومي، تليها الدول الأوروبية الناشئة بنسبة 35%، وكل من الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية بنحو 10%، بينما تبلغ هذه النسبة لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 5%.
وبين صندوق النقد من خلال دراسة أعلن عنها مؤخرا، أنه من المرجح أن تكون الآثار المالية غير المباشرة الناجمة عن أزمة منطقة اليورو محدودة للغاية في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن مشكلات الديون السيادية التي تواجه منطقة اليورو قد أسهمت في ارتفاع تكاليف الاقتراض نتيجة لاتساع فروق التأمين على مبادلات المخاطر السيادية والائتمانية التي تواجه بلدان المنطقة.
من ناحية أخرى، فإن الأجهزة المصرفية في المنطقة بوجه عام لا تعتمد كثيراً على الاقتراض من المصارف الأوروبية، بل تعتمد على المصادر المحلية في الحصول على التمويل.
وأكدت دراسة الصندوق التي نشرتها صحيفة الاقتصادية السعودية، أن أزمة الديون في أوروبا أثرت في أجزاء كثيرة من العالم، ولا تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استثناء في هذا الخصوص، لعل أقلها – ويزيد الأمر تعقيداً – أن ضعف النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو – والعالم ككل – يأتي في فترة مليئة بالتحديات بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وحول انتشار تداعيات تخفيض الموجودات المصرفية للمصارف الأوروبية على مصارف دول العالم، قال صندوق النقد الدولي إن قنوات هذه التداعيات تأخذ عدة أشكال، منها تخفيض حجم الإقراض المباشر من قبل المصارف الأوروبية للمصارف في العالم، وكذلك تخفيض تعاملاتها في أسواق الودائع ما بين المصارف أو تخفيض حجم تمويلاتها للتجارة العالمية، إلى جانب قروضها السيادية للحكومات الأوروبية وفي العالم.
ومما يضاعف حجم هذه التخفيضات أن القسم الأكبر من هذه الديون قصيرة الأجل ولا تتجاوز آجالها العام الواحد.
ويؤكد الصندوق أن تأثيرات التخفيضات في حجم تمويلات المصارف الأوروبية سيكون لها تداعيات مؤثرة خصوصا أن هذه المصارف تمتلك حصصا كبيرة في مختلف قطاعات التمويل المذكورة أعلاه تتراوح ما بين 25 إلى 40%.
وفقا للصندوق توفر الاقتصادات الأوروبية سوقاً رئيسية بالنسبة إلى كثير من الصادرات في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المستوردة للنفط. ومن المتوقع أن تكون بلدان شمال إفريقيا أكثر الاقتصادات تأثراً لما تتمتع به هذه البلدان من مستويات عالية من الترابط مع دول الاتحاد الأوروبي. فالعديد من البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة المغرب وتونس في المغرب العربي، تعتمد بشكل كبير على أوروبا كسوق للصادرات والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج، والاستثمار الأجنبي المباشر.
هذه البلدان هي أكثر عرضة للخطر، حيث تتعرض بشكل خاص للتدهور الاقتصادي في منطقة اليورو. أما البلدان الأخرى المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما الأردن، فتعد أقل ترابطاً مع أوروبا، ومن ثم أقل تأثراً بصعوباتها الاقتصادية.
ومع عدم الاستقرار الاقتصادي في أوروبا وعدم الاستقرار السياسي في بعض بلدان المنطقة، فإنه من المتوقع أن تبقى معدلات النمو في البلدان المستوردة للنفط منخفضة في عام 2012 (نحو 2% باستبعاد سوريا). ويعد ذلك باعثاً على القلق الشديد نظراً لحاجة هذه المجموعة من الدول إلى تحقيق معدلات نمو أعلى بكثير كي يتسنى إيقاف الارتفاع في معدلات البطالة – المرتفعة في الأساس – بين الشباب.
أما فيما يخص بلدان المنطقة المصدرة للنفط، فقد يؤثر عدم اليقين المتزايد على الصعيد الاقتصادي العالمي على هذه المجموعة بشكل رئيسي من خلال التأثير على الطلب العالمي على النفط ومن ثم أسعاره.
وسيؤدي التباطؤ المتوقع في الطلب العالمي على النفط إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي بشكل عام بالنسبة إلى هذه الدول. ومع ذلك، فإن العديد منها سيكون قادرا على تجاوز الأزمة بشكل جيد استناداً إلى قوة الطلب المحلي وكفاية الاحتياطيات الأجنبية واستقرار البيئة السياسية.