أكد ربيع عطايا المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيت.كوم، أن سوق العمل في الإمارات يتميز بالتنافسية والإنتاجية العالية، وأوضح في حوار مع «البيان الاقتصادي» أن ذلك يأتي في ظل اهتمام الدولة بتحسين مستوى معيشة الأشخاص وتزويدهم بأفضل الخدمات.
وأشار إلى أنه وعلى الرغم من تأثر دول المنطقة بانخفاض أسعار النفط، يشهد سوق العمل في الإمارات العديد من التطوّرات الإيجابية، وخاصة مع اقتراب إكسبو 2020، لافتاً إلى أن الدولة تواصل جذب الكفاءات من مختلف أنحاء العالم لأسباب عدة، منها الأمن والاستقرار.
وأوضح عطايا أهمية تسهيل المهمة على الشركات الجديدة لتأسيس أعمالها وتطويرها باعتبارها الوسيلة الأفضل لمواجهة متطلبات التوظيف، حيث يجب على دول المنطقة العربية خلق أكثر من 100 مليون وظيفة خلال السنوات العشر المقبلة.
ما أبرز المتغيّرات الرئيسية التي يشهدها سوق العمل في دولة الإمارات خصوصاً، ودول مجلس التعاون الخليجي وسائر الدول العربية عموماً؟
لم تكن هذه السنة سهلة بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي خاصة مع انخفاض أسعار النفط، ولكن على الرغم من ذلك، يشهد سوق العمل في دولة الإمارات العديد من التطوّرات الإيجابية، وخاصة مع اقتراب إكسبو 2020، فوفقاً لمعالي ريم إبراهيم الهاشمي، مدير عام مكتب إكسبو 2020 دبي، سيسهم استضافة معرض «إكسبو» بزيادة الناتج المحلي الإجمالي لدبي بما يقرب 141 مليار درهم (38,3 مليار دولار)، إلى جانب توفير 277 ألف فرصة عمل خلال السنوات السبع المقبلة، الأمر الذي سيترك تأثيراً إيجابياً على اقتصاد الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، كونها تشكل حوالي 95% من إجمالي الشركات المسجلة في دولة الإمارات.
ويستمر سوق العمل في الإمارات بجذب الكفاءات من مختلف أنحاء العالم لأسباب عدة، منها الأمن والاستقرار، وبحسب مؤشر فرص العمل في الشرق الأوسط من بيت.كوم، الصادر في فبراير 2016، صرّح 73% من المجيبين في الإمارات بأن شركاتهم ستقوم بالتوظيف خلال هذا العام، وأشار 51% منهم إلى أن دولة الإمارات تُعتبر سوق عمل أكثر جاذبية مقارنة بالبلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن جهته، بيّن مؤشر بيت.كوم لثقة المستهلك في الشرق الأوسط، الصادر في مارس 2016، أن حوالي نصف المجيبين (48%) في الإمارات يتوقعون تحسّن اقتصاد بلدهم خلال الأشهر الستة المقبلة، كما يعتقد حوالي 20% منهم أنه يوجد الكثير من الوظائف المتاحة في الدولة في مختلف المجالات المهنية.
تنويع الاستثمارات
كيف يؤثر انخفاض أسعار النفط وتراجع الإنفاق الحكومي على سوق العمل في المنطقة؟
سيؤدي ذلك بلا شك إلى تنويع الاستثمارات، فقد شهدنا مع اقتراب إكسبو 2020، لجوء الحكومات إلى التنويع في توزيع الاستثمارات على المجالات التي تشهد نمواً وتطوراً. وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط، لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي على رأس قائمة الدول الأكثر جاذبية للعيش والعمل على مستوى المنطقة. فقد أظهر مؤشر ثقة المستهلك من بيت.كوم (مارس 2016) أن حوالي ثلث المجيبين (31%) في دول مجلس التعاون الخليجي قالوا إن ظروف العمل الحالية هي «جيدة بشكل عام». كما صرّح 51% من المجيبين في دول الخليج بأن أوضاع العمل ستشهد تحسناً خلال عام من الآن.
ما أبرز مميزات وملامح سوق العمل في دولة الإمارات بالنسبة للعاملين من جانب، وأصحاب العمل من جانب آخر؟
يعد سوق العمل في الإمارات متميزاً للغاية بالنسبة لكل من المهنيين وأصحاب العمل، حيث إن سوق العمل متطوّر جداً لعدة أسباب منها اتساع السوق، وتوفر مجموعة متنوعة من مجالات العمل وأنواع مختلفة من الشركات العاملة في الدولة، بالإضافة إلى إمكانية تنقّل الموظفين.
أما من وجهة نظر الشركات، فالأمر الذي يجعل من الإمارات سوق عمل متميزاً هو سهولة تأسيس الشركات واستمرارية عملها، وإمكانية البحث عن أفضل الكفاءات الذين يسعون للانتقال إلى دولة الإمارات من كافة أنحاء العالم، بالإضافة إلى سهولة التنقّل والسفر، جميع هذه العوامل تجعل دولة الإمارات من أفضل أسواق العمل في العالم.
عوامل أساسية
كيف تقيّمون جاذبية دبي والإمارات كوجهة للعمل للأفراد من مختلف الجنسيات؟
احتلت أبوظبي ودبي المركزين الأول والثاني على التوالي ضمن قائمة أفضل المدن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعيش والعمل ضمن الاستبيان الصادر عن بيت.كوم في أكتوبر 2015، تحت عنوان «أفضل المدن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، حيث عبّر أكثر من 73% من سكان أبوظبي ودبي عن سعادتهم للعيش في المدينتين.
لقد برزت دولة الإمارات كإحدى أفضل الدول على مستوى المنطقة من حيث تقديم مستويات معيشة متميزة في ثلاث مدن هي دبي وأبوظبي والشارقة. وبحسب أغلب المجيبين في الدراسة، فإن دبي وأبوظبي متميزتان عندما يتعلق الأمر بالعوامل الأساسية التي تؤثر على مستوى المعيشة في أي مدينة، ومنها الشعور بالاستقرار والأمن (جيد إلى ممتاز: ما يفوق 75%)، وتوفر منشآت الرعاية الصحية (جيد إلى ممتاز: ما يفوق 77%)، وأنظمة المياه والكهرباء والصرف الصحي (جيد إلى ممتاز: ما يفوق 89%) وجودة التعليم (جيد إلى ممتاز: ما يفوق 66%).
هل ترون أن مخرجات التعليم العالي في المنطقة تلبي متطلبات سوق العمل؟ كيف يمكن إصلاح هذه الفجوة؟
تواجه الشركات في دول منطقة الشرق الأوسط، ومنها الإمارات تحدياً واضحاً عند البحث عن المرشحين المناسبين، وتبرز هذه الصعوبة بشكل خاص عند البحث عن موظفين لشغل المناصب العليا وفقاً لدراسة «فجوة المهارات في الشرق الأوسط» الصادرة عن بيت.كوم، والتي سلطت الضوء على مشكلة فجوة المهارات في المنطقة وإيجاد حلول للحد من تفاقم هذه المشكلة والسيطرة عليها، ولقد أشار 70% من المجيبين في الدراسة إلى أنهم يجدون البحث عن المرشحين المناسبين للمناصب العليا عملية صعبة للغاية.
وعندما سُئِل المجيبون عن أفضل الحلول لمعالجة مشكلة فجوة المهارات في المنطقة، قال 42% منهم إنه يجب على الشركات توفير فرص التدريب الكافية لموظفيها، في حين صرح 40% منهم بأنه يجب على الشركات والمؤسسات التعليمية والحكومات العمل معاً لتلبية احتياجات التوظيف المستقبلية للمنطقة.
كيف يمكن قياس إنتاجية الفرد في سوق العمل في الإمارات مقارنة بدول المنطقة من جانب، والدول المتقدمة من جانب آخر، وكيف يمكن تطويرها؟
تمنح الكثير من الشركات العالمية الأفضلية للأشخاص الذين يمتلكون خبرة بالعمل في دولة الإمارات، فهذه الدولة تضم مجموعة كبيرة من الموظفين المؤهلين ذوي الأداء المتميز، ويشير ذلك إلى أن سوق العمل في الإمارات هو سوق تنافسي وكثير المطالب ويتميّز بإنتاجية عالية، ويعود سبب ذلك إلى اهتمام دولة الإمارات بتحسين مستوى معيشة الأشخاص وتزويدهم بأفضل الخدمات، فهي تبدي اهتماماً كبيراً برفاهية الأشخاص وصحتهم وتعليمهم وأمنهم وسعادتهم، ويجب على كافة أصحاب العمل القيام بالأمر عينه.
أصبح يتعين على كافة المؤسسات اليوم إبداء المزيد من الاهتمام برفاهية الموظفين وسعادتهم، بهدف زيادة حبهم لعملهم، وهو بدوره ما سيزيد إنتاجيتهم لا محالة، فالشعور بالشغف تجاه العمل له تأثير كبير على كل من الموظف وصاحب العمل، فالموظف الذي يشعر بالسعادة والشغف أثناء أداء عمله يميل إلى أن يكون أكثر ولاءً لشركته وأكثر إنتاجية ونشاطاً في العمل، وتستفيد الشركات أيضاً من هذا الشغف محققة بذلك أهدافها في مجال زيادة إنتاجية الموظفين. ويمكن للشركات اليوم تعزيز شغف موظفيها من خلال تقدير إنجازاتهم ومكافأتهم عليها، وإنشاء ثقافة عمل تتمحور حول الموظف.
تحديات إقليمية
كيف يمكن معالجة أزمة «هجرة العقول» التي تفاقمت إثر الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية؟
في الواقع، أظهرت الدراسات أن نسبة بطالة الشباب في المنطقة العربية هي الأعلى عالمياً وحتى تبقى هذه النسبة على معدلها الحالي فقط، وهو معدل غير مقبول طبعاً، يجب خلق أكثر من 100 مليون وظيفة خلال السنوات العشر المقبلة، الأمر الذي يشكّل تحدياً هائلاً يصعب تحقيقه بالنسبة للحكومات والشركات في شتى أنحاء العالم العربي. وأفضل طريقة لخلق 100 مليون وظيفة هي تسهيل المهمة على الشركات الجديدة لتأسيس أعمالها وتطويرها. وتقع هذه المسؤولية على عاتق كل من الحكومات والمؤسسات والقطاع الخاص.
تطوير المهارات ومواكبة التقنية حاجات ماسّة
أصبحت الوظائف التقليدية أمراً من الماضي، إذ يتعين اليوم على أي شخص يسعى للاحتفاظ بوظيفته السعي لاكتساب مهارات جديدة وتعلّم أموراً جديدة باستمرار، في الواقع ظهرت اليوم العديد من المسميات الوظيفية والتي لم تكن متواجدة في السوق قبل خمس سنوات، ولا يجب على المهنيين الاكتفاء باكتساب مهارات جديدة فحسب، إذ يتعين عليهم أيضاً مواصلة تطوير هذه المهارات وصقلها كي يتمكنوا من مواكبة أحدث التطوّرات التقنية، ومن ثم السعي لتسويق هذه المهارات على شبكة الإنترنت لجذب انتباه أهم أصحاب العمل في المنطقة، بحسب ربيع عطايا الذي أضاف: «يتعيّن على الباحث عن عمل اليوم إنشاء صفحته العامة على الإنترنت لجذب الشركات التي تبحث عن موظفين.
وبادرنا في بيت.كوم بمواكبة هذا التوجه الجديد في التوظيف، فموقعنا يوفر للباحثين عن عمل الفرصة لإنشاء صفحات مهنية خاصة بهم مجاناً على الموقع، وذلك باستخدام منصة «أشخاص بيت.كوم» (Bayt.com People)، فقد لاحظ بيت.كوم حاجة الشركات إلى استكشاف أمور تفوق أهمية السيرة الذاتية وتسمح لهم بالتعرّف بشكل أفضل إلى شخصية المرشح وتحديد مدى تناسبه مع متطلبات الوظيفة وثقافة الشركة، وذلك هو الهدف الأساسي لمنصة «تخصصات بيت.كوم»، وهي منصة اجتماعية تفاعلية تساعد المتخصصين من كافة المستويات المهنية والقطاعات، على تسليط الضوء على مهاراتهم ومواهبهم وعرضها بشكل مبتكر ليراها أهم أصحاب العمل في المنطقة».
الرضا الوظيفي
وأشار عطايا إلى أن قسم الموارد البشرية يؤثر بشكل كبير في أداء الموظفين ورضاهم الوظيفي ومستوى التزامهم وولائهم تجاه الشركة، حيث إن سلوك الموظف يرتبط بشكل كبير بالسياسات والإجراءات والأهداف التي يحددها قسم الموارد البشرية.
توطين
يبدو أن سياسات التوطين في دول مجلس التعاون الخليجي فعّالة، وذلك حسب ما أشار إليه 58% من المجيبين في الاستبيان الذي نشره بيت.كوم تحت عنوان «التوطين في دول مجلس التعاون الخليجي». وتتصدر قضية التوطين مبادرات التوظيف في دول مجلس التعاون الخليجي حالياً، مع التركيز على الدور المحوري للقطاع الخاص في هذا المجال.
دور حاسم للمهارات الشخصية في التوظيف
لم يعد أصحاب العمل اليوم يحصرون تركيزهم على المهارات التقنية التي يتمتع بها المرشح للوظيفة، إذ أصبحت المهارات الأساسية، أي تلك المرتبطة بشخصية المرشح وصفاته العامة، كقدرته على العمل تحت الضغط والتواصل مع الآخرين، اليوم تلعب دوراً مهماً عند توظيف المرشحين، وبخاصة للمناصب التنفيذية العليا، فكما أن المهارات التقنية ضرورية لضمان إنجاز الموظف لمهامه بفعالية، فإن المهارات الأساسية مهمة أيضاً للتأكد من أن الشركة تنمو وتتطوّر وتبتكر باستمرار وفقاً لعطايا.
وقد أشارت نتائج الاستبيان الذي نشره بيت.كوم في مايو 2016، تحت عنوان «فجوة المهارات في الشرق الأوسط»، إلى أن أصحاب العمل في المنطقة يواجهون صعوبة كبيرة في العثور على مرشحين يتمتعون بالمهارات الأساسية التي تتناسب مع احتياجات شركاتهم.
فقد كشفت الدراسة عن أن أبرز المهارات الأساسية التي يبحث عنها أصحاب العمل في المرشحين اليوم هي التعاون والعمل ضمن فريق (88%)، والكفاءة والفعالية في العمل (87%)، ومهارات التواصل (85%)، والشخصية والسلوك (85%)، والمهارات القيادية (84%)، هذا بالإضافة إلى القدرة على العمل تحت الضغط (84%) والمهارات التنظيمية والتخطيطية (84%).
وأشار عطايا إلى أن «بيت.كوم» يساهم في الحد من مشكلة البطالة و«هجرة العقول» في المنطقة من خلال خلق أكبر عدد ممكن من الوظائف الجديدة كل يوم، هذا بالإضافة إلى تشجيع قطاع ريادة الأعمال للشباب. وفي ما يتعلق بريادة الأعمال، يسعى بيت.كوم لدعم جهود روّاد الأعمال في المنطقة من خلال تزويدهم بمجموعة أدوات تم تطويرها خصيصاً لهذه الغاية. ومن هذه الأدوات نذكر نماذج التوظيف والوصف الوظيفي المجانية من بيت.كوم؛ وفرصة الإعلان عن الوظائف مجاناً، أو ما يعرف بـ “الإعلانات عن الوظائف المبسّطة” وغيرها.
تحقيق التنمية المستدامة يتطلب كفاءات وطنية ماهرة
يقول ربيع عطايا المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيت.كوم: إن جميع المؤسسات في الإمارات أدركت أن سوق العمل في الدولة بحاجة بشكل رئيسي إلى كفاءات وطنية ماهرة تحقق التنمية المستدامة والمعتمدة على الذات.
وأضاف: لقد شهدنا في الآونة الأخيرة، مثلاً، تزايد اهتمام الدولة بمعارض التوظيف للمواهب الوطنية، مثل معرض «الإمارات للوظائف» (Careers UAE) السنوي، إذ تسعى الإمارات من خلال هذه المعارض إلى سد الفجوة الموجودة في المهارات في الدولة، وذلك من خلال استغلال هذه المعارض لتحضير الطلاب والخريجين لدخول سوق العمل، وتزويدهم بالمهارات التي يحتاجونها للنمو وبناء مسيرة مهنية ناجحة.