مال وأعمال تلتقي مع النائب السابق ردينة العطي…
شهد المجتمع الأردني خلال العقود الماضية تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية هامة، كان أبرزها تنامي مشاركة المرأة في الحياة العامة، وفي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وذلك بفضل ادارك القيادة الحكيمة في الاردن وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وجلالة الملكة رانيا العبدالله بضرورة واهمية إعطاء المرأة الفرصة الكافية للمشاركة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الامر الذي مكن المرأة من المساهمة في التطورات التي شهدها الاردن على مدار السنين وفي كافة المجالات. من هنا استطاعت المراة الاردنية تحقيق نجاحات كبيرة في المجالات السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية وغير ذلك، وكان لها دوراً بارزاً في التنمية الشاملة, وللحديث اكثر عن دور المراة ومشاركتها في التنمية الشاملة كان لمال وأعمال هذا اللقاء مع سعادة النائب السابق ردينة العطي, واليكم الحوار…
مال وأعمال…. من هي الدكتورة ردينة العطي؟
د.ردينة العطي… الدكتورة ردينة العطي مواطنة أردنية وضعت نصب اعينيها العمل على مساعدة أبناء منطقتها في الوصول إلى مستوى من الوعي بضرورة التفاعل والتكامل المجتمعي, ومن هنا بدأت الانخراط في العمل التطوعي ومن خلال خبرتي في العمل الرسمي وأقصد عملي في بلدية الرصيفة كعضو مجلس بلدي وصولا إلى مجلس النواب لمرتين متتاليتين.
ود.ردينة العطي أمرأة فرض عليها واقعها الإجتماعي وبيئتها الحاضنة أن تتصدى لكل المفاهيم المغلوطة والمشوهة حول دور المرأة في العمل المجتمعي وهذا التحدي جعلني ألتفت إلى هذا التشوه وفُرض علي الانخراط بالعمل السياسي والإجتماعي والأهلي والمدني من أجل تصحيحه وترسيخ مفهوم أن النوع الإجتماعي هو نوع بيولوجي وليس نوعا ترتيبيا مما دفعني لتأسيس جمعية نشميات الأردن الخيرية ومن خلال العمل فيه خضت معركة حقيقية مع كل من كان يرسخ مفهوم التفرقة على قاعدة النوع الإجتماعي مما انعكس على مسيرتي .
وقد فوجئت بأن الوصول والتواصل مع البنى الإجتماعية جعلني أعيد حساباتي لكون البيئة الحاضنة التى أنتمي إليها كانت متقدمة تماما في وعيها ومفاهيمها ولكن كانت تنتظر بشغف من يأطر عملها ويمنهج مسيرتها من أجل الخدمة العامة للواء الرصيفة.
مال وأعمال…. كأمرأة قيادية ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتها ؟
د.ردينة العطي… هذا السؤال يجب ان يكون سهلا على كل مسؤول إلا أنه صعب جدا عندما تعمل في بيئة محافظة وحاضنة وطنية لم تكن لتتقبل المرأة كقيادية, الا انني وفي خضم عملي تلمست أن هذه البيئة قادرة على التفاعل والتواصل والمبادرة مما جعل الصعوبات ليست فقط في ألية التواصل ولكن في المبادرة والمثابرة لأن متطلباتها عالية جدا واستعداد أبنائها فاجئني ولذلك جعلني اعمل بطاقة مضاعفة لتلبية شغف بيئتي الحاضنة للعمل الإجتماعي والتطوعي والخيري؛ من هنا تحديت نفسي قبل أن أتحدى ظروفي الصعبة وبدأت العمل بأقصى طاقة لدي وذللت الصعاب من أجل ذلك .
مال وأعمال…. كيف ترين دور المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الأردن ؟
د.ردينة العطي… حتى أكون منصفة مفهوم التفرقة على قاعدة النوع الإجتماعي هي سمة من سمات الوطن العربي ولكني أرى أن واقع المرأة الأردنية ومشاركتها في الحياة السياسية قد تطور بشكل استثنائي مقارنة مع دول الجوار كما لعبت الكوتا النسائية دورا تأهيليا لتطوير واقع المرأة الأردنية وتوسيع دائرة مشاركتها في الحياة السياسية من خلال تدرج ملفت للنظر قاده باقتدار جلالة الملك المفدى وترجم من خلال الإشراف المباشر من قبل جلالة الملكة رانيا العبدالله؛
وأعني هنا بالتدرج ما يلي …
عملت الدولة الأردنية على تشجيع انخراط المرأة في العمل الاجتماعي والتطوعي مما أسهم في سجل خبراتها وآلية تفاعلها مع المؤسسات الأهلية والمدنية والرسمية وغير الرسمية .
وهذا بدوره جعل المرأة تطمح في الوصول إلى مواقع القرار السياسي وجعلها تنخرط انخراطا غير مسبوق في الحراك الإنتخابي مما أدى إلى تقبل العامل الاجتماعي لوجود المرأة في مركز القرار لان دورها كان فاعلا جدا على الصعيد الإجتماعي.
وهذه هي أحدى إبداعات النظام السياسي الأردني في التدرج في إعادة تشكيل الوعي الإجتماعي في تقبل تصدر المرأة للعمل السياسي لخلق توازن حقيقي ما بين واقعي كمرأة تقود هذه المبادرة وما بين المتطلبات الأسرية التي كانت تتفاقم بالتوازي مع أعمار أبنائي ومتطلباتهم كأم, وقد ساعدني بهذا الإطار وبكل شفافية زوجي الذي كان سندا حقيقيا ومتفهما لواقع أنني نائبا عن الوطن وقائدة في العمل الاجتماعي والتطوعي والخيري .
مال وأعمال … عرف عنك بنشاطك اللامحدود في الأعمال الخيرية والتطوعية بماذا تودين الحديث حول هذا الجانب المتشعب لديكي لقراء مال وأعمال ؟
د.ردينة العطي… نعم ؛ لقد نوهت سابقا أن البيئة في محافظة الزرقاء وخاصة في لواء الرصيفة تملك من الوعي ما يجعل من يتصدر لقيادة العمل الإجتماعي قادر على أن يكون قادرا على تلبية هذه المتطلبات والاحتياجات لذا جعلتني منهمكة في كافة المجالات المدنية وهذا التشعب ساهم في صقل تجربتي وجعلني على إستعداد للتصدي لكل المبادرات وقيادتها والتحفيز على التفاعل البيني بين جميع مكونات المجتمع .
وفي الحقيقة هذا الامر فرض علي آليات مطلقة لتترجم بأن المرأة هي الرافعة الحقيقة لتشكيل الوعي المجتمعي.
مال وأعمال… ما هي انجازات ردينة العطي خلال فترة وجودك في مجلس النواب؟ ثم ماذا؟
د.ردينة العطي… الاجابة على هذا يتطلب صفحات وصفحات ولكنني أختصر بما يلي
اثناء وجودي في مجلس النواب كان هدفي الرئيسي والاساسي هو أن أرفع من مستوى الخدمات الإجتماعية والبنيوية للواء الرصيفة ومحافظة الزرقاء, وذلك لأن المحافظة وخاصة في لواء الرصيفة يفتقر لبنية تحتية على قاعدة التهميش غير المنظم أو الممنهج بحكم موقعه الجغرافي ما بين كتلتين ديمغرافيتين هائلتين هما العاصمة السياسية عمان والعاصمة الإقتصادية الزرقاء, مع ذلك كنت حريصة كل الحرص على الوقوف بكل جبروت مع مشاريع القوانين التي كانت من وجهة نظري ستنعكس على واقع حياتنا اقتصاديا وسياسيا لوطننا الحبيب .
وكنت حريصة تماما على عكس صورة المرأة الأردنية وقدرتها وأمكاناتها وعملت بجهد كبير من أجل جعل مشاريع القوانين تكون أكثر التصاقا بهموم المرأة وواقعها الإجتماعي والاقتصادي مما أدخلني في كثير من الأحيان في صراع مع قوى الشد العكسي التي كانت تناضل من أجل إبقاء المرأة الأردنية في بوتقتها الأسرية المهزولة.
كما جعلني أحدى المدافعات الحقيقيات عن رؤى جلالة الملك في جعل المرأة الأردنية جزءا لا يتجزأ من روافع الإصلاح السياسي و الإقتصادي والاجتماعي الذي يخوضه الأردن في برنامجه للإصلاح الشامل.
مال وأعمال… ما هي الرسالة التي تودين توجيهها من خلال هذه الاسطر؟
د.ردينة العطي… رسالتي تتمحور بأن المرأة الأردنية خاصة والعربية عامة عليها أن لا تتردد في الانخراط في العمل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لأن ذلك سيجعلها رقما صعبا جدا في كل التشريعات الخاصة ليس بالأسرة والمجتمع فقط ولكن جزءًا لا يتجزأ من القرارات الخاصة في الهموم السياسية العامة للوطن .
وذلك يتطلب تشكيل وعي من الأسرة مرورا بالمؤسسات الإجتماعية وصولا إلى التنمية السياسية الحقيقية فهي الوحيدة القادرة على التأثير المباشر في صقل الوعي الإجتماعي وأعداده ليتناهى ويتكامل مع التطور المتدرج الحاصل في الوطن كما ان المهمة الأساسية التي أود أن اوجهها من خلال تجربتي هي أن العامل الحاسم في ترسيخ وعي الوسطية والاعتدال يعود بشكل أساسي على المرأة الأردنية العربية وعلى المرأة المسلمة بشكل عام وهذه المهمة تلمست انعكاساتها المباشرة الحقيقية خلال عملي الإجتماعي والسياسي لذا وصلت إلى قناعة مطلقة بأن المرأة هي الرافعة الحقيقة لتشكيل الوعي المجتمعي.