سعادة / سعيد محمد الطاير
العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي
كثيراً ما أتأمل مكانة شهر رمضان المبارك، وأرى فيه فرصة عظيمة للتحلي بالسلوك القويم، فرمضان شهر التقوى والإحسان.. الإحسان بمفهومه الواسع الشامل لكل تفاصيل حياتنا مهما صغرت أو كبرت. وهنا يأتي السؤال الذي يفرض نفسه: أليس من الإحسان أن نتعامل مع نعم الله تعالى بحكمة وتعقل؟ أليس من الإحسان ألا نسرف في الماء وهو سر حياتنا ووجودنا؟ ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم “لا تسرف في الماء ولو كنت على نهرٍ جارٍ”؟ ثم أليس من الإحسان أن نرشد استخدام الطاقة حتى لا نستنفذ مواردنا الطبيعية ونضر ببيئتنا من حيث لا ندري؟ أنا على يقين تام بأنكم تتفقون معي أن ذلك قمة الإحسان، فقمة الإحسان أن تنفع نفسك وتنفع كل من حولك ويمتد نفعك إلى بيئتك ووطنك.
نحن في هيئة كهرباء ومياه دبي نضطلع بمسؤولية توفير إمدادات الكهرباء والمياه وفق أعلى درجات التوافرية والاعتمادية والكفاءة، غير أن ثمة مسؤولية مشتركة يتحملها كل فرد منا.. نعم! أنا وأنت وكل من يعيش فوق أرض هذا الوطن الغالي، نتحمل مسؤولية حماية بيئتنا واستدامة مواردها الطبيعية.. نتحمل مسؤولية الحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ممارساتنا اليومية، والتي تتسبب في حدوث الاحتباس الحراري؛ وهو العامل الأساسي في التغير المناخي المتسارع وما له من آثار سلبية تضر كل كائن حي يعيش على كوكب الأرض.
وفي دولة الإمارات، وهبنا الله تعالى قيادة رشيدة وضعت على رأس أولوياتها دعم الأجندات والجهود العالمية الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة، وفي مقدمتها أهداف التنمية المستدامة الـ17 لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدتها الأمم المتحدة، من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة، والتحول إلى الطاقة الخضراء والاقتصاد الأخضر، وكان لدولة الإمارات السبق في ترسيخ مفهوم الاستدامة بجميع جوانبها: البيئية والاقتصادية والاجتماعية، والعمل على تحقيقها من خلال رؤى واستراتيجيات ومبادرات وخطط تنموية تتمحور كلها حول التنمية المستدامة الشاملة، وهو ما تراه بوضوح من خلال نظرة سريعة على محاور رؤية الإمارات 2021، وخطة دبي 2021، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، واستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، واستراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030، واستراتيجية خفض الانبعاثات الكربونية، وغيرها من المبادرات الداعمة لبناء اقتصاد أخضر في دولة الإمارات. ومن هنا، كان لزاماً علينا أن نتكاتف جميعاً من أجل غاية واحدة وهي تحقيق الاستدامة والبيئة المثالية للعيش في المنزل والعمل.
نحتاج في شهر رمضان المبارك ألا تقتصر نظرتنا لمفهوم الترشيد على نفقات الطعام والشراب فقط، بل ينبغي لنا أن نجعل من الترشيد ثقافة شاملة تمتد إلى كل تفاصيل حياتنا، وفي مقدمتها ترشيد استهلاك المياه والكهرباء. إن الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك لا يقصد بها التوقف عن استخدام الكهرباء والمياه بالكلية! بل ما يعنيه ذلك هو ما تعلمناه من قول الله تعالى “والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً“، فمن خلال تبني الممارسات المسؤولة واتباع الإرشادات الصحيحة يستطيع كل فرد منا التحكم في الاستهلاك وتجنب الإسراف، وهو ما يتوافق مع قيمنا وتعاليم ديننا الحنيف.
خطوات بسيطة يمكن أن يكون لها أثر عظيم على حياتنا، مثل ضبط درجة حرارة مكيف الهواء عند 24 درجة مئوية أو أكثر، وجدولة استخدام الأجهزة الكهربائية التي تستهلك قدراً كبيراً من الطاقة خارج ساعات ذروة الاستهلاك من 12 ظهراً إلى 6 مساءً، واستخدام أنظمة الري الذكي، ومعالجة تسربات المياه، وغيرها من نصائح وإرشادات ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه التي توفرها الهيئة للجمهور.
إن المياه والكهرباء نعمتان عظيمتان أنعم الله بهما على الإنسان، وأدعو كل فرد من أبناء هذا الوطن والمقيمين على أرضه الطيبة إلى الإحسان إلى هاتين النعمتين واستخدامهما استخداماً مسؤولاً وواعياً، وتوظيفهما بما يخدم الإنسان والمجتمع ويحقق الراحة والسعادة، دون ضرر أو إضرار في شهر الخير والبركة والإحسان.