وأوضح هاني جنينه من “بلتون” المالية أن هناك حربا نفسية تدور الآن بين البنك المركزي وتجار العملة وهو ما يؤكد التمهيد لحدوث شيء ما، وأعتقد أن “المركزي” أقرب للتعويم سواء اليوم أو خلال الأسبوعين المقبلين حتى ولو تعويما مدارا، وأعتقد أن ذلك قد يحدث أثناء وجود بعثة الصندوق في مصر.
وكانت توقعات بخفض وشيك في سعر صرف الجنيه قد أسهمت في تفاقم حدة نقص الدولار بشدة على مدى الأيام القليلة الماضية ليقفز سعر الدولار في السوق الموازية إلى أكثر من 13 جنيها قبل أن يتراجع عقب أنباء التفاوض على تمويل مع صندوق النقد.
وقال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية في مصر إن المستوردين يشترون الدولار من السوق السوداء بأسعار تراوح بين 12.30 و12.50 جنيه، ولم تحدث انفراجة من قبل المصارف لتوفير الدولار للمستوردين ولذا اتجهوا للسوق السوداء.
وبحسب “رويترز”، فقد عزز احتمال حصول مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي المعنويات في دوائر الأعمال المصرية غير أن ذلك لن يترجم إلى استثمارات أجنبية أو تدفقات مالية على البلاد قبل أن تنفذ القاهرة إصلاحات قاسية وتحل أزمة العملة التي تعانيها.
وتسعى مصر للحصول على أربعة مليارات دولار سنويا لمدة ثلاث سنوات من الصندوق للمساعدة في سد عجز في التمويل، وتأمل الحكومة في إنجاز الاتفاق في آب (أغسطس)، وقفزت الأسهم المصرية بدعم آمال في أن ينعش الاتفاق الثقة ويسمح لمصر بإلغاء القيود على الحصول على العملة الصعبة وهي القيود التي ألحقت الضرر بالصناعة والتجارة وجعلت من الصعب على الشركات الأجنبية تحويل أرباحها للخارج.
وقال مسؤولون تنفيذيون بشركات عالمية تعمل في مصر إن تمويل صندوق النقد قد يتيح لمصر فرصة لتنفيذ إصلاحات مؤلمة لكن الاستثمارات الأجنبية لن تأتي قبل حل مشكلة نقص العملة الصعبة، فيما أشار مسؤول تنفيذي بشركة متعددة الجنسيات إلى أن الشركات تواجه حاليا أصعب أوقاتها على الإطلاق فيما يتعلق بالحصول على الدولارات، ولا يهم إن كنت تجني مليار دولار من الأرباح، وإذا لم تكن قادرا على إخراجها من البلاد فلن تستثمر.
وتعاني مصر نقص العملة الصعبة وتسببت الاضطرابات في ابتعاد السياح والمستثمرين الأجانب مما حرم البلاد من مصادر رئيسية للعملة الأجنبية، وأجبرت الاضطرابات البنك المركزي على بيع الدولار في عطاءات، وهوت الاحتياطيات النقدية من نحو 36 مليار دولار قبل خمس سنوات إلى نحو 17.5 مليار في حزيران (يونيو) مع دفاع الدولة عن العملة – التي تضررت بسبب الغموض – واتساع العجز في الميزانية.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة الرئيسة 100 نقطة أساس إلى أعلى مستوى لها في سنوات خلال الاجتماع الماضي للجنة السياسة النقدية في 16 حزيران (يونيو) وهي خطوة يعتقد خبراء الاقتصاد أن الهدف منها هو كبح معدل التضخم المتصاعد وتخفيف الضغوط النزولية عن الجنيه.
غير أن التضخم قفز في حزيران (يونيو) للشهر الثالث على التوالي مع ارتفاع طلب المستهلكين خلال شهر رمضان وإن كان معدل التضخم الأساسي الذي يستثني سلعا متقلبة الأسعار مثل الفواكه والخضراوات لم يزد إلا قليلا ليصل إلى 12.37 في المائة من 12.23 في المائة في أيار (مايو).
وتتوقع الحكومة تسلم شريحة أولى لا تقل عن ملياري دولار في غضون شهرين من الاتفاق مع صندوق النقد، وتخطط أيضا لإصدار سندات دولية بقيمة 2 – 3 مليارات دولار في أيلول (سبتمبر) أو تشرين الأول (أكتوبر).
وربما يساعد الاتفاق أيضا الحكومة إلى أن تتمكن مجددا من جذب السياح إلى منتجعاتها على البحر الأحمر بعدما دفع تفجير طائرة في العام الماضي روسيا وبريطانيا إلى تعليق الرحلات الجوية، ويتعين على الحكومة في الوقت نفسه تنفيذ خطط إصلاح قائمة ستشكل على الأرجح أساس الاتفاق مع الصندوق، وتشمل تلك الإصلاحات خفض الدعم وتقليص أجهزة الخدمة المدنية المتضخمة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.
ويعتقد اقتصاديون أنه ما إن تتخذ تلك الخطوات فإن خفض قيمة الجنيه إلى سعر أكثر واقعية أو استدامة قد يعزز الصادرات ويحفز الاستثمار الأجنبي في نهاية المطاف، غير أن الطريق إلى ذلك محفوف بالمخاطر، وقال سايمون وليامز كبير الخبراء الاقتصاديين المتخصصين في شؤون وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى “إتش. إس. بي. سي” إن إصلاح نظام الصرف الأجنبي سيكون اختبارا كبيرا.، معتبرا أن أربعة مليارات دولار مبلغ ضخم، لكنه سيغطي فقط ثلث العجز في ميزان المعاملات الجارية.
وأضاف الخبير أن التوصل إلى اتفاق خطوة أولى إيجابية للغاية، لكن بعد الخسائر والإخفاقات في السنوات الخمس الماضية، فإنه ينبغي عدم التهوين من شأن المصاعب المنتظرة، ويقول خبراء اقتصاديون إن التفاصيل التي تحدث بها المسؤولون المصريون تشير إلى أن الاتفاق في مراحله الأخيرة.