تواجه صناعة الصلب في أوروبا نذر أزمة، مع ارتفاع تكلفة الإنتاج في هذه الصناعة، وما يزيد من تحديات قطاع الصلب أجواء الحرب التجارية التي تعيق حركة التجارة الدولية في هذه السلعة الحيوية.
وتطلق جمعية «يورو فير»، التي تحتضن منتجي الصلب بأوروبا، تحذيراً بخصوص غرق هذه الصناعة في أوضاع عصيبة تزامناً مع مواصلة سعر الحديد، وهو مكوّن رئيسي للصلب، ارتفاعه لأكثر من مائة دولار في الطن. وهذا أعلى سقف له منذ عام 2014. ويقول خبراء المواد الأولية في برلين إن سعر الحديد قفز 40 في المائة هذا العام، حسب مؤشر «ستاندرد آند بور غلوبال بلاتس»، الذي يعتبر مرجعاً حيوياً لأسعار الحديد في العالم.
يقول الألماني مارتين هان، الخبير في تجارة المواد الأولية، إن ارتفاع أسعار الحديد يعود جزئياً إلى شركة «فالي» البرازيلية، وهي المنتجة الرئيسية للحديد في العالم. فالانهيارات التي وقعت في مناجم الشركة في مطلع العام، والتي ما زالت تهدد البُنى التحتية الإنتاجية لها بالبرازيل، حضّت إدارة الشركة على تعليق الإنتاج في عدد كبير من مناجمها هناك. لذا ستواجه أسواق الحديد العالمية شُحاً في العروض.
ويشير إلى أن الصين اتجهت لإنتاج كميات كبيرة من الحديد، بلغ ذروته التاريخية ليرسو عند 85 مليون طن في شهر أبريل (نيسان) الفائت وحده.
ويتابع: «في حال واصلت الصين الوتيرة الإنتاجية نفسها، فإن ناتجها من الحديد سيتجاوز مليار طن لغاية نهاية 2019 للمرة الأولى في تاريخها، رغم حربها الضريبية القائمة مع الولايات المتحدة. ويُستعمل قسم من تلال الحديد المنتجة هذه بالصين محلياً.
فبفضل الحوافز الاقتصادية التي تبنتها حكومة بكين ما زال استهلاك الحديد في أوجه هناك. أما الفائض من إنتاج الحديد الصيني فيتم إرساله إلى الخارج، حيث تستأثر الدول الأوروبية، ومن بينها ألمانيا، بجزء كبير منه».
ويختم القول: «لا يشمل القلق الأوروبي ارتفاع أسعار الحديد فحسب، فسعر فحم الكوك للمنتجات المعدنية اخترق سقف 200 دولار للطن. في حين قفز سعر رُخص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من المصانع الأوروبية إلى أكثر من 25 دولاراً للطن. وهذا أعلى سقف له منذ 11 عاماً».
من جانبه، يشير الألماني أكسيل إيغيرت مدير جمعية «يورو فير»، إلى أن القلق المخيّم على صناعة الصلب الأوروبية سببه الرئيسي الحرب الضريبية التي تشنها الولايات المتحدة على الصين ودول أخرى. بيد أن غيوم القلق هذه تبددت قليلاً إثر تخلي الولايات المتحدة مؤخراً عن فرض ضرائب جمركية جديدة على الصلب والألومنيوم الكندي والمكسيكي.
إلا أن منتجي الصلب الأوروبيين يواجهون منافسة حامية داخل السوق الأوروبية، حيث يقول إيغيرت: «تتقلص حصص مصانع إنتاج الصلب الأوروبية في الأسواق الأوروبية شيئاً فشيئاً».
ويختم: «في الربع المالي الأخير من عام 2018 تحوّلت أوضاع صناعة الصلب الأوروبية إلى شبه كارثية. فمبيعاتها في الأسواق الأوروبية تراجعت 2.1 في المائة.