مجلة مال واعمال

سوق «ديرة».. الحياة تبدأ قبل الشروق

-

4

«سوق السمك» يستيقظ قبل ذك كله، السمك قبل البهار والحمام والملح. عشاقه يسعون إليه باكراً، طازجاً وغنياً بفائدة البحر وخيره، لا يمكن التأخر في «حصد» محصول السمك، عن موعد شروق الشمس.

السمك هو شمس البحر وأقماره، يقول العجوز الذي يجلس على «دكته» الخشبية، كما اعتاد أن يفعل طوال الخمسين سنة. يبدو في مزاج رائق هذا الصباح، وابتسامته ندية مثل عباءته البيضاء، التي تضفي على شيخوخته طمأنينة وسلاماً. الحاج عبيد من الإمارات، يعرفه الصيادون جيداً، وهو من الملاك في هذا المكان، الذي يصرف فيه وقتاً أكثر من أي مكان آخر في حياته.

مباركة السماء

تشرق الشمس على سوق السمك في الديرة، لا لكي تعلن بدء دوران عجلة العمل والنشاط، فهذه تبدأ قبل الشروق، ولكن لكي ترمي أشعتها الذهبية على كل شيء، فتبدو كأنها تبارك الإنسان على غذائه، والسمك على انتهاء رحلته، وتحوله إلى طاقة للبشر المكرمين وعلى ابتسامة العمال والزائرين، الذين يتحدثون بكل اللغات ويتلونون بكل الألوان: «مثل السمك نحن من كل صنف ولون، من كل بلد وثقافة، نسبح في بحر دبي».

تتصاعد من زاوية أصوات صياح وضحك، الهدف منها جذب انتباه الكاميرا. عمال يمازحون بعضهم البعض. يقلدون وقفات ووضعيات النجوم وعارضي الأزياء في جلسات التصوير الشهيرة، وإن، هذه المرة ليس هناك ورود أو حقائب فاخرة في أيديهم، بل سمك. يعلق أحدهم يده على فوق الجدار المغطى ببورسلين أبيض نظيف بدرجة كبيرة، فلا تخال أنك في سوق سمك، بل حوض سباحة.

بينما يترك الأخرى مرتخية، وينظر إلى الكاميرا في وضعية مائلة مع ابتسامة عريضة.بعيداً، في قسم البحريات والأسماك المجففة والمملحة، تدور المراوح بوتيرة هادئة ومستمرة فوق رفوف وضعت فوقها آلاف الأسماك الجاهزة للأكل لمحبي هذا النوع. وحدها القطة لا تقترب من هذا المكان، إذ إن طعم الملح ربما لا يروق لها. تتثاءب مرة جديدة وتعدو بعيداً.

ستعود غداً صباحاً، عند الخامسة والنصف، تحلم بوجبة مبكرة، في سوق مبكر لمدينة تحتضن كل العروضات والألوان والبسمات بفرح وتسامح.. مدينة كأنها بحر يعوم فيه الجميع بفرح، على السطح وفي العمق، بحر دبي!… اكمل قراءاة الحكايات على الموقع الإلكتروني.

عبيد من الإمارات: على مقعدي منذ 50 سنة أراقب الجميع يحلمون بالسمك.

محمد من باكستان: هنا منذ صغري، كنت في إجازة وأتيت لأساعد أبي في بيع السمك.