اذا كانت التسعينات هي عقد انتشار الانترنت فإن العشر سنوات الاولى من القرن الواحد والعشرين هي عقد انتشار الهاتف المتنقل. وسيؤدي التقارب الواضح والتكامل بين تكنولوجيا المعلومات والهواتف المتنقلة الى تغيير طريقة ممارستنا لعملنا واسلوبنا في شراء البضائع وطرق اتصالنا بعضنا ببعض وظهور تطبيقات جديدة اخرى عديدة ومتنوعة لحياة اسهل.
ولن يقتصر استعمال اجهزة الهاتف النقالة للاتصال الصوتي بل سيشمل الدخول الى بوابات المعلومات Portals واتمام عمليات التجارة الالكترونية والتحكم عن بعد في الكثير من اعمالنا اليومية وليس من الصعب تفهم تعلق الناس بأجهزة الهاتف النقالة واعجابهم بها، حيث انها تلازم الشخص بنسبة 80% من وقته ويحملها معه اينما ذهب. وقد ارتفع عدد حاملي الاجهزة بشكل مذهل خلال العقد الماضي، في حين لم يزد عدد مقتنيها عن 11 مليون شخص في العالم خلال 1990 وصل معدل انتشارها اليوم الى ما يزيد عن 400 مليون مقارنة مع 180 مليون شخص يمتلكون جهاز كومبيوتر شخصيا، ويتوقع ان يصل عدد الهواتف النقالة الى مليار جهاز عام 2004 اي انه سوف يفوق عدد خطوط الهواتف الثابتة مع حلول ذلك العام.
ولقد وصلت نسبة انتشار الهواتف النقالة الى حوالي 50% من اجمالي السكان في اوروبا و30% في اميركا و75% في بلد صغير مثل فنلندا. اما في الدول العربية فما زالت هذه النسبة0لا تتعدى 3% بالمنطقة ككل.
اما عدد المشتركين في خدمة الهواتف النقالة في دول العالم العربي فيقدر بحوالي 5.و5 مليون شخص عام82000. ومن المنتظر ان يقفز هذا العدد بشكل كبير في عام 2004 ليصل الى ما يزيد عن 25 مليون شخص. ومن حيث قيمة المعدات التي تطلبها قطاع
الهاتف النقال في العام الماضي فقد بلغت اربعة مليارات دولار بزيادة سنوية نسبتها 25%.
ولعل النمو الهائل في اسواق الهواتف النقالة في دول المنطقة مثل ما سجل في سوق
الاردن، حيث ارتفع عدد المشتركين (من 100 الف جهاز الى 350 الف جهاز خلال
عام واحد) ومصر (من 185 الفا الى مليونين خلال عامين) اضافة الى ادخال الهاتف
النقال الجديد الى كل من سورية والجزائر واليمن، سياسة الخصخصة التي تتبعها كل من
المغرب وعمان والسعودية ومصر، كلها دلائل تبرهن على صحة التوقعات التي تشير
الى سرعة انتشار الهواتف النقالة في المنطقة بشكل مثير. وبجانب النمو المدهش هناك
تنام في الطلب على الخدمات الجديدة للزبائن والتي ما زالت في مراحل تطورها الاولى.
ونظرا لأن الاسواق في الدول العربية، باستثناء عدد قليل منها، هي صغيرة الحجم فإن
افضل طريقة لتقديم خدمة الاتصال بتكلفة اقتصادية والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة
هو توفير هذه الخدمة على مستوى المنطقة ككل. وبالطبع فإن امرا كهذا يسهل تحقيقه
للميزة التي تتمتع بها هذه البلدان وهي اللغة المشتركة التي يتحدث بها حوالي 275 مليون شخص.
ومع ان اجهزة الهواتف النقالة لن تحل بشكل كلي محل اجهزة الحاسوب الشخصي للدخول الى الانترنت فسيكون هنالك اهتمام كبير بالخدمات التي تستفيد من ما يميز الهاتف النقال وبالذات كونه يستخدم بشكل شخصي جدا ولأنه يوجد باستمرار في يد
العميل اينما كان وفي الاوقات كافة.
وتعتقد شركة استشارات في حقل التكنولوجيا «فورستير سيرتش» ان الجيل الجديد من
الهواتف النقالة الذي يضيف الى الخدمة الصوتية خدمة نقل البيانات والمعلومات
المطبوعة، سيسود بشكل كبير خلال السنوات القليلة المقبلة، ولا يتوقع ان تستعمل
الهواتف النقالة لتتصفح مواقع الانترنت بحثا عن تطبيقات مرئية او اعلامية مإصلة او
لابرام صفقات تحتاج الى كثير من البحث كشراء الكتب او اجهزة الحاسوب الشخصي،
وذلك لأن(كل هذه الامور تستغرق وقتا طويلا وقد تكون مكلفة للمستهلك.
ويتوقع لشركات الهواتف النقالة ان تضيف الى خدمة الاتصال الصوتي العديد من
الخدمات المتوفرة عبر الانترنت اضافة الى المعلومات والتسلية. فقد يرغب مستخدمو
الهواتف النقالة على سبيل المثال في حجز تذكرة للذهاب للسينما او البحث عن اقرب
مطعم او عن محطة وقود مفتوحة او ارسال رسالة او اغنية الى صديق او حتى قراءة
ابراج الحظ او تسلم بيان منبه عن التغييرات في اسواق الاسهم والعملات او ارسال
وتسلم رسائل البريد الالكتروني. كذلك ستساعد التقنية الحديثة مستخدمي الهواتف النقالة
على ممارسة الالعاب الالكترونية مع منافسين غير معروفين او الحصول على بعض
الخدمات المصرفية او برمجة الغسالة للعمل في وقت محدد او تشغيل التكييف في السيارة
قبل قيادتها بدقائق معدودة او القيام بإبرام صفقات اخرى، وبهذا يصبح الهاتف المتنقل
اداة التحكم عن بعد للكثير من اعمالنا اليومية وخير وسيلة لحياة اسهل.
اما احد اهم التطورات الرئيسية التي حدثت في تكنولوجيا الهواتف النقالة خلال العامين
الماضيين، فكان بروتوكل التطبيقات اللاسلكية او ما يسمى بالواب Wap وهو النظام
العالمي القياسي لربط الانترنت بالشاشة الصغيرة الموجودة على الهاتف النقال، غير ان
مثل هذه الهواتف تعمل بشكل بطيء جدا وتفتقر الى القدرة على تقديم الاشكال والصور
اذ يقتصر الاتصال المرئي على الاحرف والارقام.
ويضطر مستخدم هذا النظام الى ربط الهاتف بالانترنت في كل مرة يطلب فيها معلومات جديدة، كما ان سرعة الاتصال بالشبكة العالمية ما زالت بطيئة وهي مشاكل شبيهة بتلك التي واجهت الانترنت عندما ادخلت الى السوق عام 1994.
ومع هذا فمن المنتظر ان تؤدي التكنولوجيا الى ازالة الكثير من هذه المشاكل، فالتقنيةالاولى (والمعروفة بالجيل الاول G1) مكنت الناس من الاتصال الصوتي عبر الهواتف النقالة. اما التكنولوجيا الرقمية المعاصرة (الجيل الثاني G2) فقد ساعدت على تحسين
استقبال الصوت ووفرت سلسلة خدمات اخرى منها ارسال الرسائل القصيرة والمكتوبه SMS اضافة الى ابرام صفقات تجارية. في حين ان الجيل الثالث من الهواتف الرقمية G3 والمنتظر اطلاقه في اسواق الدول العربية بحلول عام 2004 سيساعد مستخدمي
هذه الاجهزة من الدخول الى الانترنت بسرعة كبيرة ويوفر تقديم خدمة بث الصور والمعلومات المطبوعة على شاشة الهاتف النقال.
وتقدر تكلفة تدشين خدمة (الجيل الثالث G3) في اوروبا وحدها بحوالي 350 مليار
دولار شاملة تكلفة الحصول على ترخيص وانشاء شبكات الاتصال المطلوبة فالجيل
الثالث من الهواتف النقالة يجمع بين اسرع تقنيتين متطورتين في العالم هما الهواتف النقالة (بوجود حوالي مليار مشترك مع قدوم عام 2004) والانترنت (بوجود اكثر من 500 مليون مستخدم في ذلك العام).
وستمكن التقنية التي يعتمد عليها الجيل الثالث من هذه الهواتف شركات الاتصالات من
جني عوائد جمة من الاعلانات ومن مشاركتها في دخل الشركات التي تقدم خدماتها على
شبكتها، اذ انها سوف تصبح الوسيلة الرئيسية لاستخدام الانترنت والتجارة الالكترونية
والخدمات المصرفية وغيرها. والذي يميز شركات الهواتف النقالة عن شركات
الاتصالات للهواتف الثابتة، ان هذه الأخيرة مضطرة بسب القوانين لتقديم خدماتها
لأطراف ثالثة مثل شركات تزويد خدمة الاتصال بالانترنت ISP وشركات الهواتف
النقالة العاملة في البلاد كاف