صناعة السياحة ومنظومة الاقتصاد الوطني

admin
مقالات
admin29 مايو 2012آخر تحديث : منذ 13 سنة
صناعة السياحة ومنظومة الاقتصاد الوطني

اراء2  - مجلة مال واعمالتتفاوت أهمية القطاعات الاقتصادية في الدول بناء على الميزة النسبية لكل دولة, كما تتفاضل أهمية القطاعات بناء على ما تولده من فرص نمو وازدهار لقطاعات أخرى مساندة لها، كما تتمايز المنظومات الاقتصادية في كل دولة بناء على ما تولده قطاعاتها الاقتصادية من فرص للعمل ونمو في الناتج المحلي. ويعتبر قطاع السياحة أكثر القطاعات الاقتصادية المولدة للوظائف. كما أنه أكثر القطاعات الاقتصادية الداعمة والمساندة للقطاعات الأخرى. وبحسب تقرير منظمة السياحة العالمية الذي نشرت «الاقتصادية» مقتطفات مهمة منه فإن حركة التوافد السياحي خلال العام الحالي ستبلغ مليار سائح. كما توقع التقرير أن يبلغ مجمل مصروفات السياح خلال العام أكثر من ستة تريليونات دولار للأنشطة المباشرة وغير المباشرة, ويمثل ذلك 9 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي. كما أشار التقرير إلى أن قطاع السياحة يوظف أكثر من 250 مليون شخص في وظائف مباشرة أو في قطاعات مساندة في دول العالم, ويمثل ذلك 9 في المائة من إجمالي القوى العاملة عالميًا. وعند النظر إلى عدد السياح المتوافدين إلى أهم الدول السياحية في العالم نجد إحصاءات مهمة وجديرة بالدراسة, فعلى سبيل المثال يبلغ إجمالي السياح المتوافدين على فرنسا سنويا نحو 75 مليون سائح, وفي إسبانيا يصل عدد السياح المتوافدين إلى نحو 50 مليون سائح سنويا, وفي تركيا يتوافد نحو 20 مليون سائح, وفي ألمانيا وماليزيا يتراوح عدد السياح بين الـ20 و 25 مليون سائح سنويا, وهذه الأرقام تعادل تعداد سكان كثير من دول العالم.

وما إن يتوافد السياح على بلدة أو منطقة إلا وتنشط حركة الإنشاءات, وتزدهر نشاطات المنشآت الصغيرة والمتوسطة, سواء كانت في مجال النقل أو الفندقة أو المتاجر والمحال الصغيرة أو ورش المشغولات اليدوية أو محال الصرافة, أو مكاتب التأمين, أو شركات الشحن, أو محال الملبوسات التقليدية أو مكاتب الخدمات المتنوعة وغيرها الكثير. كما أن توافد السياح على مدينة يشعل فتيل المنافسة الإيجابية بين مقدمي الخدمات لتوفير الأفضل والأجود لكسب السائح. كما تستغل الدول توافد السائحين عليها لنشر ثقافتها ولنشر مكتسباتها التاريخية وللتعريف بنفسها أمام شعوب العالم. كما أن الدول السياحية الأكبر في العالم تتميز بشعوبها المتحضرة والراقية في التعامل والخلق, وتتميز الدول المتقدمة سياحيا بمستوى عال من الأمن والاستقرار, وبمستوى ممتاز من البنية التحتية.

وعند النظر إلى وضعنا في المملكة العربية السعودية نجد أن كل المقومات الأساسية المطلوبة حتى نكون في مصاف الدول الأكثر جذبا للسياح في العالم (وهذا بلا مبالغة) متوافرة لدينا بشكل يندر تواجده في أي دولة أخرى في العالم. فنحن نملك أقدس بقعتين شريفتين على وجه الأرض, ونملك بيئة جغرافية متنوعة, ونملك أكثر من 200 جزيرة وأرخبيل ممتدة على ساحل البحر الأحمر. كما أننا نملك آثارا تعود إلى ما قبل ميلاد المسيح عيسى عليه السلام. والأهم من ذلك أن شعبنا السعودي شعب خلوق وكريم وشهم ومضياف, كما أن ثقافتنا ذات عمق تاريخي وتراثي تضرب به الإنسانية الأمثال. ورغم الجهود الجبارة التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار للنهوض بالواقع السياحي الذي أدى إلى مساهمة القطاع السياحي بما نسبته 7.2 في المائة من الناتج المحلي لعام 2011, الذي مكن القطاع من توظيف 174 ألف سعودي من أصل 670 ألف موظف بما نسبته 26 في المائة من العاملين في السياحة, إلا أننا ما زلنا في بداية الطريق.

فواقع قطاع الطيران الداخلي المحزن يحتاج إلى إعادة هيكلة لضمان انسيابية التنقل بين المدن الرئيسية والمناطق السياحية في مواسم الذروة السياحية. كما أن واقع الخدمات على جوانب الطرقات التي تربط بين مدن ومناطق المملكة تحتاج إلى لفتة جادة من وزارة النقل ووزارة الشؤون البلدية والقروية. فمحطات البنزين والخدمات المتوافرة فيها سواء كانت دورات مياه (أعزكم الله), أو مطاعم تحتاج إلى لفتة جادة للارتقاء بمستوى خدماتها. كما أن واقع الفنادق في كثير من المناطق السياحية لدينا يحتاج إلى دعم جاد من وزارة المالية, فكثير من المناطق السياحية في المملكة تفتقر لفنادق الخمسة نجوم, وهذا لا يساعد أبدا في الوصول إلى مستوى متقدم في الصناعة السياحية نطمح ونسعى للوصول إليه.

إن أهمية القطاع السياحي لمنظومة اقتصادنا الوطني تفرض على كل الجهات المعنية بتقديم خدمات البنية التحتية، التكامل والتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، بما يضمن نهوضنا إلى مصاف الدول المتقدمة سياحيا. وثمار هذا التقدم سيأخذ اقتصادنا إلى مستوى متقدم نتطلع ونستحق أن نكون عليه.

*نقلاً عن صحيفة “الاقتصادية” السعودية.

كلمات دليلية
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.