أعلن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي يواجه تهديدات واسعة ناجمة عن ضعف النمو وتصاعد نزعة الحمائية، محذراً من أضرار «جسيمة» في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وخفض الصندوق توقعاته للربع الثالث على التوالي، موضحاً أن النشاط الاقتصادي شهد «تباطؤاً شديداً لفترة طويلة»، داعياً إلى تحرك الاقتصادات الكبرى فوراً لدعم النمو.
واعتبر الصندوق أن المخاطر المالية والسياسية المتزايدة حول العالم وبينها تقلبات الأسواق المالية والنزاع السوري والتغير المناخي، جعلت الاقتصاد «هشاً في شكل متزايد» وعرضة للاتجاه إلى الركود.
وأعرب الصندوق عن قلقه من «تداعي» وحدة الاتحاد الأوروبي بسبب أزمة الهجرة واحتمال خروج بريطانيا من هذا التكتل الذي يعرف اختصاراً بـ «بريكست».
وأشار إلى الانكماش في عدد من اقتصادات الدول الناشئة وخصوصاً البرازيل، حيث يترافق التباطؤ الاقتصادي بأزمة سياسية حادة أدت الى مواجهة الرئيسة ديلما روسيف امكان عزلها.
وخفض صندوق النقد توقعاته للنمو العالمي هذا العام الى 3.3 في المئة أي أقل بـ 0.2 نقطة من توقعاته في كانون الثاني الماضي، وأقل من نسبة 3.8 في المئة التي كان توقعها في تموز الماضي بسبب ما اعتبره انخفاضاً في التجارة والاستثمار العالمي.
ويعكس ذلك النظرة المتشائمة لنمو الاقتصادات المتطورة والناشئة، إذ خفض الصندوق بشكل كبير التوقعات لكل من اليابان وروسيا ونيجيريا، فيما خفض توقعات النمو لمعظم الاقتصادات الكبيرة بنسبة 0.2 نقطة مئوية وخفض توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي الذي يعاني من تبعات قوة الدولار إلى 2.4 هذا العام مقارنة مع 2.6 في كانون الثاني الماضي.
أما بالنسبة للصين ودول أوروبا الشرقية النامية فكانت أفضل، إلا أن الصين التي توقع الصندوق أن تحقق نمواً بنسبة 6.5 في المئة لا تزال على طريق تسجيل تباطؤ كبير استمراراً للعام الماضي الذي أدى إلى خفض شديد في أسعار السلع العالمية ملحقاً أضراراً بالجهات المصدرة.
ويتوقع الصندوق استمرار التباطؤ خلال العام 2017، ويرى أن نمو الاقتصاد في العملاق الآسيوي لن يتجاوز 5.2 في المئة.
وأشار صندوق النقد الدولي خصوصاً إلى التقلبات العنيفة في أسواق المال العالمية بوصفها تهديداً للنمو هذا العام، محذراً من أن الاضطرابات المالية تضعف الثقة ونمو الطلب الذي أصبح «سلبياً».
وقال كبير الاقتصاديين في الصندوق موريس أوبستفيلد إنه «منذ الصيف الماضي شهدنا موجتين من الاضطرابات العالمية»، وتابع: «النتيجة هي هروب رؤوس الأموال من الأصول والاقتصادات الأكثر تعرضاً للخطر، وارتفاع رسوم الاقتراض للدول النامية، واستمرار ضعف أسعار السلع».
وأكد أوبستفيلد أن «هناك خطراً من أن تؤثر موجات التقلبات على الاقتصاد الأوسع» وتتسبب في مزيد من الضغوط على الدول الأكثر ضعفاً.
وقال الصندوق إن حال العنف وعدم الاستقرار في سورية وغيرها من الدول والتي دفعت بملايين اللاجئين إلى التوجه إلى دول مجاورة وكذلك إلى أوروبا، معتبراً أن عبء تدفق المهاجرين إلى أوروبا واستمرار ضعف النمو وارتفاع نسبة البطالة في المنطقة يغذي «تصاعد المد القومي» في الدول وأن ذلك يبدو واضحاً في الاستفتاء الوشيك الذي سيجري في بريطانيا على خروجها أو بقائها في الاتحاد الأوروبي.
وأكد الصندوق أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «سيخلف أضراراً جسيمة إقليمياً وعالمياً لأنه سيحدث اضطراباً في علاقات تجارية قائمة»، مضيفاً أن «التوافق السياسي الذي كان المحرك وراء المشروع الأوروبي يتداعى»، محذراً من أن «أي رد فعل قاس ضد الاندماج الاقتصادي يهدد بوقف وربما إنهاء التوجه الذي تلا الحرب العالمية الثانية بتبني تجارة أكثر حرية». وحذر أوبستفيلد من أنه إذا لم تتم معالجة المخاطر الوشيكة فإنها يمكن أن تقود الاقتصاد العالمي على طريق الركود، مضيفاً أنه «كلما ضعف النمو، كلما زادت فرص المخاطر، وفي حال حدوث هذه المخاطر فإنها ستجر الاقتصاد العالمي إلى مزيد من التباطؤ».
وقال: «على صانعي السياسة أن لا يتجاهلوا ضرورة الاستعداد لاحتمال وجود نتائج عكسية».
وشجع الصندوق الحكومات على الاستثمار قدر الإمكان لدعم النمو على سبيل المثال في البنى التحتية وفي الأبحاث والتطوير، إضافة الى إصلاح الضرائب وغيرها من الخطوات الهيكيلية التي يمكن أن تؤدي الى نتائج إيجابية من حيث زيادة الاستثمارات وخلق الوظائف والطلب.