مجله مال واعمال – النسخة الورقية العدد 171
من منا لا يعرف هدايا فريحات، السيدة التي خاضت الانتخابات البرلمانية الأخيرة مرشحة فوق العادة، السيدة التي وجدت نفسها بالفطرة مهتمة لأمر بلدها الذي فيه ولدت وعلى أرضه تعيش.
ومنحت الأفكار التي قدمتها الفريحات تقدما في المجتمع، خاصة وانها تشكل حالة استثنائية، في وجهها الشبابي الجديد.
وقدمت الفريحات، برنامجا يعتمد على خبراتها السابقة وينسجم مع دورها الاعلامي، وينطبق مع صوت الشباب في الشارع، ورسالة التغيير بالنظر إلى حقوق المرأة ودوروها الفعال في المجتمع، وداعمة لقضايا حقوق الإنسان، وناشطة في المجال الاجتماعي والقانوني.
وللحقيقة فإن الفريحات التي ارتكزت في نجاحها على صوت الشباب وصوت المحتاج والفئة المستضعفة فكانت على دراية تامة بأن الصراع بين الطبقان والذي سيكون صراعاً محموماً، وان المنافسة ستكون صعبة، الا أنها أصرت على خوض التجربة والانحياز للوطن والمواطن.
لهدايا الفريحات دور فاعل وعظيم في زمن النهضة الوطنية، فهي من النسوة اللواتي حفرن الصخر بأصابعهن سعيا وراء أهداف سامية ومثل عليا، ولكنني وسعيا مني لإلقاء الضوء على نموذج نسوي خاص، آثرت أن يكون الحديث عن هذه الشابة المتميزة، وما لها من دور حافل في البناء الحضاري والمجتمعي وبما تتميز به من صبر مشهود وثقة عالية بالنفس وإستعداد جم وغريزي وبشكل يخالف بالكامل كل الدعايات المشوهة والمشبوهة والمرفوضة والتي سوقت لصورة المرأة الأردنية بشكل مزيف وفج على كونها عنوان للاتكالية والتمرد وما شابه ذلك من التصانيف الغريبة والبعيدة كل البعد عن عوالم الواقع و مراراته و إشكالياته المعقدة. وهو ما كان في شخصية فارستنا د.هدايا الفريحات التي كانت مثالا يحتذى في الاصرار فهدايا الزوجة والام لخمسة اطفال استطاعت ان تكون الرقم الصعب وان تتحدى الصعاب وان تضيف الى دراستها بكالوريوس اللغة الانجليزي والتي تحمل شهادة في ادارة المشاريع من المعهد العالي الامريكي والحاملة لعشرات الدورات في ادارة الاعمال والعلاقات العامة والتنمية البشرية بكالوريوس القانون حيث حصلت على المرتبة الاولى في امتحان الكفاءة الجامعية على مستوى الجامعات الاردنية والمرتبة في امتحانات القبول لامتحان النقابة الاردنية ومن ثم تكمل المسيرة في تخصص احبت فحصلت على درجة الماجستير بتقدير امتياز ومن ثم حصلت على الدكتوارة الفخرية في حقوق الانسان والتنمية البشرية وهي منسق لجان حقوق الانسان الدولية في الاردن، ومحكم النزاعات الدولية في المحكمة الدولية لتسوية النزاعات ومستشار قانوني للتحالف العالمي “سفراء النوايا الحسنة وحقوق الانسان” وعضو دائرة الشؤون القانونية للهيئة العليا لاتحاد القبائل العربية وسفير سلام في اكثر من منظمة معتمدة للامم المتحدة وممثل الاردن في منظمة مكافحة الجريمة العالمية، ومؤسس الوحدة الوطنية للاصلاح، وعضو في اكثر من جمعية ومنظمة للدفاع عن حقوق المراة وطفل.
ولعل الفريحات التي خرجت من رحم المجتمع الأردني، قد بنت على مدار سنوات عديدة سياجا من الثقة بينها وبين الآخرين، مما أهلها لتكون ذات رؤية واضحة وثاقبة في إطار مساعيها لنشر ثقافة العمل التطوعي، ولنشر عطاؤها الذي لا ينضب مستندة إلى خبرة طويلة، وساعدها بذلك قدرتها على إدارة الأزمات وتوحيد مفردات العمل العام، فتخيلوا معي عندما تكون امراة قاضيا عشائريا وسط مجتمع ذكوري، جعلت الجميع يلقبونها بالشيخة.
وفي الانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر قررت الفريحات أن ترفع صوتها، لا من أجل أن تسمع، ولكن من أجل سماع كل هؤلاء الذين لا صوت لهم، وهي تدرك أن لا مفر من بعض الفشل في الحياة وخاصة حين تواجه مجتمع ذكري ولعدم تقبل العديد من ابناء عشيرتها ان تقوم امراة بتمثيلهم لذلك كله حولت حياتها لنجاح دائم، ورفدتها بتفاصيل أكثر مما كان الآخرون يتوقعون، فاثبتت لهم أنهم واهمون، وأن الفشل لا يعرف طريقه إليها.
انعم الله عليها بمواجهة اللحظات الحرجة في رحلتها، وتمكنت من لمّ شتات نفسها من جديد، لتصبح متواضعة بما يكفي للتعلّم، فشخصيتها القوية واصرار وذكائها واصرار على النجاح في القضايا التي تعمل بها ومناصرتها للضعيف والمظلوم اهلها لتكون امراة بالف رجل.
في حياة الفريحات الأحلام جميلة، لكنها مجرد أحلام، عابرة، زائلة وساحرة، لكن الأحلام لا تتحول إلى واقع لأنها فقط حلمت بها، إنه العمل الشاق الذي يجعل الأمور تتحقق، إنه العمل الشاق الذي يصنع التغيير، لهذا صنعت هدايا التغيير، موقنة أنه أمر لا بد منه، فكانت من اوائل فرسان التغيير فكرمتها جلالة الملكة رانيا العبد الله ومندوب جلالة الملك عبد الله الثاني حفظهما الله ورعاهما في بداية مسيرتها.
وخلاصة الامر في الحياة العامة تجدها، في المجتمع المدني تجدها، في السياحة تجدها، في البر والإحسان تجدها، في المناسبات الوطنية تجدها، شعلة متقدة تسير على الأرض، حكايتها مروية بلسان الحال، وصورتها لرسام كانت آخر لوحاته، لم تتعود الخذلان، لم تخذل، ولكنها خُذلت، خذلها أعداء النجاح، لكنهم قدموا لها خدمة جليلة بأن جعلوها تواصل المسيرة رغم كل ما مرت به من عثرات.
الدكتورة هدايا الفريحات، تلك المرأة الأربعينية التي تتمتع بوافر من الجمال عرفها الجميع في كل مكان، فهي صاحبة يد بيضاء، وبسمة لا تنضب تخبئ وراءها الاصالة والكرم، ولها حديث شيق يحمل بين طياته كلمات جميلة تنم عن عمق الاقتران بالأرض والوطن، وعند الحديث عن دورها في قضايا المجتمع تبرز هذه الخاصية فهي خادمة لمجتمعها بشكل واسع، ولها باع طويل في العمل العاموتنفست هواء الاردن منذ ولادتها، وفي عجلون عاشت طفولتها وتعلمت في ثقافة البيت كيف تمد الخواطر والأحلام جسراً لمحبة الناس والتواصل معهم ،فكانت حصيلة كل هذا، تجارب وأنشطة وفعاليات كلها رسمت طرق المحبة والنور مع الذين كانوا ومازالوا يحتاجون منها العون والفكرة والنصيحة وهذا كله بعض من سيرتها الذاتية المليئة بالشغف ومحبة الناس.
حصري لمال واعمال يمنع الاقتباس او اعادة النشر الا باذن خطي