مجلة مال واعمال

دعم النمو الشامل يعزز الاستقرار الاقتصادي في الدول العربية 

-

27

أصدر صندوق النقد العربي العدد الرابع والثلاثين من “التقرير الاقتصادي العربي الموحد” لعام ،2014 الذي يتناول التطورات الاقتصادية في الدول العربية . يعتبر التقرير الاقتصادي العربي الموحد نموذجاً للتعاون المثمر بين مؤسسات العمل العربي المشترك، حيث يشارك في إعداده كل من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق النقد العربي ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (الأوابك) .
يتناول التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2014 تحليلاً للتطورات الاقتصادية التي شهدتها الدول العربية خلال عام 2013 . يبدأ باستعراض مختصر لأداء الاقتصاد العالمي، ثم ينتقل إلى الاقتصادات العربية مبتدئاً بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ثم التطورات في قطاعات الزراعة والصناعة والنفط والطاقة . يستعرض التقرير بعد ذلك تطورات المالية العامة والتطورات النقدية والمصرفية وتطورات أسواق المال العربية، ثم ينتقل إلى التجارة الخارجية والتجارة البينية وموازين المدفوعات والدين العام الخارجي وأسعار الصرف . وكمحور لهذا العام يتناول التقرير موضوع إصلاح دعم الطاقة في الدول العربية .
بعد ذلك يقدم التقرير عرضاً للعون الإنمائي العربي . وفي إطار إبراز أهمية التعاون الاقتصادي العربي المشترك، يتناول تقرير هذا العام أيضاً فصلاً عن التعاون العربي في مجال كفاءة الطاقة، ويختتم التقرير بفصل يستعرض أوضاع الاقتصاد الفلسطيني .
يظهر التقرير أن أداء الاقتصادات العربية تأثر بعدد من العوامل خلال العام، فمن جهة تراجعت معدلات النمو المسجلة في الدول العربية المُصدرة للنفط انعكاساً لانخفاض كميات الإنتاج النفطي في بعض تلك الدول، إضافة إلى تأثير تراجع الأسعار العالمية للنفط . من جهة أخرى، استمر تأثر مستويات النشاط الاقتصادي في الدول العربية المستوردة للنفط بظروف تباطؤ معدلات نمو الطلب العالمي واستمرار تداعيات التحولات السياسية التي تمر بها بعض بلدان المنطقة . كمحصلة لهذه التطورات، سجل الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بالأسعار الثابتة معدل نمو بلغ 2 .4 في المئة عام ،2013 وهو معدل نمو لايزال أقل من معدل النمو المسجل على مستوى مجموعة الدول النامية والأسواق الناشئة البالغ 7 .4 في المئة خلال العام .
الإيرادات المالية
في مجال المالية العامة، أدت التطورات السابق الإشارة إليها إلى تراجع الإيرادات المالية في بعض الدول العربية النفطية . كما أن وضع الاقتصاد العالمي المتقلب ساهم بقدرٍ كبير في خلق ظروف غير مناسبة لتحقيق معدلات نمو بوتيرة مرتفعة في بعض الدول العربية، مما قلص من فرص هذه الدول في تحقيق عوائد مالية أعلى خلال عام ،2013 وهو أمر ضروري لدعم جهود التعزيز المالي .
إلا أنه يجب التنويه أن دولاً عربية أخرى قامت ببذل جهود حثيثة لزيادة الإيرادات الضريبية من خلال تنفيذ إصلاحات مالية مختلفة كان لها مردودها الإيجابي على الموازنة العامة . وعلى ضوء ما سبق فقد تراجع إجمالي الإيرادات العامة والمنح للدول العربية كمجموعة بنسبة بلغت 1 .4 في المئة في عام 2013 ليصل إلى حوالي 1014 مليار دولار .
فيما واصلت الدول العربية خلال العام سياساتها الرامية لضبط مستويات الانفاق العام لتعزيز جهود تحقيق الانضباط المالي، وهو ما أسفر عن نمو النفقات العامة في الدول العربية بنسبة محدودة بلغت 5 .2 في المئة خلال العام لتصل إلى نحو 914 مليار دولار .
وكمحصلة لهذه التطورات تراجع فائض الموازنة العامة المُجمعة للدول العربية بنحو 66 مليار دولار ليبلغ زهاء 99 مليار دولار في عام 2013 (نحو 6 .3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية) .
أسواق المال العربية
بالنسبة للتطورات النقدية والمصرفية وأسواق المال العربية، يشير التقرير إلى مواصلة المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية جهودها لحفز النمو الاقتصادي خاصة في أعقاب اتجاه عدد من دول المنطقة إلى البدء في سحب جرعات التنشيط المالي التي تبنتها في أعقاب الأزمة المالية العالمية، بهدف تعزيز الانضباط المالي .
كذلك واصلت السياسات النقدية في بعض الدول العربية استهدافها دعم الاستقرار المالي، وتشجيع وزيادة معدلات نمو الائتمان الممنوح لبعض القطاعات، لاسيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتمويل العقاري .
أما على صعيد القطاع المصرفي، فقد استمر الأداء الإجمالي لهذا القطاع إيجابياً . فقد شهدت التسهيلات الائتمانية المُقدمة للقطاع الخاص، وكذلك الودائع الإجمالية نمواً بنسب تفوق النسب المحققة في العام الماضي .
كذلك تحسنت مؤشرات الربحية لأغلب المصارف العربية لهذا العام .

وفيما يتعلق بتطورات أسواق المال العربية، شهد عام 2013 تحسناً كبيراً في القيمة السوقية الإجمالية لمجموع البورصات العربية، فقد ارتفعت القيمة بنحو 2 .24 في المئة خلال العام لتبلغ نحو 1138 مليار دولار، لتكسب البورصات ما مقداره 222 مليار دولار من قيمتها السوقية .
القطاع الخارجي
أما على صعيد القطاع الخارجي، فتأثر أداء موازين مدفوعات الدول العربية خلال عام 2013 بانخفاض مستويات الطلب الخارجي الناجم عن استمرار ضعف الأداء في منطقة اليورو، الشريك التجاري الأبرز لعدد من دول المنطقة . كما تأثرت تلك الموازين سلباً بتراجع مستويات الإنتاج من النفط في عدد من الدول العربية المصدرة، إضافة إلى تأثير تراجع الأسعار العالمية للنفط من مستوى 5 .109 دولار/برميل الى 9 .105 دولار/برميل في عام 2013 . وكان لتواصل تأثر دول التحولات السياسية بالظروف التي تمر بها وتأثيرها في الدول العربية المحيطة، الأثر الأكبر في استمرار تراجع المصادر الرئيسية للإيرادات في موازين تلك الدول وخاصة السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، الامر الذي ادى الى تعرض الاحتياطيات الخارجية لتلك الدول الى ضغوط خلال العام . نتج عن هذه التطورات تراجع الفائض الكلي لموازين مدفوعات الدول العربية ليصل الى مستوى 108 مليارات دولار خلال عام 2013 مقارنة مع مستوى 179 مليار دولار خلال عام 2012 .

دعم الطاقة

يؤكد التقرير في فصل خاص حول “إصلاح دعم الطاقة في الدول العربية”، أن إصلاح دعم الطاقة لابد وأن يستمر على رأس الأولويات على صعيد سياسات الاستقرار الاقتصادي ودعم النمو الشامل في الدول العربية في المرحلة المقبلة . يشير التقرير إلى أن استمرار نظم الدعم بصورتها الحالية لا يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية أو تحقيق الاستدامة المالية وشمولية النمو الاقتصادي، خاصة على ضوء ارتفاع كُلفة برامج دعم الطاقة في المنطقة بشكل كبير مقارنة بالمستويات المُسسجلة عالمياً . ورغم أهمية موضوع إصلاح برامج دعم الطاقة، إلا أن هذا الأمر لا يزال تكتنفه العديد من التحديات خاصة في المرحلة الراهنة . في هذا السياق يشير التقرير إلى أهمية قيام الدول العربية بتبني استراتيجيات شاملة لإصلاح قطاع الطاقة، يتم صياغتها بمشاركة كافة الأطراف الفاعلة وفق منهج تدريجي لتحرير الأسعار لضمان إتاحة الفرصة للقطاعات الاقتصادية لتعديل نمط استهلاك الطاقة من جهة، ولتوفير الوقت الكافي للحكومات لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي من جهة أخرى، التي تعد في حد ذاتها ضمانة رئيسية لنجاح برامج إصلاح دعم الطاقة .