تتوالى التطمينات التي لا تدعو إلى الطمأنينة حيال عرض التسوية المالي المقدم من الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية وليد الكردي. وآخر التصريحات، في الأسبوع الماضي، أشارت إلى أن اللجنة الفنية المشكلة من الشركة وممثلي الكردي وشركة استشارات خارجية، قد قطعت ثلاثة أرباع الجهد المطلوب منها في دراسة الوثائق والأوراق الخاصة بشركة الفوسفات وحجم الضرر، وسط تأكيدات من إدارة “الفوسفات” على حماية المساهمين الذين خسروا الكثير بسبب ما لحق بالشركة من فساد في السنوات السابقة، تم توثيقه من قبل القضاء الأردني.
وفي الانتظار أيضا، أن تتم دراسة ما ستتوصل إليه اللجنة الفنية، بعد أن تنهي عملها، من خلال النائب العام، تمهيدا لإقراره من قبل لجنة قضائية عليا تضم النيابات العامة والمجلس القضائي والمحامي العام ومحكمة التمييز. وفي الأثناء، يسعى الكردي إلى الاستفادة من قانون الجرائم الاقتصادية لعقد التسوية التي يجري الإعداد لها حاليا، بعد أن أصدرت محكمة جنايات عمان بحقه حكما غيابيا بالأشغال الشاقة المؤقتة لاثنين وعشرين عاما ونصف العام، والأشغال الشاقة المؤقتة 15 عاما في قضيتي بيع منتجات الفوسفات وعقود الشحن البحري، وتغريمه 285 مليون دينار.
بعد مضي عام على صدور الحكم بحق الكردي، ما تزال القضية تراوح في مربع “التفاهمات والصفقات”؛ فمن وقت لآخر، تظهر تسريبات متعلقة بهذا الملف تحت أضواء خافتة، والتي انطوت على اختبار قاس لقدرة الحكومة على جلب المتهم إلى البلاد من بريطانيا. وفي آخر التسريبات المحلية ما يدعو للقلق. ففي موازاة عرض التسوية الحالي وعمل اللجنة الفنية، ثمة حديث عن ضغوط تلوح بها حكومة بروناي التي يجري التفاوض معها لبيع حصتها البالغة 37 % من أسهم “الفوسفات”. والعنوان الأبرز لتلك الضغوط أن إنهاء صفقة بيع الأسهم سيتم مع إنهاء تسوية ملف قضية الكردي.
بعيدا عن المفاوضات والضغوط والتسريبات والمال العام الذي نهب -كون الشركة مساهمة عامة- فإن الحكومة تلوذ بصمت مديد، في ظل مراهنات البعض على “تبريد” هذا الملف لدى الرأي العام المنشغل بهموم لقمة العيش ومخاوف الجوار الملتهب. وفي المقابل، يبدو مجلس النواب غير آبه لمسار هذا الملف الخطير، وهو (المجلس) الذي انتفض قبل أسابيع بسبب عدم وجود كرسي لرئيسه في حفل افتتاح مهرجان جرش، مع مطالبة بعض النواب بطرح الثقة في الحكومة!.