أنذر الله قوم نوح الذين خالفوا أوامره التي أنزلها الله عليه بالفناء، ولذا فقد بنى نوح (عليه السلام) السفينة الشهيرة، وجمع بها من كل زوجين اثنين، وهكذا عندما كان الهولندي يوهان هيوبرز طفلا تأثّر بشدة بقصة الفيضان وسفينة النبي نوح، وفي وقت لاحق من العمر عندما أصبح رجلا يافعا قرر أن يفعل مثل النبي نوح وأن يبني سفينة.
والآن بعد مرور عشرين عاما على هذا القرار أوشك العمل على الانتهاء في قلعة خشبية هائلة عائمة ببلدة دوردريشت بالقرب من مدينة روتردام، ويقف نموذج زرافة بنفس الحجم الحقيقي لها عند مقدمة السفينة، وعند مؤخرتها يقف نموذج مماثل لفيل، وتتبع السفينة التي يشيدها هيوبرز الوصف الذي جاء بالعهد القديم، وأبعاد سفينة نوح التي جاءت بهذا الكتاب توضح أن طولها يبلغ 300 ذراع، مع بناء باب السفينة على الجانب وتشييد السفينة من ثلاث طوابق.
ومع ذلك أصبح يتعين على هيوبرز أن يُدخِل بعض التغييرات لتتماشى مع لوائح الأمان الحديثة، ويقول هيوبرز -وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 52 عاما- إنه اضطر إلى اتباع القواعد الهولندية للسلامة من الحريق وبناء حوائط إضافية عند تقسيم الغرف، وبدلا من بناء ثلاثة طوابق كما هو في السفينة الأصلية تم إضافة طابق رابع لسفينة هيوبرز، كما يوجد بها مصعد ومسرحان مكشوفان ومطاعم وقاعة للسينما وقاعة مؤتمرات تستوعب 1500 شخص، وتختلف السفينة الجديدة أيضا عن الأصلية في أنه يوجد بها صور لمناظر استوحيت من الإنجيل، كما أنها تتمتع بدورات مياه مزودة بالمياه الجارية.
ويعلّق هيوبرز على هذه الاختلافات التي فرضتها طبيعة العصر، ويقول مبتسما: “الأدوات الحديثة وأفضل صيحات التكنولوجيا تعدّ ضرورية بالنسبة لمكان الترفيه، كما أن الغاية تبرر الوسيلة؛ حيث إننا نجعل التاريخ المدوّن ملموسا لأبناء هذا العصر”.
وبفضل حجم السفينة العصرية يمكن رؤيتها بسهولة من مسافة بعيدة، أما عن قرب فيمكن حتى شم رائحتها حيث تفوح رائحة طيبة من ألواح الأخشاب التي صُنعت منها، واستخدم في بنائها أخشاب أشجار الصنوبر من السويد، وأخشاب استقدمت من غابات تملكها العائلة الملكية الهولندية، وتم اختيار أخشاب الصنوبر؛ حيث إن مواصفاتها تشبه كثيرا أخشاب شجرة السرو وفقا لما يقوله هيوبرز، وتعدّ أخشاب شجرة السرو هي الأخشاب المتاحة غالبا أمام بناة السفن في الأرض المقدسة في ذلك الوقت.
نموذج لزرافة بحجمها الحقيقي بمقدمة السفينة
وداخل بناء السفينة الضخم يضع العمال اللمسات الأخيرة على العمل فيها؛ استعدادا لافتتاحها في أعياد الميلاد المقبلة، وتم وضع أكثر من 1600 من النماذج البلاستيكية لحيوانات بالحجم الطبيعي تم صنعها في الفلبين على سطح السفينة، بشكل يراعي الأصل التاريخي من تحميل سفينة نوح بذكر وأنثى من كل نوع من الحيوانات.
ويساعد هيوبرز في تنفيذ المشروع أبناؤه الثلاثة، بينما تنشغل زوجته بالعمل كشرطية، ويقول هيوبرز إن زوجته بيانكا ظلت لا تستطيع النوم لعدة ليال، بعد أن أخبرها بإجمالي تكلفة المشروع وهو ستة ملايين يورو.
وتم الحصول على جزء من التكلفة من بناء نموذج مصغّر من السفينة في وقت سابق، ويبلغ حجم هذه النسخة المصغرة نصف حجم السفينة التي يتم بناؤها حاليا، وتم بيع النموذج المصغر بعد سنوات من العمل كمتحف عائم إلى أحد كبار مالكي محطات التلفاز، كما قام هيوبرز بجمع تبرعات بما في ذلك هبة قدرها مائة يورو قدّمتها والدته التي تبلغ من العمر 93 عاما، بينما غطت البنوك نصف التكلفة.
ويوضح هيوبرز أن البنوك تريد أن ترى تنفيذ مشروع يتيح زيارة 125 ألف شخص على الأقل للسفينة كل عام، وتوقّع أن ينجح المشروع في تجاوز هذا الرقم، وهذا التفاؤل جيد؛ حيث بدأ بالفعل الآلاف بحجز مسبق لزيارة السفينة، ومن بين الحاجزين المبكرين مجموعات مدرسية ونوادٍ ورواد الكنائس ورجال أعمال.
وكالات
المصدر : https://wp.me/p70vFa-8yE