لطالما بقيت سوق الأسهم السعودية، وهي الأكبر في العالم العربي والأكثر سيولة، محمية من الأجانب وبعيدة عن متناول أي شخص خارج منطقة الخليج. ولم يكن أمام المجموعات في الخارج من سبيل إليها سوى الدخول في مشاريع مشتركة مع تجار محليين
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “الاقتصادية” السعودية اليوم فإن هذا التغيير قد يكون على وشك التنفيذ. فبعد السماح بالدخول بشكل غير مباشر من خلال المقايضات في آب (أغسطس) 2008، يتوقع أن تسمح هيئة السوق المالية السعودية لكبار مديري الأصول العالميين بالاستثمار مباشرة في السوق التي تبلغ قيمتها 340 مليار دولار، في وقت ما هذا العام.
ويقول رئيس أسهم الشرق الأوسط في كريدي سويس وفيق نصولي: ”يريدون فعل هذا عاجلاً وليس آجلاً. الصناعة المالية المحلية والدولية تعمل مع السلطات لإيجاد أفضل حل”.
ولا يزال بعض المصرفيين متشككين، ولهم أسبابهم في ذلك. فقد تمت الإشادة بكثير من الإصلاحات الموعودة، لكنها لم تظهر بعد، مثل قانون الرهن العقاري الذي طال انتظاره. وتعثر القانون بسبب تقاليد اجتماعية مناهضة للحجز على الممتلكات.
ويشير آخرون إلى أنه حتى حين تحظى الإصلاحات بالدعم السياسي، فإن تنفيذها غالبا ما يستغرق وقتا أطول مما يتوقع كثيرون. ويقول بول غامبل، رئيس قسم الأبحاث في جدوى للاستثمار، وهي شركة محلية لإدارة الأصول: ”هناك تغيير يجري، لكن علىَّ أن أكون حذراً في القول متى يتم”.
وعلى عكس كثير من الإصلاحات الأخرى، فإن تحرير الدخول الدولي إلى سوق الأسهم يعتبر على نطاق واسع أمراً إيجابياً.
وكان انهيار سوق الأسهم عام 2006 هو ما دفع إلى إعادة النظر في قواعد الدخول الصارمة إلى السوق السعودية. فقد تبخر نحو 500 مليار دولار من الرسملة السوقية، ما أثار غضب آلاف السعوديين العاديين الذين وضعوا مدخراتهم في تداول. وتم إلقاء اللوم على نطاق واسع في هذا الانهيار على التداول المبني على معلومات داخلية والتلاعب في السوق، وأصبح انعدام حماية المستثمر والتنظيم قضية كبيرة.
نتيجة لذلك، تم منح هيئة السوق المالية السعودية صلاحية كبيرة مباشرة من الملك عبد الله لإصلاح السوق. وبرزت منذ ذلك الحين باعتبارها أكثر هيئة تنظيم تحظى بالاحترام في الشرق الأوسط، بمعاقبتها علانية وبحماس ليس له مثيل في الخليج مستثمرين وشركات انتهكت قوانينها.
والسماح للمستثمرين العالميين بدخول السوق خطوة أخرى في استراتيجية لترويض سوق تداول التي غالبا ما تكون تقلباتها عنيفة. وتأمل السلطات أن ينهي المستثمرون الكبار المخضرمون هيمنة مستثمري التجزئة المحليين.
ويقول أحد مديري صناديق الأسواق الناشئة في بلاك روك سام فيشت: ”كانت هناك بعض حالات الصعود والهبوط الكبيرة في السنوات الأخيرة، لذلك يأملون أن يحقق المستثمرون المؤسسيون العالميون بعض الاستقرار”.
وتشمل الشركات المهمة في السعودية شركة البتروكيماويات العملاقة المملوكة للدولة ”سابك” وشركة منتجات الألبان الواعدة ”المراعي”. لكن من غير المرجح أن تؤدي أية زيادة لفرص الدخول الدولية إلى تدفق حاد مباشر لرأس المال الأجنبي.
ويتم تداول مؤشر تداول لجميع الأسهم بمعدل سعر/ربح في عام 2012 يبلغ 10.9 أضعاف، أي أعلى قليلا من مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، بينما تقل عائدات الأسهم المستقبلية بشكل طفيف.
وما يعيق السوق هو كونها ليست جزءا من مؤشرات MSCI للأسواق الحدودية، التي يقيس معظم مديري الصناديق الأداء مقابلها، بعد أن وقع خلاف بين تداول ومزود المؤشرات.
إلا أن ما يجذب مديري الصناديق هو إمكانات البورصة واتساعها وسيولتها. وعلى عكس أسواق الخليج الأخرى التي تهيمن عليها الشركات المالية والعقارية، تملك السعودية مجموعة من الشركات من عدة قطاعات. وبلغ متوسط أحجام التداول اليومي 1.1 مليار دولار العام الماضي، ما يجعلها أكثر سيولة بكثير من كثير من البورصات المماثلة.
وعلى الرغم من أدائها الباهت في الآونة الأخيرة – انخفض مؤشر تداول لجميع الأسهم 3% العام الماضي – إلا أن أحد الاستراتيجيين في الشرق الأوسط يقول إن السوق ربما تتحول إلى فقاعة على مدى العامين المقبلين، بسبب أسعار الفائدة الحقيقية السلبية، والإنفاق الحكومي الكبير، وزيادة المشاركة الأجنبية. ويقول نصولي: ”الوصول إلى النقد قد يغير قواعد اللعبة”.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-aB