محمد أبو حمور اسم كبير لرجل عصامي لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، لكن نشاطه واجتهاده مكـنّاه من أن يصنع اسماً من ذهب، يملك من التواضع ما يجعل من محبته فرضُ عين على كل من يحظى بمعرفته، تحاوره فتلمس فيه شخصة تجمع مزايا قلما اجتمعت في شخص واحد، الفطنة والذكاء وسرعة البديهة، التواضع وبشاشة الوجه وحسن الخلق، لباقة ودبلوماسية لا تفسدها انتقاداته اللاذعة.
أبو سالم مسالمٌ حداً يجعل من البحث عن أعداءٍ للرجل أو حتى مبغضين له أمراً أقرب للعبث، وإن كان الأمر لا يخلو من غيرة أو حسد، فالرجل تصدر المشهد الاقتصادي في الأردن وكان من أبرز رموزه في مرحلة مبكرة من عمره، وحقق نجاحات جعلته أحد أهم الرموز الاقتصادية في الشرق الأوسط، الإنصات والإهتمام بمحدثه سمة واضحة فيه، وحين يشرع بالحديث يغرف من معين علم لا ينضب، فيقلب الأدوار ببراعة ساحر ويجعلك ترخي له سمعك، دقيق حد الإرباك؛ ينتقي كلماته بعناية صائغ حلي، ينتقد دون إساءة، يشخص المشكلات ويستنبط الحلول كجراح ماهر.
يملك عقلية اقتصادية من نوع خاص تشعرك بالمهابة وأنت تحاوره، عقلية مكنته من التدرج في مناصب لم يترك أياً منها قبل أن يضع فيه بصمة واضحة، لعل أبرزها تخفيض عجز الميزانية بنسبة تجاوزت ستين بالمئة حين كان وزيراً للمالية عام 2010.
ولد معالي الدكتور محمد أبو حمور في السلط عام 1961، وتلقى فيها تعليمه الأساسي والثانوي، حيث أنهى الثانوية العامة من مدرسة السلط وحصل على معدل 82.2 .
دخل كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة اليرموك وتخرج منها حاملا درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف عام 1984، وعام 1987 توجه الى الجامعة الأردنية لدراسة الماجستير التي نالها بدرجة امتياز عام 1989، بعدها توجه إلى جامعة surrey في بريطانيا سنة 1997 حيث حصل على الدكتوراه في الاقتصاد والمالية العامة، وكانت أطروحته في الدكتوراه حول المالية والضرائب.
مسيرة أبي سالم المهنية كانت ولا تزال حافلة، تدرج خلالها في المناصب بسرعة ليست غريبة على شخص يتمتع بكل ما يتمتع به الرجل من ميزات، فبدأ باحثاً اقتصادياً في دائرة الأبحاث والدراسات في البنك المركزي الأردني، ثم باحثاً في قسم المالية العامة، ورئيساً لقسم الاقتصاد الخارجي وميزان المدفوعات، ورئيساً لقسم المالية العامة، وفي الجامعة الأردنية وخلال الفترة بين عامي 1998- 1999 عمل محاضراً غير متفرغ لطلبة الماجستير في الاقتصاد، كما كان عضواً في مناقشة عدد من رسائل الماجستير.
الدكتور محمد أبو حمور عمل أيضاً مستشاراً لوزير المالية، ورئيساً لوحدة الرقابة المالية، كما عمل نائباً لرئيس لجنة تقييم الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي 1998 – 2000، وهو المنصب الذي شكل نقطة تحول في مسيرة الرجل المهنية حيث بدأ نجمه يسطع، وهو ما مهد لتعيينه أميناً عاماً لوزارة المالية عام 2000 وحتى عام 2003.
عام 2003 صدرت إلارادة بتعيين الدكتور محمد أبو حمور وزيراً للصناعة والتجارة في حكومة المهندس علي ابو الراغب الثالثة، وبقي في المنصب الى أن استقالت الحكومة، وفي حكومة السيد فيصل الفايز عاد أبو حمور وزيراً للمالية واستمرّ في موقعه الى أن استقالت الحكومة عام 2005 ليعين بعدها رئيساً للهيئة التنفيذية للتخاصية.
تولى الدكتور أبو حمور رئاسة مجلس إدارة شركة البوتـاس العربية بين 2007 و 2009 ليعود بعدها وزيراً للمالية في حكومة السيد سمير الرفاعي الأولى، وبقي فيها حتى استقالت الحكومة، ثم عاد وتسلم نفس الحقيبة في حكومة السيد سمير الرفاعي الثانية، ثم عاد وتسلمها للمرة الرابعة في حكومة الدكتور معروف البخيت الثانية، واستمر في الموقع حتى استقالت الحكومة في 17-10-2011.
لعلّ أبرز ما يؤشر على العقلية الإقتصادية الفذة التي يتمتع بها معالي الدكتور محمد أبو حمور، الجوائز الهامة التي حصل عليها وأبرزها جائزة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط لعام 2004 في واشنطن، والتي منحتها له على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، جريدة الأسواق الناشئة التابعة لمجلة يورومني
وكذلك الحصول على جائزة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط لعام 2010 الممنوحة من قبل مجلة The Banker، وذلك لمساهمته في انتعاش الاقتصاد الأردني خلال الأزمات المالية المختلفة.
وقد أثرى الدكتور أبو حمور المكتبة الإقتصادية بالعديد من الأبحاث والدراسات منها: ضريبة المسقفات في الأردن، العوامل المؤثرة على معدل خدمة الدين العام الخارجي في الأردن، أثر المساعدات المالية والقروض الخارجية على ميزان المدفوعات وعرض النقد، أثر عجز الموازنة العامة على الناتج القومي الإجمالي وميزان المدفوعات وعرض النقد، أدوات الدين العام الداخلي من منظور إسلامي، استقطاب الاستثمارات الاجنبية المباشرة في الأردن، قياس الطاقة الضريبية والجهد الضريبي في الأردن.
كما أنه كان عضواً في العديد من اللجـــان منها لجنة الموازنة العامة لعام 1990، لجنة تقييم الوضع المالي والنقدي والاقتصادي 1992 -1993، اللجنة المشكلة لغايات دراسة أولويات الإنفاق العام للحكومة (1998)، اللجنة المشكلة لغايات تقييم نظام إدارة الدين العام ومراجعة الشروط ودراسة النواحي الفنية والإدارية والتدريبية لتطبيق نظامDMFAS (1998)، اللجنة الفنية المشكلة لدراسة بدائل الدعم الإسكاني لذوي الدخل المتدني (1998)، عضو لجنة متابعة تنفيذ نظام المعلومات الوطني للتشريعات الأردنية (1999)، عضو اللجنة الفنية المشكلة لدراسة وضع الخطوات اللازمة لتأسيس وحدة مركزية لادارة الدين وتحديد اطارها التنظيمي والتشريعي (1999)، عضو لجنة الخطة الاستشارية لتخصص الاقتصاد / جامعة البلقاء التطبيقية (1998 – 1999)، كما أنه كان رئيساً للجنة تحكيم جائزة الحسن بن طلال للتميز العلمي لعام 2012.
وشغل أبو حمور عضوية مجلس الإدارة لعدد كبير من الشركات أبرزها: شركة الاتصالات الأردنية، الملكية الأردنية، البنك العربي، مؤسسة الضمان الاجتماعي، مؤسسة استثمار الموارد الوطنية وتنميتها، مؤسسة ضمان الودائع، مصفاة البترول الأردنية، شركة مناجم الفوسفات الأردنية، والبنك الأهلي الأردني، ومجلس أمناء الصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية، مؤسسة تنمية أموال الأيتــام، المجلس الأعلى للمؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء، ومنتدى الفكر العربي.
يتذكر الناس الحادثة التي تناقلتها وسائل الإعلام وقتها حين شوهد وهو وزير للمالية عند عودته من السفر يخرج من بوابات المسافرين الاعتياديين وليس من المقصورة المخصصة للوزراء، وكيف اصطف على الدور في بوابة ختم الجواز وانتظر خلف جموع المواطنين لحين وصول دوره لختم الجواز ايضاً، وكان يراقب بإهتمام كيفية تعامل جمارك المطار مع المواطنين.
يقول الدكتور أبو حمور إنه يجب أن تكون هناك خطة تلتزم بها الحكومات المتعاقبة، خطة تحدد ما الذي نريده للأردن، وكيف نرغب بأن يكون الأردن بمختلف قطاعاته وفئات مجتمعه بعد عشرة سنوات، وأخطر شيء في السياسة الحكومية هي سياسة “الفزعة” أو إدارة الاقتصاد على شكل “مياومة”، بمعنى أن الحكومة حين تكون بحاجة إلى إيرادات تقوم بفرض ضريبة على قطاع معين، دون أن تكون هناك رؤية شاملة للاقتصاد، لذلك طلب جلالة الملك من الحكومة إعداد خطة بعيدة المدى للسنوات العشر القادمة، توضح من خلالها معالم الطريق للاقتصاد الأردني، بحيث لا يتفاجأ المستثمر باستحداث ضرائب جديدة لم تكن موجودة قبل الشروع بتنفيذ استثماراته، فالمستثمر الذي يبني نموذجه في الاستثمار على عدم وجود ضريبة أو على نسبة محددة من الضرائب، ثم يتفاجاً بعد فترة برفع نسبة الضرائب فهذا يعني أن نموذجه في الاستثمار سيتأثر، وهذا الأمر من شأنه أن يبعث برسائل سلبية للمستثمرين عن بيئة الاستثمار في الأردن، إمكاناتنا محدودة، وإن لم ننجح في جلب الاستثمارات الخارجية سيبقى النمو الاقتصادي متدنياً ويرواح مكانه دون أن نتمكن من حل مشكلتي الفقر والبطالة وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
ويضيف أن الضريبة التصاعدية لن تحقق العدالة ما لم تنظر إلى العائد نسبة إلى رأس المال، أما أن ينظر إلى العائد بشكل مجرد فهذا فيه إجحاف لمن يملك رأس مال أعلى لأن أرباحه ستفرض عليها ضريبة أعلى، ومن يملك رأس مال أقل ستكون أرباحه أقل وبالتالي ستكون الضريبة أقل مع أن نسبة أرباحه إلى رأس المال قد تكون أعلى من ذلك الذي يملك رأس مال أعلى منه وهذا فيه إجحاف وظلم، أما على الأفراد فهو مع الضريبة التصاعدية.
الدكتور محمد أبو حمور أردني يحق للأردن أن يفتخر بأنه ينجب رجالاً مثله، فسجله الناصع المليء بالإنجاز والعطاء، والمناصب الكثيرة التي تولاها ولم تضع في نفسه ذرة من كبر أو غرور، والإنجازات الكبيرة التي حققها بصمت العامل المجتهد، تجعل من احترام الرجل حق له وواجب على كل أردني يحب الأردن ويسعى لرفعته وازدهاره.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-9Ow