خلال مشاركته في “قمة أقدر العالمية” التي تنظم في موسكو برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة
استعرض سعادة /سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي قطاع الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة فيما يتعلق بتطورها وآفاق نموها في المستقبل، وجهودها المبذولة لتعزيز القيمة المضافة لهذا القطاع الواعد، والأثر الإيجابي لهذه الجهود على نمو الطاقة النظيفة في المنطقة وحول العالم، في الوقت الذي تواصل فيه مساعيها الحثيثة وجهودها المتضافرة لتحقيق الرؤية المستقبلية لقيادتنا الرشيدة، وأهداف “مئوية الإمارات 2071″، لجعل دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل دولة في العالم، بما يعزز التنمية المستدامة وسعادة الوطن.
وأكد سعادة الطاير أنه إلى جانب ذلك كلّه، فإن الجهود الحثيثة متواصلة على تحقيق أهداف “استراتيجية القوة الناعمة لدولة الإمارات”، لترسيخ سمعة دولة الإمارات في الخارج، وإبراز هويتها وتراثها وثقافتها وإسهاماتها المهمّة في العالم.
جاء ذلك خلال كلمة سعادة الطاير في الدورة الثالثة من “قمة أقدر العالمية” التي تم تنظيمها في العاصمة الروسية موسكو برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت شعار “تمكين المجتمعات عالمياً: التجارب والدروس المستفادة”.
وتنظم القمة بالتزامن مع فعاليات منتدى موسكو العالمي، الذي يجمع تحت سقفه نخبة من الأكاديميين والباحثين ويهدف إلى تبادل الخبرات العلمية والثقافية وعرض آخر التطورات والتكنولوجيات الحديثة في مجال التعليم والتدريب.
وأشاد سعادة الطاير في بداية كلمته بتوجيهات القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لجعل دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل دولة في العالم.
وقال سعادته:” يطيب لي أن أتوجه بأسمى آيات الشكر والتقدير للفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، على هذه الفرصة القيّمة، لاستعراض تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، وتسليط الضوء حول اقتصاداتها في الطاقة المتجددة، وتجربتها في مجال الطاقة الشمسية. وسأتطرق في كلمتي إلى قطاع الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة فيما يتعلق بتطورها وآفاق نموها في المستقبل، وجهودنا المبذولة لتعزيز القيمة المضافة لهذا القطاع الواعد، والأثر الإيجابي لهذه الجهود على نمو الطاقة النظيفة في المنطقة وحول العالم، في الوقت الذي نواصل فيه مساعينا الحثيثة وجهودنا المتضافرة لتحقيق الرؤية المستقبلية لقيادتنا الرشيدة، وأهداف “مئوية الإمارات 2071″، لجعل دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل دولة في العالم، بما يعزز التنمية المستدامة وسعادة وطننا. وإلى جانب ذلك كلّه، فإننا نعمل على تحقيق أهداف “استراتيجية القوة الناعمة لدولة الإمارات”، لترسيخ سمعة دولتنا في الخارج، وإبراز هويتها وتراثها وثقافتها وإسهاماتها المهمّة في العالم”.
أضاف سعادته: “إننا في دولة الإمارات نتشارك هذه الرؤية الطموحة مع باقي دول العالم، حيث تتضافر الجهود من أجل تحقيق “أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 “، والحدّ من آثار تغيّر المناخ والاحتباس الحراري. ولتحقيق ذلك، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة ب العديد من الاستراتيجيات على الصعيدين الاتحادي والمحلي لترسيخ مسيرة التنمية المستدامة، مع التركيز بشكل خاص على التحوّل إلى الطاقة النظيفة.
الطاقة النظيفة أولوية استراتيجية راسخة لدينا، وظهر ذلك جليًا من خلال المنافسة القوية التي خاضتها دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في العام 2015، حيث كانت تلك هي المرة الأولى التي تتم فيها استضافة إحدى مقار وكالات الأمم المتحدة خارج الولايات المتحدة والقارة الأوروبية. كما أطلق سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي – “رعاه الله”، المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر بدبي في العام 2016، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. إننا نسير بثقة وفق استراتيجيات رئيسية لتحقيق هذا التحول من خلال “استراتيجية الإمارات للطاقة 2050″ الهادفة إلى زيادة إسهام الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50% بحلول العام 2050، و”استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050″ لتوفير 75% من إجمالي الطاقة في دبي من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2050. وساهمت جهودنا في الوصول لانخفاض كبير في الانبعاثات الكربونية في دبي، حيث انخفضت صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في إمارة دبي لتصل إلى نحو 19٪ بحلول نهاية عام 2018، أي قبل عامين من الموعد المستهدف في استراتيجية الحد من الانبعاثات الكربونية 2021 لتخفيض الانبعاثات بنسبة 16٪ بحلول عام 2021”.
وتابع سعادة الطاير بالقول: “في الوقت الحالي، نجحت كل من إمارتي أبوظبي ودبي في تحقيق تقدم ملحوظ في توليد وتطوير مصادر الطاقة النظيفة، وخاصة الطاقة الشمسية، في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تم مؤخرًا تدشين أكبر محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في العالم بطاقة 1,177 ميجاوات في منطقة سويحان بإمارة أبوظبي وفق نظام المنتج المستقل للطاقة. وفيما تقوم إمارة دبي في إطار “استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 “، ببناء مشروعها الرئيس المتمثل في “مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية” الذي سيكون أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، حيث ستبلغ طاقته الإنتاجية 5000 ميجاوات بحلول عام 2030، باستخدام تقنيات الألواح الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركّزة، باستثمارات إجمالية تتجاوز 13 مليار دولار. وسيسهم المجمع عند اكتماله في تخفيض أكثر من 6.5 ملايين طن من انبعاثات الكربون سنوياً. ويشتمل المجمع على كامل سلسلة القيمة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، بدءًا من البحوث والتطوير والابتكار، مروراً بتوليد الطاقة وتخزينها، والتحسين المستمر، ما يضمن تحقيق نتائج رائدة في مجال الطاقة النظيفة. ويتم بناء المجمع على مراحل، وتتضمن استخدام ألواح شمسية كهروضوئية ومنظومة عاكسات القطع المكافئ وأطول برج شمسي في العالم مع تقنية المرايا التي تتبع حركة الشمس، واعتماد الملح المنصهر للتخزين من أجل توليد طاقة نظيفة طوال النهار والليل”.
ونوه سعادته: “تم تدشين أولى مراحل المجمع في العام 2013 بأول محطة اعتمدت تقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية بطاقة 13 ميجاوات، وينتج المجمع حالياً 713 ميجاوات، ومن المقرر أن يتجاوز هدفه المتمثل بـ 1,000 ميجاوات في العام 2020، إضافة إلى تنفيذ مراحل جديدة لا تزال قيد الإنشاء والتصميم في الوقت الحالي، وستصل قدرته الانتاجية إلى 2,863 ميجاوات بحلول العام 2023، باستثمارات تزيد على 6 مليارات دولار أمريكي. وتمكنت هيئة كهرباء ومياه دبي من تحقيق نتائج عالمية المستوى بفضل تطبيقها لأفضل الممارسات العالمية في الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واعتمادها على نماذج ناجحة متمثلة بالمنتج المستقل للطاقة، والذي كان فعالاً في خمسة اتجاهات رئيسية، وهي أولاً ايجاد إطار قانوني وتنظيمي شامل لجذب وحماية الاستثمارات الأجنبية. ثانياً استقطاب أفضل وأشهر شركات الطاقة الشمسية من حول العالم، والاستعانة بأحدث التقنيات، من دون الحاجة إلى قيامنا بضخ استثماراتنا مباشرة. حيث ساهم اعتمادنا وتوظيفنا لهذا النموذج في تركيز استثماراتنا على مجالات أخرى، مثل مركز البحوث والتطوير في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية. ثالثاً بناء القدرات والمهارات الإماراتية، من خلال التعاون مع المنظمات والجامعات الدولية العاملة في مجال الطاقة النظيفة.
رابعاً، زيادة الكفاءة، حيث أننا بدأنا رحلتنا في أولى مشاريعنا مع الجيل الأول من الألواح الكهروضوئية المزودة بأغشية رقيقة بكفاءة تصل إلى 11.8% فقط، واليوم نجحنا بالوصول بالكفاءة إلى نسبة 19%. وبعد استخدامنا لتكنولوجيا الخلايا الشمسية الأحادية، وتقنيات التنظيف الذاتي والنظام المتقدم لتتبع حركة الشمس، سنصل في زيادة كفاءة إنتاج الطاقة إلى أكثر من 24%. خامساً إحداث تأثير عالمي في قطاع الطاقة الشمسية، حيث حققت المراحل المختلفة للمجمع أربعة أرقام قياسية عالمية في أسعار الطاقة الشمسية. وتواكب كل هذه الانجازات الاستثمارات العالمية لشركة أبو ظبي لطاقة المستقبل “مصدر” في مشاريع الطاقة المتجددة في 27 دولة حول العالم، بإجمالي استثمارات تصل لنحو 12 مليار دولار أمريكي، وطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 4,000 ميجاوات تقريبًا من مشاريع الطاقة المتجددة المنجزة أو التي لا تزال قيد التطوير، وتساهم في تخفيض أكثر من 5.4 ملايين طن من انبعاثات الكربون سنوياً. وأدت هذه النجاحات إلى تبديد المقولة الخاطئة بأن الطاقة الشمسية باهظة الثمن، وغير قادرة على دعم انتشار الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم. وقامت أبوظبي أيضًا بتركيب ألواح شمسية كهروضوئية في المباني الحكومية في الإمارة، إضافة إلى إطلاقها العديد من مبادرات الطاقة الشمسية الأخرى”.
وأضاف سعادته: “تعزز التحول إلى حلول الطاقة الشمسية من خلال قيام المؤسسات وأصحاب المنازل في دبي، بتركيب ألواح الطاقة الشمسية فوق الأسطح ويتم حتى اليوم إنتاج أكثر من 100 ميجاوات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية على الأسطح في شتى أنحاء إمارة دبي. وتنطلق مبادرة “شمس دبي” من تشريعات ولوائح تنظيمية يجري العمل بها للمساعدة على انتشار الطاقة الشمسية في جميع أنحاء الإمارة، وتوفير الطاقة النظيفة من مصادر إضافية. وفي الوقت الذي تواصل فيه الطاقة النظيفة تطورها ونموها، تبرز أهمية البحوث والتطوير في مواكبة هذا المسار. ويركز مركز البحوث والتطوير في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية على العديد من المجالات، ومنها: الطاقة الشمسية، كفاءة الطاقة، تكامل الشبكات الذكية، تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية، ويتضمن ذلك أيضًا اختبار مجموعة من تقنيات الطاقة الشمسية الكهروضوئية والمركزة، إضافة إلى الحلول التي تساعد على زيادة كفاءتها وموثوقيتها. ومن الأمثلة على ذلك، معالجة تحدي تراكم الغبار على الألواح الكهروضوئية الشمسية في البيئات الصحراوية، وللتغلب على ذلك نقوم باختبار الطلاء المقاوم لالتصاق الرمال والأتربة، مع الاستعانة بالروبوتات المتقدمة لتنظيف الألواح الضوئية وإزالة آثار التلوث بالغبار”.
وقال سعادة الطاير: “ضمن جهودنا المستمرة لتعزيز مساهمة الطاقة الشمسية في مزيج الطاقة، من خلال اعتماد التقنيات المبتكرة، شرعنا في دراسة لإنشاء محطات طاقة شمسية عائمة في مياه الخليج العربي. وإننا نعمل جاهدين لجعل دبي نموذجًا عالميًا للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، ونحرص على مواكبة التقنيات المبتكرة للثورة الصناعية الرابعة، التي تضم: الذكاء الاصطناعي، والطائرات من دون طيار، وتخزين الطاقة، وتقنيات “البلوك تشين” و “إنترنت الأشياء” وغيرها. ونساهم في تحقيق أهداف مبادرة “دبي X10” التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، للانتقال بدبي نحو ريادة المستقبل، وجعلها متقدمة على نظيراتها حول العالم بفارق عشر سنوات من خلال الابتكار الحكومي . وقررنا في هيئة كهرباء ومياه دبي إعادة صياغة مفهوم المؤسسات الخدماتية والإسهام في خلق مستقبل رقمي جديد لإمارة دبي؛ حيث تعتزم الهيئة إحلال وتغيير النموذج التشغيلي للمؤسسات الخدماتية والتحول إلى أول مؤسسة رقمية على مستوى العالم بأنظمة ذاتية التحكم للطاقة المتجددة وتخزينها وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والإنتاج، من خلال إطلاق مبادرة “ديوا الرقمية”، الذراع الرقمية لهيئة كهرباء ومياه دبي. إن هذا النهج الشمولي للطاقة النظيفة يوضح أيضًا الحاجة الماسّة للنظر إليها بكل مصادرها، وليس الاعتماد حصريًا على الطاقة الشمسية. ومن بين مصادر الطاقة النظيفة التي تفاجئ الجميع في جدواها – الطاقة الكهرومائية. وتقوم هيئة كهرباء ومياه دبي ببناء أول محطة لتوليد الكهرباء بتقنية الطاقة المائية المخزنة بالضخ والتخزين في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج، مع إنشاء خزّانين في حتا لتوليد 250 ميجاوات، وتركيب مضخّات تعمل بالطاقة الشمسية، تدفع المياه إلى الخزّان العالي، ليكون ذلك بمثابة خزان طبيعي للطاقة. ويبلغ العمر الافتراضي للمشروع 80 عاماً مع استجابة فورية للطلب على الطاقة وتوصيل الطاقة المنتجة بالكامل إلى الشبكة خلال 90 ثانية. ونستخدم الطاقة الشمسية أيضًا في تحلية المياه (تحلية المياه بالطاقة النظيفة)، كما نتطلع الآن إلى تقنية التناضح العكسي لتحلية مياه البحر لزيادة طاقتنا الإنتاجية إلى 305 ملايين جالون من المياه المحلاة يوميًا. وبحلول العام 2030، ستزيد طاقتنا الإنتاجية الإجمالية إلى 750 مليون جالون يوميًا. ويعد هذا أيضًا جزءًا من جهودنا لضمان الوصول بجميع احتياجاتنا من المياه المحلاة بالاعتماد الكامل على الطاقة النظيفة بحلول العام 2030”.
واختتم سعادته بالقول: “قد يكون من السهل استعراض النجاحات، لكن وفيما نحن نتقدم باتجاه المستقبل بثقة نرى أن للطاقة النظيفة دوراً مهماً في تعزيز مستقبل أكثر إشراقًا لكوكبنا عمومًا، وليس فقط لدولة الإمارات، ويتطلب ذلك منا تضافر الجهود والتسلح بالعزيمة والتصميم، والسير وفق رؤية واضحة لتحقيق النجاح المنشود. كما ينبغي علينا جميعًا التعاون جميعاً لمواجهة تغير المناخ وارتفاع حرارة الكوكب، لتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وتعزيز مسيرة التنمية المستدامة. وتعكس هذه الأهداف طموحنا الدؤوب في دولة الإمارات العربية المتحدة، نحو مستقبل أكثر إشراقاً، ليس لحاضرنا فقط، وليس لأطفالنا فحسب، وإنما للأجيال القادمة”.