صاعقة مكافآت المدراء تنفجر في وجه البنوك الكويتية

admin
عربي
admin31 مارس 2012آخر تحديث : منذ 13 سنة
صاعقة مكافآت المدراء تنفجر في وجه البنوك الكويتية

كويت  - مجلة مال واعمالربما ستتذكر الساحة الاقتصادية الكويتية لفترات طويلة الجمعية العمومية الأطول “٥ ساعات” والأعنف في تاريخ “مجموعة بيت التمويل الكويتي” لعام ٢٠١١، وما تركته من رسائل وعبر وأرقام.

لكن ربما الرسالة الأهم والمحتمل تطور تداعياتها، هي تلك المتعلقة بالملف الشائك عن رواتب ومكافآت الإدارات العليا والمدراء التنفيذيين في البنوك والشركات، والتي ظهرت خلال المعركة الدائرة في العمومية بين الرئيس السابق لـ”بيت التمويل” بدر المخيزيم، وبين الرئيس التنفيذي الحالي محمد العمر (الذي يشغل ٣ مناصب تنفيذية أخرى في المجموعة).

فقد وجه المخيزيم، سؤالاً للعمر عن مكافأته السنوية كرئيس لـ”بيتك تركيا” وحدها، فأجابه: 900 ألف دولار.

وكانت الإجابة أشبه بصاعقة على مسامع العمومية وفتحت باباً واسعاً للجدل داخل السوق الكويتية حول مكافآت التنفيذين في “بيتك” وبنوك وشركات مالية أخرى مازالت تعاني الأمرين من تداعيات الازمة المالية العالمية، إذ يبدو أن ذلك لم يغير شيئاً في مكافآت هرم المؤسسات المالية، بل هي قاعدة المساهمين التي تدفع الضريبة مرتين وأكثر؛ أولا من تراجع سعر سهمها، وثانيا من التوزيعات القليلة على استثمارها في هذا السهم، ولأسباب الاسطوانة نفسها التي ترددها دائما الإدارات التنفيذية “تداعيات الازمة المالية على اعمال الشركة أو البنك”.

وغطى هذا الملف على احاديث الديوانيات (مجالس الكويتين) وفي تويتر، وكان بيت التمويل نموذجا للقياس عليه، باعتباره اكبر بنك اسلامي في الكويت وصاحب اكثر شعبية بين المساهمين والمودعين، وهو ربما الوحيد في القطاع الذي يعاني من أزمة تؤثر نظاميا على القطاع الخاص، ويُجرى حاليا اعادة هيكلة لكل نموذج عمله، وبلغت مخصصاته 3.3 مليارات دولار منذ بدء الأزمة المالية في ٢٠٠٨، وذلك حسب ما ذكرت “العربية.نت” في تقريرها المنشور قبل يومين من انعقاد العمومية، والذي انفرد بعرض معلومات داخلية عن الصراع الدائر كانت محل تداول داخل العمومية.

مقاربة مع “الوطني”

وأظهرت مقاربة إحصائية أجرتها “العربية.نت”، للبحث في الأرقام المليونية التي تعرضها الصفحة رقم ٨٣ في التقرير السنوي الموزع على مساهمي “بيتك” في العمومية، والتي أثارت ضجة كبيرة، حيث أظهرت مكافآت مجلس الادارة والإدارات التنفيذية، خصوصا بالنسبة للأخيرة التي لا يتجاوز عدد أعضائها أصابع اليدين، وبعض المعلومات تتحدث عن أصابع يد واحدة.

وكما أجرينا في تقرير سابق مقارنة “بيت التمويل” مع “البنك الوطني” كمؤشر للقياس، باعتباره البنك الاكبر في القطاع والذي غالبا ما تتم مقارنته مع بيت التمويل، فظهرت النتائج التالية:

– بلغت مكافآت الادارة العليا والمدراء التنفيذيين في بيت التمويل 35 مليون دولار تقريبا، بينما بلغت لدى البنك الوطني 43 مليون دولار تقريبا.

– ربح البنك الوطني مليار دولار تقريباً، وارباحه نمت بنسبة 0,2 بالمئة سنويا بينما بلغت ارباح “بيتك” ٢٨٠ مليون دولار، بتراجع 24 بالمئة، اي ان الإدارات العليا والتنفيذية في “الوطني” أتت بثلاثة أضعاف ما أتت به نظيرتها في “بيتك” من ارباح بينما الاخيرة ت مكآفأتها بنفس المستوى تقريباً، في وقت أحدثت الاولى نموا (وان كان طفيفا)، بينما الاخرى جاءت بنتائج مخيبة وتراجع قوي نسبيا في الربحية.

وعلى هذا الاساس، تشكل المكافآت للادارة التنفيذية والعليا في بيت التمويل نسبة ١٢،٥ بالمئة تقريبا من الأرباح الصافية للبنك، بينما تشكل ٤،١ بالمئة تقريبا في البنك الوطني.

حصة الأسد للتنفيذيين

والملاحظ من خلال البيانات أن الإدارات التنفيذية في “بيتك” استحوذت على نصيب الاسد من مكافأة الـ٣٥ مليون دولار، إذ لم تتجاوز مكافأة مجلس الادارة وعددهم عشرة (بما فيهم الرئيس ونائبه) ٩٠٠ الف دولار تقريبا، اي ٢،٥ بالمئة فقط من اجمالي المكافآت، أي ذهبت 5.97 بالمئة منها للتنفيذيين، بينما لا يمكن المقارنة في هذا الصدد مع مجلس ادارة البنك الوطني المعروف بأنه الوحيد في القطاع الذي لا يتقاضى أي مكافأة، كتقليد يعمل به منذ تأسيسه.

والأمر اللافت أيضاً في الميزانية، يرتكز عليه المحللون الماليون عند قراءتهم لكفاءة الادارة التنفيذية ومدى قدرتها على ضبط المصاريف الادارية والعمومية مقارنة مع إيرادات التشغيل، وهو ما يعرف بنسبة كفاءة التشغيل،cost to income ratio، حيث كلما انخفضت النسبة، تُظهر كفاءة ادارية اعلى. وبينما بلغت النسبة في بيت التمويل ٤٦ بالمئة، سجلت لدى الوطني ٢٩ بالمئة.

حملة إعلامية

وأطلق موظفون في بيت التمويل حملة إعلامية عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، لمطالبة “الإدارات العليا بتفعيل واقرار الزيادة العادلة للموظفين” حسب ما جاء في خانة التعريف عن مؤسسي الحساب، وربما سيشكل ذلك ضغطا على الادارة التنفيذية في ظل ما أثارته العمومية من معلومات.

ويرى بعض الموظفين الآخرين ان بيت التمويل أشبه ببنك حكومي كون الدولة تملك فيه نسبة ٤٨،٧ بالمئة، ويعتقد بعضهم ان ما يجري في المؤسسات الحكومية من زيادات سخية في الرواتب يفترض ان ينسحب عليهم.

لكن الاحداث الاخيرة في البنك فتحت بابا جديدا للنواب في البرلمان الكويتي للتساؤل حول المال العام في البنك وكيفية حمايته وسط هذه الصراعات وارقامها المليونية.

تسهيلات أخرى

وتشكل المكافآت السابقة، “الكاش” فقط التي منحت للإدارات العليا والموظفين التنفيذين بينما هناك مكافآت بالملايين أيضاً أعطيت لهم على شكل تسهيلات تمويلية وبطاقات ائتمانية وغيرها، ويمكن العودة للتقارير السنوية وإظهارها التي توزع في العموميات على المساهمين وغالبا ما يتركونها على كراسي العمومية رغم ما فيها من كنوز، وربما “لان غالبيتهم يهمون للطعام الفاخر الذي يفرش لهم بعد العمومية فينسون العودة للكراسي، رغم ان الطعام على حسابهم”، كما يقول احد المساهمين متهكما.

تجدر الاشارة إلى أن ملف المكافآت هو أهم ملفات الحوكمة والشفافية التي فرض البنك المركزي الكويتي ان يتم الافصاح عنها للمساهمين في العام الماضي، حيث كان الملف سريا للغاية في الكويت وربما في الخليج عموما.

سري للغاية

ويفسر أحد المحللين الماليين أسباب سرية وخطورة هذا الملف، بأن المدراء التنفيذين غالبا يضعون بأنفسهم هذه الأرقام كشروط لانتقالهم الى بنك او شركة، ويوقعون في الغالب على ما يسمى Signed Bonus، وهي المكافأة التي يحصلون عليها بصرف النظر ان خسرت الشركة ام ربحت.

وتأتي مصادر هذه المكافآت وأحجامها من طبيعة المنصب نفسه ومن المهمات الاخرى. وغالبا لا يهتم اصحاب المناصب التنفيذية بحجم رواتبهم الشهرية بقدر تركيزهم على المكافآت لانها الدجاجة التي تبيض ذهباً.

ولعل المناصب الادارية العليا والتنفيذية الرئيسية هي الاكثر قدرة على وضع المكافآت كما تريد، لانها فعليا هي اعلى سلطة بمؤسسة مالية ما، لكن في نهاية الأمر سيدفع المساهم ضريبة استغلال المناصب للحصول على مكافآت كبيرة.

وربما يلح هنا السؤال الذي سأله المخيزيم، للعمر، عن كيفية حصوله على المبلغ المذكور من منصب واحد فقط (٩٠٠ الف دولار) وهل اقره لنفسه، حيث أجابه العمر: “لم اقره لنفسي وانت تعلم كيف يتم ذلك”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.