عزا صالح كامل؛ رئيس مجلس إدارة مجموعة البركة المصرفية ورئيس المجلس العام للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، السبب الرئيس والمباشر لخسائر التجار، إلى قيامهم بما يسمى بالبيع المكشوف من خلال عقود البيع والشراء.
وأوضح كامل، أن المقصود بالبيع على المكشوف هو بيع التاجر بنقد ليس عنده إلى أجل، وقد يحدث خلال هذه الفترة ارتفاع أو انخفاض الأسواق، كما يحدث في قطاع التجزئة والاستيراد وكذلك الصكوك، مشددا على أن تقوى الله في عمليات الشراء والبيع تحمي التجارة والتعاملات الاقتصادية من الخسارة. جاء ذلك خلال ندوة البركة في بداية نسختها الـ 37 في جدة، التي شهدت تكريم الدكتور أحمد محمد علي، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، الذي يغادر مقعده في رئاسة البنك بنهاية العام الحالي.
واستطرد كامل، “أن السبب الأساسي في جميع الأزمات الاقتصادية حول العالم يعود لبيع ما لا يملكه الشخص، مثل، البيع المكشوف والبيع الآجل”، مشددا على أنه لو طبق الحديث الشريف (لا تبع ما ليس عندك)، لمنعنا استخدام الفساد في التعاملات التجارية نتيجة إساءة الاستخدام والمضاربات، وبالتالي الخسارة والأضرار بالاقتصاد.
وطلب كامل من المسؤولين الحكوميين في الدول الإسلامية والمسؤولين في المصارف الخاصة والإسلامية، أن يكون النموذج الأمثل للعمل الاقتصادي الإسلامي “الاستثمار” وليست “التجارة”.
ولفت كامل إلى أن “هناك دراسة تقوم عليها ندوة البركة الإسلامية لدراسة المصارف الإسلامية وعدم خضوعها للبنوك المركزية، واكتشفنا أن المصارف الإسلامية تخضع للمركزية في أنظمة الحساب الجاري، فيما لا يمثل الحساب الجاري أكثر من 5 في المائة من الودائع”، مشددا على ضرورة إيجاد قانون للمصارف التجارية وآخر للإسلامية، مشددا على أن الوضع الطبيعي للمصارف الإسلامية أن تكون استثمارية وليست تجارية.
من جانبه، ذكر الدكتور عبدالرزاق الخريجي؛ مدير مجموعة تطوير العمل المصرفي الإسلامي بالبنك الأهلي التجاري، أن المصارف الإسلامية تعاني من ضعف ونقص، وهناك فرق بين النقص والضعف، مبينا أن الندوة تحاول هذا العام في نسختها الـ 37 إصلاح النقص وسد الفجوة الموجودة في التطبيق.
وأوضح، أن هناك آراء مختلفة في نواحي الفتوى الشرعية، لافتا إلى إشارة الدكتور أحمد محمد علي؛ رئيس البنك الإسلامي للتنمية لحاجة المصرفية الإسلامية لمرجعية موحدة، مبينا أن المرجعية الموحدة التي تحتاج إليها المصرفية الإسلامية ليست فقط في النواحي الشرعية، لكن في النواحي المحاسبية والتقنية وغيرها.
وحول التحديات التي تواجه المصارف لتطبيق المصرفية الإسلامية بشكل كامل، أوضح الخريجي أن جميع الجهات تحاول تحقيق الأهداف المطلوبة من المصرفية الإسلامية، والدليل على ذلك النمو الذي حققته، مشيرا إلى أنها تحتاج حاليا لكثير من توحيد العمليات والمرجعية والمنتجات والسيولة.
وأوضح، أن الشخص العادي يستطيع الاستفادة من منتجات تلك المصارف، لأن فيها هيئة شرعية والعمل الذي تقدمة بشكل شرعي ليس فيه خلاف.
بدوره، ذكر الدكتور علي القرة داغي؛ رئيس اتحاد المسلمين، أن الندوة في نسختها هذه السنة ركزت على التعاملات الاقتصادية الإسلامية من خلال بحث عشرة أحاديث نبوية تتعلق بالسوق والمعاملات المالية، لافتا إلى أن الاقتصاد الإسلامي يقوم على ضبط السوق وحماية الأسواق من حيث استقرار الأسعار وضمان استمرار إمداده بالسلع.
من جهتهم، قدم عدد من الفقهاء والعلماء المشاركين في ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي السابعة والثلاثين في يومها الأول أوراق عمل تعلقت بالمحور الأول للندوة الذي دار حول ضبط المعاملات المالية والتجارية المعاصرة وفق مقاصد بعض الأحاديث النبوية الشريفة، حيث شملت الحديث الذي ينهي عن بيع ما ليس عندك.
وقدم الدكتور عبدالستار أبوغدة رئيس الهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة البركة المصرفية ورقة عمل استعرض فيها بمنهجيته المعهودة نماذج لنصوص شرعية من الكتاب والسنة وتوجيهات تهدف إلى استقامة التطبيقات لهذه الأحاديث المختارة، مشيرا إلى أن المعاملات المالية تقوم أساسا على التراضي غير المشتمل على ما حرم الله من ظلم أو أكل أموال الناس بالباطل.
يذكر أنه شارك في تكريم رئيس البنك الإسلامي للتنمية، إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حيث ذكر مدني إنجازات الدكتور أحمد محمد علي التي حققها في دعم مسيرة التنمية المجتمعية والاقتصادية في الدول الإسلامية الأعضاء في إفريقيا وغيرها من البلدان التي أقل ما توصف بالفقر، لافتا إلى أن صدق ومثابرة الدكتور وجلده وتحمله الصعاب، إضافة للإدارة وحسن القيادة أهلته ليحقق ما حقق بكل نزاهة وشرف.
وأشار إلى أن البنك نجح في عهد الدكتور أحمد في تحقيق حجم كبير من أعمال البنى التحتية والتنمية الزراعية والاقتصادية والتجارية في الدول الأعضاء من خلال تأسيس مؤسسات متخصصة في البنك تعنى بتنمية الصادرات ودعم الزراعة ومحاربة الفقر والأمراض، لافتا إلى أن ما قام به الدكتور من إنجازات مؤهلة لأن يكتب عنها عدد من البحوث والدراسات في علم الإدارة والاقتصاد. من جانبه؛ اعتبر الدكتور أحمد محمد علي تكريمه أمس مفاجأة كبيرة، معتبرا أن هناك عاملين مهمين لضمان نجاح المصرفية الإسلامية وديمومتها، أولا، المرجعية التي يتوافق عليها الجميع لتكون مرجعا لجميع المصارف الإسلامية، فلا شك وجود لجنة شرعية في كل بنك ولكن الأهم هي مرجعية موحدة ترجع لها كافة المصارف. وتابع، “ثانيا إيجاد وسيلة مهنية لإدارة السيولة الكبيرة الموجودة لدى المصارف الإسلامية التي للأسف هي موضوعه فيما يسمى بتجارة السلع، فنحن بحاجة إلى أدوات لإدارة السيولة تكون أدوات استثمارية لدعم المشاريع في الدول الإسلامية، وأن يواصل جهوده للوصول إلى حلول لهذين الأمرين التي من خلالها سيفتح بابا كبيرا للصيرفة الإسلامية التي تعد الأكثر نموا بمعدلات 15 في المائة، كما تنمو في بعض الدول على 20 في المائة وهذا تقدم كبير وأنا كلي ثقة أن مستقبل الصيرفة واعد ومهم ليس لصالحنا فقط، ولكن سيكون إسهامه للنظام المصرفي العالمي”.
وشدد على ضرورة إيجاد أدوات ووسيلة مهنية للاستفادة من السيولة المالية الكبير في المصارف الإسلامية التي تدار حاليا مع الأسف بأسلوب خاطئ بعيدا عن التدوير الاقتصادي المطلوب.