يبدو من داخل معرض شركة الصناعات الهندسية جيه.جيه تشرشل أن تعافي الاقتصاد البريطاني من أضرار الركود يمضى قدما في مساره الصحيح.
واستثمرت الشركة بكثافة في المخارط وماكينات الطحن حتى مع هبوط الطلبيات خلال التباطؤ الحاد مراهنة على أنه عندما يرجع الطلب إلى المعتاد فإنها ستكون مستعدة لذلك.
والآن مع النمو السريع الذي تشهده بريطانيا مقارنة مع اقتصادات غنية أخرى فإن الطلبيات تنهال على مصنع الشركة بالقرب من برمنجهام من عملاء مثل رولز رويس التي تشتري شفرات تشرشل لمحركاتها النفاثة وسيمنس التي تشتري أجزاء لتوربيات الغاز المولدة للكهرباء.
وقال أندرو تشرشل العضو المنتدب للشركة وحفيد مؤسسها “يتزايد العمل لدينا بشكل كبير.
“الآلات التي كانت تعمل نوبة واحدة أصبحت تعمل نوبتين وربما ثلاث.”
ويأمل بنك انجلترا المركزي بأن يتمكن كثير من الشركات البريطانية الأخرى من الاستجابة للنمو القوي بشكل مماثل دون مواجهة اختناقات ما بعد الركود التي قد ترفع معدل التضخم.
ومن المرجح أن يظهر ذلك في البيانات المنتظر نشرها يوم الثلاثاء المقبل ففي الأشهر الثلاثة الأولى من العام تعافي الاقتصاد البريطاني ليصل إلى مستواه قبل ركود 2008-2009. وحققت دول أخرى غنية عديدة هذا الإنجاز منذ وقت طويل.
لكن اقتصاد بريطانيا يحتاج إلى زيادة معدل إنتاجيته حتى يستمر التعافي على المسار الصحيح.
وسجلت بريطانيا أسوا أداء للإنتاجية بين دول مجموعة السبع منذ عام 2008 مع تمسك الشركات بالعمالة ترقبا لتعافي الطلب يوما ما. وسيساهم التعافي في تحقيق أرباح إضافية وهو ما تحتاجه الشركات لدفع أجور أكثر ارتفاعا وحتى يقف الاقتصاد على أقدام قوية.
ولكن لا يزال من غير الواضح إلى متى تستطيع بريطانيا المضي قدما في النمو بالوتيرة الحالية دون إذكاء ضغوط تضخمية قد تدفع بنك انجلترا المركزي إلى رفع أسعار الفائدة في وقت قريب وربما بمعدل أعلى عما أشار إليه.
وأبدى البنك حذره من تعافي الإنتاجية الذي طال انتظاره حيث يتوقع نمو هذا التعافي بوتيرة بطيئة على مدى السنوات الثلاث القادمة. ويظهر الارتفاع مؤخرا في معدلات التوظيف وبشكل أعلى من النمو في الاقتصاد بأكمله مدى سرعة تقلص الفرص في سوق العمل.
وبلغ معدل التضخم أدنى مستوياته في أربع سنوات لكن أسعار المنازل ارتفعت نحو عشرة في المئة مقارنة مع العام الماضي. وهذا سيختبر نوايا البنك المركزي في استخدام أدوات جديدة للسيطرة على سوق الإسكان بدون اللجوء إلى رفع الفائدة.
وحذر صندوق النقد الدولي هذا الشهر من أن تعافي بريطانيا لا يزال يعتمد بشكل كبير على إنفاق المستهلكين وأشار إلى مخاطر من ارتفاع اسعار المنازل في البلاد.
وتواجه شركات عديدة صعوبات في إيجاد أيدي عاملة. وبلغت صعوبات التوظيف في الشركات الصناعية مستويات قياسية مرتفعة في أواخر 2013 قبل أن تتراجع بحسب ما قالته غرفة التجارة البريطانية.
وبالنسبة لآخرين فإن هناك مؤشرات على أن الأمور ستمضي بسلاسة.
فالصادرات ترتفع مدعومة بانحسار أزمة ديون أوروبا. أما إنفاق المستهلكين فينمو بوتيرة أقل مقارنة مع ما قبل الأزمة رغم أنه لا يزال المحرك الرئيسي للانتعاش وهو ما أذكى مخاوف من تعاف غير مستدام.
والدخول على وشك تجاوز معدل التضخم بعد ست سنوات من انخفاض مستويات المعيشة لكن من المستبعد ارتفاع الرواتب نظرا لأن كثيرا من الناس لا يزالون بدون عمل أو يعملون لساعات قليلة.
ويمكن أن يأتي دعم آخر من تعافي البنوك البريطانية التي تتوقع إعطاء الأولوية في الإقراض مجددا للشركات الأكثر ربحية عن تلك التي تواجه صعوبات وهو ما يعزز الإنتاجية.
ولعل الأمر الأكثر أهمية يتمثل في أن الشركات بدأت تزيد استثماراتها لتعزيز كفاءة أنشطتها. ويأمل بعض الخبراء الاقتصاديين في ارتفاع مستوى الإنتاجية بوتيرة أسرع مع تعافي الطلب.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-4ue