استطاعت مجموعة من سيدات الأعمال الأردنيات أن تثبت مقدرة لافتة في عالم المشاريع الخاصة بعد أن دخلت المرأة الأردنية في كافة قطاعات العمل وعلى رأسها المشاريع الاقتصادية التي تحتاج لذكاء ومثابرة.
وكشفت بيانات للبنك الدولي عن تنامي دور النساء في عالم “البزنس” وذكرت أن 14% من المؤسسات العربية تملكها سيدات الأعمال، وللنساء في الأردن نصيب من هذه الحصة.
وإلى وقت قريب لم تكن الفرصة متاحة للمرأة الأردنية أن تثبت مقدرتها على إدارة المشاريع بسبب منظومة القيم التي لا تعترف بقدرة المرأة على إدارة المشاريع التجارية والنجاح إلى أن أثبتت مجموعة من السيدات مقدرة فائقة على النجاح والتميز.
المهندسة إلهام زيادات كانت واحدة من هؤلاء النسوة اللاتي قررن أن يتميزن بمشروع خاص إلى أن أصبحت مالكة ومديرة لإحدى أهم الشركات المختصة بإنتاج المواد التجميلية المستخرجة من أملاح البحر الميت.
واختارت زيادات، كما تقول، مشروعها مستفيدة من تخصص الهندسة الكيميائية الذي درسته وتفوقت به وبعد أن حازت على الخبرة الجيدة بعد عملها في عدة وظائف حكومية وهي سلطة المصادر الطبيعية ووزارة التموين ومؤسسة المواصفات والمقاييس.
واليوم تتبوأ زيادات صاحبة مركز ومديرة مؤسسة الهدية لأملاح البحر الميت التي أسستها عام 1993.
وتؤكد زيادات أنها فخورة اليوم بما حققته بعد أن أصبحت المؤسسة تنتج أكثر من 56 صنفا تصدرها حاليا لأكثر من 38 دولة بعد أن حصلت على جميع المتطلبات الرسمية والموافقات الخاصة في هذه الدول بالإضافة إلى مبيعات الإنترنت، إذ كانت من الأوائل في التجارة الالكترونية في الأردن.
وتشير إلى أن المحافظة على الجودة والخدمة العالية والتواصل مع العالم الخارجي عوامل كان لها أكبر الأثر بحصول منتجات المؤسسة على العديد من النجاحات، وأثبتت زيادات من خلال تميز مشروعها قدرة المرأة الأردنية على النجاح بعد أن حازت على جوائز مرموقة نالتها في عدة مناسبات تم تكريمها بها ومنها جائزة الإبداع الدولية للنساء لأول مرة في الشرق الأوسط من بريطانيا وكأس الأردن أولا، كما حصلت منتجاتها على الجائزة الأوروبية الذهبية للجودة بالإضافة إلى مشاركتها بالعديد من المؤتمرات والمعارض الدولية كمشاركة ومتحدثة.
ومن اللافت دخول المرأة إلى مجالات كانت حكرا على الرجال ومنها عالم سوق المال والعقار.
ومن الأمثلة التي أبدت تميزا في هذا المجال إيمان تركي (37 عاما) التي بدأت من وقت ليس بالقصير في مجال السمسرة على الأراضي والعقارات في الوقت التي جوبهت به بالرفض من قبل الرجال العاملين في هذا المجال وحتى الزبائن على حد تعبيرها.
وتبين إيمان أنها استطاعت التغلب على هذه النظرة بالإرادة والمثابرة ومن خلال إثبات قدرتها على الاستمرار برغم كل الصعوبات.
وبعد بلوغها مرحلة متقدمة من النجاح استطاعت أن تفتح مكتبها الخاص وتزاول عملها الذي حققت من ورائه ربحا ماديا ومعنويا انعكس على أسرتها.
من جانبه يوضح أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي أن المرأة الأردنية باتت تشارك في كافة مجالات التنمية “لا توجد هناك أي مهنة محظور عليها، إذ أصبحت طبيبة شرعية وكابتن طيران وسيدة أعمال وغيرها من المهن التي كانت حكرا على الرجال”.
وعن مشاركة المرأة في العملية الاقتصادية يقول الخزاعي إن هناك تطورا في النظرة تجاه قدرات المرأة تتعزز يوما بعد يوم من خلال إثباتها لإمكاناتها بخاصة في تجربة المشاريع الخاصة التي تبدأ صغيرة وتكبر لتحقق النجاح اللافت، مشيرا إلى أن 11% من النساء في الأردن يعلن أسرهن بمفردهن.
ويعتبر الخزاعي ان المرأة قادرة على إدارة المشاريع في أي مجال، مبينا أن كثيرا من النساء ينتظرن الفرصة المناسبة لإثبات قدراتهن الإبداعية في تأسيس مشروع والنجاح به، مع الإشارة إلى الجهود الحكومية والخاصة في إتاحة مثل هذه الفرصة أمام النساء من خلال منح القروض الصغيرة واقتراح أفكار مشاريع يحتاجها السوق.
ومع إثبات المرأة قدرتها على إدارة المشاريع في كافة المجالات مهما كانت شاقة وصعبة استطاعت بالمقابل أن تحقق نجاحا لافتا في المشاريع القريبة من طبيعتها الأنثوية الرقيقة مثل مجالات الديكور والجمال والأزياء وتصميم الحلي والأشغال اليدوية.
وفي هذا الإطار تقول لانا بشارات صاحبة ومديرة أول مؤسسة تعنى بتنظيم عروض الأزياء في الأردن “إن كل سيدة وفي المجال الذي تحبه تستطيع أن تبدع وتتميز بصرف النظر عن نوع هذا المجال وماهيته”.
وتلفت البشارات إلى الصعوبة التي كانت تواجه الفتاة الأردنية في إثبات قدرتها على التميز إلى أن استطاعت بعد مجهود كبير أن تحقق طموحها وتكسب التقدير والاحترام من كافة المحيطين بها، مشيرة الى أنها كانت أول فتاة أردنية تعرض الأزياء وبعد خبرتها في هذا المجال فكرت بتأسيس مشروعها الخاص الذي يختص بتنظيم عروض الأزياء.
وعن المردود المادي والمعنوي الذي حققته من مشروعها تقول البشارات “إن هذا المردود أمر هام لأي صاحب مشروع”، لكنها تؤكد في الوقت ذاته على البعد الوطني من مشروعها والذي يتمثل في إثبات قدرة الفتاة الأردنية على إثبات نفسها في عالم الموضة والأزياء سواء على صعيد التصميم أو العرض أو التنظيم.
وتلفت إلى العروض التي قدمتها في كثير من العواصم العالمية برفقة مصصمات أردنيات أصبح لهن اسمهن المميز في هذا المجال، إذ تم تسويق التراث الأردني وأسماء مصصمات برعن في هذا الجانب.
ويأتي رأي مي الترك والتي تملك مركزا حديثا للتجميل متفقا مع رأي البشارات، مشيرة إلى مقدرة المرأة على الإبداع والتميز حتى لو لم تكن حازت علما عاليا “أحيانا تكفي الموهبة والإصرار على النجاح وقد وجدنا جداتنا على مدى الأزمان برعن في مجالات الخياطة والتطريز والأشغال اليدوية وأعلن أسرهن من خلال هذا العمل”.
وتقول الترك إنها مؤمنة بشدة بقدرات المرأة “هناك طاقات عظيمة مخبأة في البيوت وتحتاج فقط لفرصة لإخراج هذه الطاقات واستثمارها”.
وتعتبر الترك المرأة أقدر من الرجال في نواحٍ معينة وتورد مثالا على ذلك بمتابعة المرأة لتفاصيل العمل وهذا أمر لا يجيده كثير من الرجال.
وتدعو السيدات اللواتي يجدن في أنفسهن أي موهبة أن ينمينها مهما كانت بسيطة، مع تأكيدها على ضرورة أن يكون لكل سيدة طموحة هدف تسعى للوصول إليه مهما كلفها ذلك من جهد وتعب.