spot_imgspot_imgspot_imgspot_img
الرئيسيةرواد أعمال-الشخصياتعقاراتسوق العقارات في الأردن: أزمة متفاقمة تتطلب حلولاً جذرية

سوق العقارات في الأردن: أزمة متفاقمة تتطلب حلولاً جذرية

مجلة مال واعمال – خاص

يشهد سوق العقارات في الأردن في الآونة الأخيرة حالة من التراجع الملحوظ، حيث سجلت البيانات الرسمية انخفاضًا في حجم التداول العقاري بنسبة 4.5% مع نهاية أغسطس 2024 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ليصل إلى حوالي 4.447 مليار دينار أردني. هذا التدهور يُلقي بظلاله على واحدة من أهم القطاعات الاقتصادية في المملكة، مما يثير تساؤلات حول أسبابه وتأثيراته المستقبلية.

الأسباب الرئيسية للتدهور

ارتفاع تكاليف البناء:
سجلت أسعار مواد البناء، وعلى رأسها الحديد والإسمنت، زيادات كبيرة خلال العام الماضي. على سبيل المثال، بلغ سعر حديد التسليح في أكتوبر 2024 حوالي 540 دينارًا للطن، مقارنة بـ520 دينارًا في العام السابق. هذه الزيادات أثقلت كاهل المطورين العقاريين ورفعت تكلفة المشاريع.

العبء الضريبي المرتفع:
تُشكل الضرائب والرسوم الحكومية ما يقارب 40% من أسعار الشقق، وفقًا لتصريحات خبراء العقارات. ويشمل ذلك ضريبة المبيعات ورسوم التسجيل، مما يجعل شراء العقارات حلمًا بعيد المنال للكثيرين.

أسعار الأراضي:
تستحوذ أسعار الأراضي على نسبة كبيرة من تكلفة الشقق، خصوصًا في مناطق مثل غرب عمان، حيث قد يصل سعر الأرض إلى أكثر من 600,000 دينار أردني للقطعة الواحدة، ما يرفع من تكلفة المشاريع السكنية.

تراجع القدرة الشرائية:
مع ارتفاع تكاليف المعيشة وثبات معدلات الأجور، تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين، مما أدى إلى انخفاض الطلب على العقارات بشكل ملحوظ.

ارتفاع أسعار الفائدة البنكية:
أدى رفع أسعار الفائدة إلى عزوف العديد من المواطنين عن الاقتراض لشراء العقارات، مما أسهم في تفاقم حالة الركود في السوق.

تأثيرات تراجع السوق

تراجع سوق العقارات لم يؤثر فقط على المطورين وأصحاب المكاتب العقارية، بل امتدت تأثيراته إلى قطاعات اقتصادية أخرى مثل قطاع البنوك، شركات مواد البناء، وقطاع العمالة. ومع انخفاض الطلب على العقارات، تواجه الشركات العقارية تحديات كبيرة في تغطية تكاليفها الثابتة.

وجهات نظر أصحاب المكاتب العقارية

في حديث مع عدد من أصحاب المكاتب العقارية، أشاروا إلى أن التقديرات الضريبية المرتفعة التي وضعتها دائرة الأراضي والمساحة، والتي لا تعكس الواقع الفعلي للسوق، ساهمت بشكل كبير في تفاقم الأزمة.

كما أعربوا عن استيائهم من غياب خطط حكومية واضحة لدعم القطاع، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

التراجع في استثمارات الأجانب

شهدت استثمارات الأجانب في السوق العقاري الأردني انخفاضًا ملموسًا خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. ويعود ذلك إلى عدة عوامل، من بينها ارتفاع الضرائب ورسوم التسجيل، بالإضافة إلى القيود التي فرضتها بعض السياسات الحكومية على التملك للأجانب.

الحلول المقترحة

تخفيض الضرائب والرسوم:
تحتاج الحكومة إلى إعادة النظر في الضرائب المفروضة على العقارات، بما في ذلك ضريبة المبيعات ورسوم التسجيل، لتشجيع المواطنين على الشراء.

تحفيز التمويل العقاري:
تقديم تسهيلات بنكية بفوائد منخفضة لتمويل شراء العقارات قد يساهم في تعزيز الطلب وتحفيز السوق.

ضبط أسعار الأراضي ومواد البناء:
يمكن أن تساهم سياسات حكومية أكثر صرامة في ضبط أسعار الأراضي وتوفير مواد البناء بأسعار معقولة للمطورين.

تعزيز استثمارات الأجانب:
من خلال تقديم تسهيلات وضمانات للأجانب الراغبين في الاستثمار في القطاع العقاري، يمكن إنعاش السوق وزيادة التداول.

الخلاصة

يواجه سوق العقارات في الأردن أزمة متعددة الأبعاد تتطلب تدخلات جذرية وعاجلة من قبل الحكومة وأصحاب القرار. إن إنعاش هذا القطاع الحيوي لن ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد الوطني فقط، بل سيعيد الثقة للمستثمرين والمواطنين على حد سواء.

ومع وجود خطط استراتيجية مستدامة، يمكن لسوق العقارات الأردني أن يتجاوز هذه الأزمة ويعود إلى مساره الطبيعي كنقطة جذب استثماري واعدة.

  • هذا التقرير خاص لمجلة مال واعمال
مقالات ذات صلة

الأكثر شهرة

error: المحتوى محمي